يُعرّف الأذان في اللغة بأنّه صوت نداء المؤذن للصلاة، وهو مُشتق من الفعل (أذِنَ)، يُقال أذّن فلان؛ أي أكثر الإِعلام بالشيءِ، وهو نداءٌ للصلاة، وإعلام بوقت الصّلاة بألفاظ معلومة مأثورة، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فهو: الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكرٍ مخصوصٍ، وقد يكون للإعلام بقرب دخول وقت الصلاة، كأذان الفجر الأول الذي يُنبِئ بقرب وقت صلاة الفجر، ويتساءل الكثير من المسلمين هن حكم إجابة المؤذن وما يتعلق بالأذان من أحكام.
حكم إجابة المؤذن
حكم إجابة المؤذن هو الاستحباب، حيث يُستحب عند المذاهب الفقهية الأربعة إجابة المؤذن بمثل ما يقول، فعن عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (إذا سَمِعتُم المؤذِّنَ فقُولوا مثلَ ما يقولُ). (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 384 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
والدليل على أن الأمر في الحديث للاستحباب وليس للوجوب، ما جاء عن ثَعلبةَ بن أبي مالكٍ القُرَظيِّ، أنَّه أخبره أنَّهم كانوا في زمانِ عُمرَ بن الخطَّاب، يصلُّون يومَ الجُمُعة، حتى يخرُجَ عُمَر، فإذا خرَج عُمَرُ، وجلس على المِنْبَر، وأذَّن المؤذِّنونَ – قال ثعلبةُ – جلَسْنا نتحدَّث، فإذا سكَت المؤذِّنون وقام عمرُ يخطُب، أنصَتْنا، فلم يتكلَّم منَّا أحدٌ. (( الراوي : ثعلبة بن أبي مالك القرظي | المحدث : النووي | المصدر : الخلاصة، الصفحة أو الرقم: 2/808 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) فلو كان حكم إجابة المؤذن الوجوب، لَمَا جلس الصحابةُ يتحدَّثون.
اقرأ أيضا: بماذا صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد
إجابة المؤذن
شُرع الأذان لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة بألفاظٍ محدّدةٍ معلومةٍ، وسنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأصحابه إن سمعوا الأذان أن يقولوا مثل قول المؤذّن، فإن نادى: “حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح”، قالوا: “لا حول ولا قوة إلّا بالله”، وباقي ألفاظ النداء يكررها المستمع من خلف المؤذّن كما هي؛ كالتكبير، والتهليل، والشهادتين.
ذكر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أجرين كريمين لمن لزم الترديد خلف المؤذّن كلما سمع النداء، فقد صحّ عنه أنّه قال لأحد الصحابة عن فضل ومنزلة المؤذّنين فأرشده إلى الترديد خلفهم، فقال: (قُلْ كما يقولونَ فإذا انتهَيْتَ فسَلْ تُعْطَهْ) (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : ابن كثير | المصدر : الأحكام الكبير، الصفحة أو الرقم: 1/228 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد قوي )) فذلك معناه أنّ الدعاء مجابٌ دبر الترديد خلف المؤذّن.
وبيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- فضلاً آخراً لمن ردّد الدعاء المأثور عنه بعد الأذان بقوله: (مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّداءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً الذي وعَدْتَهُ، حَلَّتْ له شَفاعَتي يَومَ القِيامَةِ) (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 614 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) فهذان أجران كريمان ينالهما من لزم الترديد مع المؤذّن والدعاء دبر كلّ أذانٍ.
اقرأ أيضا: أحاديث عن بلال
حكم الأذان
اختلف العلماء في حكم الأذان على النحو التالي:
- الرأي الأول: اعتبر الحنابلةُ الأذانَ فرضَ كفايةٍ؛ إن قام به البعض سقط عن الآخرين؛ نظراً لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أمر به في قوله: (فَلْيُؤَذِّنْ أحَدُكُمْ، ولْيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ) (( الراوي : مالك بن الحويرث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 628 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) كما أنّ السنّة الفِعليّة للنبيّ تؤكّد أنّ الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة، وقال المالكية بوجوب الأذان في كلّ بلدٍ مسلمٍ، وأنّه واجبٌ وجوب السُّنَن في المساجد.
- الرأي الثاني: قال الحنفيّة بأنّ الأذان والإقامة يُسنّان للصلوات الخمس، والجمعة، وعليه فإنّ الصلاة في البيت تجوز دون أذانٍ أو إقامةٍ، ويحسن رفعهما، وقال الشافعية بسُنّية الأذان والإقامة على الكفاية لجماعة المسلمين.
أجمع أهل العلم على أنّ الأذان والإقامة من الشرائع المُتعلِّقة بالصلوات الخمس فقط، ولا خِلاف بين أهل العلم أنّ سائر الصلوات سواءً كانت تُصلّى جماعةً، مثل: صلاة العيدَين، وصلاتَي الكسوف والخسوف، وصلاة الاستستقاء، أو كانت تُصلّى بشكلٍ فرديٍّ، كالضحى، لا يُشرَع لها الأذان أو الإقامة؛ فقيام شهر رمضان، وصلاة العيد، وصلاة الكسوف والخسوف يُنادى إلى كلٍّ منها بقول: “الصلاة جامعةٌ”، أمّا في صلاة الجنازة، وكلِّ نافلةٍ ما عدا القيام والعيد والكسوف والخسوف، فلا أذان لها ولا إقامة، ولا ينادى عليها بقول: “الصلاة جامعةٌ”.
اقرأ أيضا: افضل برامج الاذان
شروط الأذان
تُشترَط في الأذان مجموعةٌ من الشروط بيانها فيما يأتي:
- دخول وقت الصلاة: يُشترَط أن يُرفع الأذان عند دخول وقت الصلاة؛ إذ إنّه شُرِع للإعلام بالصلاة، ولا معنى لرفعه قبلها، بل قد يُؤدّي إلى حدوث لَبْسٍ وخللٍ لدى السامعين.
- الترتيب والموالاة: يُشترَط في الأذان ترتيب عباراته كما رُوِيت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا يجوز تقديم بعضها على بعض، ولا تأخيرها، كما تُشترَط الموالاة في الأذان؛ ويُقصَد بها ألّا يقع فاصلٌ زمنيٌّ بين عباراته، ويُستثنى من ذلك السكوت القصير، أو الكلام لضرورةٍ ما، كتحذير شخصٍ ما من خطرٍ سيقع به.
- صدوره من شخصٍ واحدٍ: فصدور الأذان من اثنين فأكثر قد يُؤدّي إلى وقوع إشكالٍ واختلافٍ.
- اللغة العربيّة: فلا يجوز أن يُرفَع الأذان بلغةٍ غير العربيّة إلّا في حال عدم وجود من يرفعه بها، ويجوز رفع الأذان ممّن لا يُحسن اللغة العربيّة إن رفعه المُؤذِّن له وحده دون جماعةٍ.
- إسماع بعض الجماعة: لا بُدّ من إسماع الأذان للغير حتى وإن كان واحداً، والأفضل إسماعه للجميع، وعلى المُؤذِّن أن يُسمِع نفسه الأذان إن كان منفرداً على أن يكون سمعه سليماً لا علّة فيه.
اقرأ أيضا: دعاء بعد الأذان كامل مكتوب