سبب بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
أرسل الله تعالى الرسل والأنبياء وجعل لرسالاتهم أهدافًا وأسبابًا، وختم بالنبي محمد كل الرسالات السماوية والأنبياء، وحفظ الإسلام بكل تشريعاته وأحكامه وعباداته إلى يوم الدين، وقد يتساءل الكثير من الناس عن سبب بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.
سبب بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
إنّ لبعثة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من الأسباب التي نزلت من أجلها، فقد جاءت البعثة لتقوّم وتصحح الكثير من المفاهيم ومن هذه الأسباب:
- التبشير والإنذار: فقد أرسل الله تعالى البعثة على سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لإبلاغ الناس وتوصيتهم باتّباع أحكام الدين وتشريعاته، ولكي يبشر الصالحين بالجنة والفوز العظيم، وينذر الضالّين من عذاب جهنم وعقاب الله تعالى، فقد قال تعالى في كتابه الكريم: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا”.
- إتمام مكارم الأخلاق: فقد نزلت البعثة النبوية بين العرب وخصوصًا قريش، ولا خلاف في أن العرب قبل الإسلام كانوا يتمتعون بالأخلاق الحميدة كما كان لديهم بعض العادات السيئة، فقد جاءت البعثة لتتمم وتكمّل مكارم الأخلاق وفضائله وتصحح ما هو مغلوط فيها، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”إنما بُعِثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ“. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 9/18 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح ))
- تعيلّم الناس الحكمة: فقد أرسل الله تعالى البعثة النبوية على النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لينقل الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهداية، ليخبر الناس بأحكام الدين ويعلّمهم القرآن الكريم ويخبرهم به، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: “هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ”.
اقرأ أيضًا: اسئلة دينية اسلامية للمسابقات
حياة الرسول قبل البعثة
عاش النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حياته قبل البعثة كغيره من الناس يعمل ليكسب قوته، ويجتمع مع الناس من قومه، ويشاركهم في الاجتماعات والمفاوضات، حتى أنّه حارب مع قريش وهو ابن أربعة عشر عامًا في معركة مع هوزان ليصدّوا هجومهم على الحرم في مكة، وعمل حينها على مساعدة أعمامه في جمع السهام وإعطائهم إيّاها.
وقد عمل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في بداية صباه في رعي الغنم، فكان يأخذ الغنم من أهل مكة ويرعاها لهم مقابل أجره؛ ليساعد عمّه في كسب القوت، والجدير بالذكر أن رعي الأغنام هي مهنة مشتركة بين كثير من الأنبياء عليهم السلام، وهي مهنة تعلّم الإنسان الصبر و التّحمل والقوة والتواضع، ثم بعد ذلك تعلّم أصول مهنة التجارة من خلال خروجه مع عمّه في القوافل التجارية وذلك في بداية شبابه صلّى الله عليه وسلّم، وقد انتشر اسمه كتاجرٍ أمين بين الناس بسرعة كبيرة حتّى أنّه لُقب بالصادق الأمين؛ لشدّة صدقه وأمانته في التجارة.
تزوج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- بعد أن شاركها في قافلة تجارية، وأنجب منها ذريّته وأولاده، وكانت هي أول من آمن بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، وعلى الرغم من مخالطة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قريشًا وعيشه معهم إلّا أنّه كان غير مقتنع بشعائرهم الدينية وعبادتهم للأصنام والأوثان، فكان كثير الخروج إلى غار حراء، حتّى أنّه كان يجلس فيه لأيام عديدة حتى ينفذ زاده من الطعام والشراب، وكان يجلس فيه ليتفكر في عظمة الخلق والكون.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن شمائل الرسول
أحداث البعثة
اهتمّ العلماء بسيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وبالأحداث التي مرّ بها في حياته، ومن هذه الأحداث بدء نزول الوحي عليه، وكان ذلك لمّا بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- الأربعين من عمره، وهو السن الذي يكون الإنسان فيه قد بلغ سن الكمال والرشد، وقد بدأت آثار النبوّة تظهر على النبي بالرؤيا الصادقة، فكان النبي لا يرى الرؤيا إلا وتتحقّق مثلما جاءت، وبقيت هذه الفترة مدة ستة أشهر، وبعد هذه الفترة نزل الوحي جبريل على النبي وأنزل عليه قرآناً وهو في غار حراء وكان عمره -صلّى الله عليه وسلم- حينها أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، واثنا عشر يوماً.
قال له جبريل -عليه السلام-: اقرأ، فقال النبي: ما أنا بِقارئ، وكرّرها على النبي ثلاث مرات، وبعدها قال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، فرجع النبي إلى زوجته خديجة خائفاً مرتجفاً، وأخبرها بما رأى وشاهد في غار حراء، ورؤيته لجبريل، فقالت له: “كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتُعين على نوائب الدهر”، ومدحته بصفات كثيرة وطمأنته.
ذهبت السيدة خديجة بالنبي إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتُخبره بما حصل مع النبي؛ لأنه كان نصرانياً وعنده علم بالكتب السابقة، فقال لها: إن كان حقاً ما قلتِ فهو الناموس الأكبر الذي نزل على موسى، وإنه نبي هذه الأمة، وبعد فترة من هذا الحدث تأخّر نزول الوحي على النبي فاغتمّ لذلك وبقي ينتظر الوحي.
استمر النبي على هذه الحالة مدة طويلة، وبعد ذلك رأى جبريلاً جالساً على كُرسيٍّ بين السماء والأرض وبشّره بالنبوة، فخاف النبي من رؤيته ورجع إلى خديجة وهو يقول: زمّلوني، دثّروني، فأنزل الله عليه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)، فكانت هذه الآية نداءً للنبي -صلى الله عليه وسلم- لحمل التّكليف بمهمّة دعوة الناس إلى الإسلام.
ولمّا بدأ النبي بدعوته كان أول من أسلم معه زوجته خديجة، فصدّقته بما جاء به من ربّه، وناصرته لتُخفّف عنه ما يلاقيه وما يكرهه ممن رفضوا دعوته وكذبوا بها، ثم أسلم أبو بكر وحمل همّ الدعوة مع النبي وسخّر كل ما يملك لخدمة الدين والنبي، ثم أسلم علي بن أبي طالب وكان عمره عشر سنين، ثم أسلم زيد بن حارثة، فأسلم معه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فكان هؤلاء الثمانية من السابقين إلى الإسلام والتصديق بالنبي.
اقرأ أيضًا: ما هو مفهوم البعثة النبوية