من هم آل بيت الرسول
لا يوجد اختلاف بين مصطلح آل البيت وأهل البيت من الناحية اللغوية، والأهْل في اللغة: مصدر أَهَلَ، وتَرِد بأكثر من معنى في اللغة، منها: الزوجة، والأسرة، والعائلة الكبيرة؛ أي الأقارب، ويُقال: أهل الدار؛ أي سُكّانها، ويسأل الكثير من المسلمين هل المقصود بـ آل بيت الرسول هم أزواجه وذريته أم قبيلته أم أمته؟
آل بيت الرسول هم
آل بيت الرسول هم أزواج النبيّ وذُرّيته من نَسل عبد المطلب؛ أي بنو هاشم بن عبد مناف؛ فعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- رفض أن يمنحه شيئاً من الصدقات، وكذلك الفضل بن عبّاس، وقال لهما: (إنَّ هذِه الصَّدَقاتِ إنَّما هي أوْساخُ النَّاسِ، وإنَّها لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، ولا لِآلِ مُحَمَّدٍ). (( الراوي : عبدالمطلب بن ربيعة بن الحارث | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1072 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
هناك بعض العلماء الذين يرون أن آل بيت الرسول لا يشتمل على زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال البعض بان آل البيت هم قريش، ومنهم من قال إن آل البيت هم جميع الأنبياء والأتقياء من أمته من بعده، كما قيل بأن آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم هم أمته التي تبعته جميعًا.
آل البيت في الاصطلاح الشرعيّ هم: آل بيت النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فيُقال: أهل البيت، كما يُقال: آل البيت، ويُقصَد بهما كما بيّن ذلك ابن الجوزيّ: الأهل والقرابة المُعتمَد فيهما على النَّسب، أو الأتباع بسببٍ ما، كما ورد في قول الله -تعالى-: (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، وحقيقة استعمال لفظ آل البيت يدلّ على آل البيت في السكن، ويدل مجازاً على آل البيت في النسب، وقد خاطب الله -تعالى- زوجات النبيّ وأطلق عليهنّ اسم (أهل البيت) بعد أن أمرَهنّ بالحجاب، فقال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
اقرأ أيضا: أحاديث عن زوجات الرسول
فضل آل بيت الرسول
وردت العديد من الأحاديث التي تُبيّن فضل آل البيت، وفيما يأتي بيان البعض منها:
- ما ورد في صيغة الصلاة على النبيّ؛ إذ أرشد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أصحابه -رضي الله عنهم- والمسلمين إلى صيغة الصلاة عليه، كما ثبت في الصحيح من قوله: (قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ) (( الراوي : كعب بن عجرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3370 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) فقُرِنت الصلاة على النبيّ بالصلاة على آله؛ لفَضلهم، ومكانتهم، وعظيم قَدْرهم.
- ما رُوِي في فضل فاطمة -رضي الله عنها- من قول أم المؤمنين عائشة، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال للزهراء: (أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لذلكَ). (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2450 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- ما ثبت من الأحاديث في فَضل الحسن والحسين؛ ابنَي عليّ بن أبي طالب، كقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ). (( الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : ابن حبان | المصدر : المقاصد الحسنة، الصفحة أو الرقم: 225 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- ما جاء من الأحاديث في فضائل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ومنها ما رُوِي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال لعلي: (أَما تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى؟ إلَّا أنَّهُ لا نُبُوَّةَ بَعْدِي. وَسَمِعْتُهُ يقولُ يَومَ خَيْبَرَ لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسولُهُ قالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقالَ: ادْعُوا لي عَلِيًّا). (( الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3706 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
اقرأ أيضا: أحاديث عن الزهراء
حقوق آل البيت
تترتّب العديد من الحقوق لآل بيت الرسول-عليه الصلاة والسلام-، وفيما يأتي بيان البعض منها:
لم يرد أيّ خلافٍ عن العلماء فيما يتعلّق بمودّة آل البيت، ومحبّتهم، بل ورد الاتِّفاق على ذلك؛ فمحبّتهم فرعٌ من محبّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كما أنّه أوصى بهم خيراً.
يجب على المسلم توقير آل بيت النبيّ، وموالاتهم، ونُصرتهم، وإكرامهم، والاقتداء بهم، والسَّير على خُطاهم في الدين ما داموا مُتمسِّكين بالقرآن الكريم، والسنّة النبويّة.
يجب على المسلم الصلاة عليهم؛ فقد ذكر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ الصلاة عليه متبوعةٌ بالصلاة عليهم، وذلك ما ورد في صحيح البخاري عن أبي حميد الساعدي، أنّ النبيّ أرشد الصحابة إلى الصلاة عليه، وعلى آله، بقول: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ). (( الراوي : أبو حميد الساعدي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6360 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
ولآل البيت حقٌّ ماليٌّ في بيت مال المسلمين؛ وذلك بإعطائهم خُمس الخُمس من الغنيمة والفيء*، قال -تعالى- عن حقّهم في الغنيمة: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى)،وقال عن حقّهم في الفيء: (مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ).
يتعين على المسلم مُناصرة آل البيت، والبذل والعطاء لهم، والدفاع عنهم، وذكر محاسنهم، وفضائلهم، ومُراعاتهم، وحُسن مداراتهم، وتقديم النصيحة للمُسيء منهم، وأمره بالمعروف، ونَهيه عن المنكر، والرحمة به، والشفقة عليه.
اقرأ أيضا: أحاديث عن حب الرسول