حكم السحر شرك أصغر لا يخرج عن ملة الإسلام
يُعرَّف السحر في اللغة على أنَّه مصدر من الفعل سحَرَ يسحرُ، واسم المفعول مسحور والفاعل ساحر، والسحر هو صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، وهو عُقد يتحدَّث بها الساحر أو يكتبها حتَّى يؤثر على المسحور بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ويدور في ذهن الكثير من الناس هل حكم السحر شرك أصغر لا يخرج عن ملة الإسلام أنه شرك أكبر؟
حكم السحر شرك أصغر لا يخرج عن ملة الإسلام
حكم السحر شرك أصغر لا يخرج عن ملة الإسلام من العبارات الشائعة ولكنها تحمل خطأ كبيراً، وذلك لأن السحر شرك أكبر، حيث جاء في آية 48 من سورة النساء قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ” وذلك كون السحر كفر ولا يتعاطاه الساحر إلا بعد شركه بالله وعبادته للشياطين، وبذلك فإن عبارة أن حكم السحر شرك أصغر ولا يخرج من الملة هي عبارة خاطئة تماماً، بل يعتبر السحر شرك أكبر ويخرج من ملة الإسلام.
يدل على خطورة السحر قول النبي صلى الله عليه وسلم: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6857 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
وحرّم الإسلام التنجيم كما حرّم السحر، وعدّه جزءاً من السحر، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: “من اقتبس عِلماً من النُّجومِ اقتبس شُعبةً من السِّحرِ زاد ما زاد”. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : النووي | المصدر : تحقيق رياض الصالحين، الصفحة أو الرقم: 536 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
وسبب تحريم التنجيم؛ أنّه قائمٌ على قول المُنجّمين أنّ الكواكب مخلوقاتٍ روحانيّةٍ، فإن تمت مقابلتها بنوع ملابسٍ أو عطرٍ مُعيّنٍ أطاعت صاحبها، وكذلك فإنّ المنجّم يذبح الذبائح ويُقرّب القرابين للكواكب، وكلّ ذلك مُخلٌّ بتوحيد الله تعالى.
اقرأ أيضا: من طرق الرقية الشرعية
السحر
ينبغي العلم بأنّ مذهب أهل السنة والجماعة يرى أنّ السّحر حقيقة لا خيال، وهو أمر ثابت في الأسلام وليس مجرّد أوهام، فالسّحر في اللغة هو صرف الشّيء عن وجهه، بمعنى أنّ الساحر يمكنه صرف الأمور إلى النحو الذي يريده، وطبعًا كلّ ذلك لا يحدث إلّا بأمر الله -تعالى- وإذنه.
وأمّا السحر في اصطلاح الإسلام فهو كما عرّفه ابن قدامة: “عزائم ورُقى وعُقَد يؤثّر في القلوب والأبدان، فيُمرِض ويَقتُل، ويُفرِّقُ بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه”، ومن أنواع السحر أن يستعين الساحر بالشياطين ليُعينوه على ضرر المسلمين، وهذا لا يحدث دون الشرك بالله تعالى؛ فالساحر يتقرّب إلى الشياطين بما يرضيهم كما يتقرّب المسلمون إلى الله -تعالى- بما يرضيه، فلذلك عدّ العلماء الساحر كافرًا قد أشرك مع الله -تعالى- أحدًا في العبودية، وكذلك ثمّة سحر العقد والنّفث، وهو السحر الذي تعرّض له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على يد عدو الله لبيد بن الأعصم.
ولا شكّ أنّ السّحر بذلك يكون كفرًا بالله -تعالى- وإشراكًا به، والسّاحر إذًا كان كافرًا فإنّه يستحقّ العقاب المناسب، وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنّ السّاحر لا يُستتاب، وإنّما يُقتل بضرب عنقه عقوبة له على ما اقترفت يداه الآثمتان، وعند الله -تعالى- يلقى العذاب الحقيقي في الآخرة، وأمّا الإمام الشافعيّ فإنّه يرى أنّ الساحر يُقتل إذا تسبّب بقتل إنسان آخر، ويرى الإمام أبو حنيفة أنّ السّاحر يُقتل إذا تكرّر منه السّحر.
اقرأ أيضا: مقال عن السحر
علاج السحر
إنّ الله -تعالى- حينما أنزل الأدواء أنزل مع كلّ داء دواء، وكذا السّحر فإنّه لا يضرّ إلّا بإذن الله تعالى، ولا يزول إلّا بإذن الله عزّ اسمه، وعلى المؤمن أن يتداوى ويأخذ بالأسباب، وعليه أن يعلم أنّ السحر لا يزول بالسحر؛ فالكفر لا يُعالج بالكفر، وليس للشيطان أن يُزيل عن ابن آدم ما به من مرض، فالسّاحر لا يتعلم السحر إلّا بعد أن يصبح عبدًا للشيطان، ومن يعبد الشيطان فهو كافر بالإجماع.
الحلّ الأمثل للعلاج من السحر هو أن يُعالج بالقرآن الكريم، فيُقرأ على المريض ما تيسّر من القرآن من سورة الفاتحة وآية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوّذتين، وهنالك آيات خاصّة اسمها آيات السحر وآيات الرقية الشرعية، حيث تُكرّر على المريض بحسب حاجته ثلاثًا أو سبعًا، ويُقرأ معها أحاديث نبوية قيلت من أجل الرّقية.
ويجب التّنبّه أن يكون الراقي من المؤمنين الذين يعلمون أنّ الشّفاء كلّه بيد الله تعالى، وأن يكون المُعالَج مؤمنًا أنّ شفاءه بيد الله -تعالى- وحده لا بيد الرّاقي، وقد يكون قد تمّ أجل السحر فيرفعه الله -تعالى- عنه، وإلّا فإنّه يلازمه إلى الموت، وقد يُستعان بأدوية الأطبّاء للمساعدة على الشّفاء.
اقرأ أيضا: ادعية فك السحر والعين والحسد
حكم الذهاب للسحرة لعمل سحر
حرّم الإسلام التعامل بالسحر والذهاب للسحرة تحريماً قاطعاً، وجعل ذلك جريمةً عظيمةً، وذكرها من ضمن السبع الموبقات وهنّ المُهلكات اللواتي يُهلكن صاحبهنّ؛ لِما في ذلك من ضررٍ عائدٍ على المتعامل بها في الدنيا والآخرة، ولم يكن التحريم للذهاب للسحرة لعمل السحر وحسب، بل ورد تحريم السحر لعلاج السحر كذلك، فإنّ من أصابه سحرٌ يحرم عليه التداوي بسحرٍ آخرٍ؛ لأنّ السحر يستوجب التعامل مع الشياطين، وزيارة الكهنة، وسؤال العرّافين والمشعوذين والعمل بما يقولون، وكل ّذلك مُحرّمٌ في شريعة الله تعالى.
اقرأ أيضا: حكم من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول