مقاصد سورة الناس

تعظم مقاصد سورة الناس لأنها تُعتبر آيات بيّنات يلجأ بها المؤمن إلى الله عز وجلّ، فيتمسّك ويعتصم به من شرور الشيطان، الذي دائماً ما يوسوس في صدور الناس بالسر والعلن، فعلى المؤمن أن يواجه شياطين الإنس والجان من خلال التحصّن بقوّة اليقين والثقة برب العزّة وقدرته.

مقاصد سورة الناس

مقاصد سورة الناس

تتمثل مقاصد سورة الناس الإجمالية في الاعتصام بالإله الحق من شر الخلق الباطن، واسمها دال على ذلك لأن الإنسان مطبوع على الشر، وأكثر شره بالمكر والخداع، وأحسن من هذا أنها للاستعاذة من الشر الباطن المأنوس به المستروح إليه، فإن الوسوسة لا تكون إلا بما يشتهي، والناس مشتق من الأنس، فإن أصله أناس، وهو أيضاً اضطراب الباطن المشير إليه الاشتقاق من النوس، فطابق حينئذ الاسم المسمى.

يُعتبر مقصود هذه السورة معلول لمقصود الفاتحة الذي هو المراقبة، وهي شاملة لجميع علوم القرآن التي هي مصادقة الله ومعاداة الشيطان ببراعة الختام وفذلكة النظام، كما أن الفاتحة شاملة لذلك لأنها براعة الاستهلال، ورعاية الجلال والجمال، فقد اتصل الآخر بالأول اتصال العلة بالمعلول، والدليل بالمدلول، والمثل بالممثول، والله المسؤول في تيسير السؤل، وتحقيق المأمول، فإنه الجواد ذو الطول، وبه يستعان وعليه التكلان.

جاءت مقاصد سورة الناس التفصيلية على النحو التالي:

  • الإقرار بربوبية الله تعالى وأنه وحده المالك لكل شيء في هذا الكون والمستحق للعبودية، فهو الرب والملك والإله الذي يُستعاذ به ويُلتجأ إليه من كل شر.
  • تكريم الله لبني آدم، حيث خصّ الله تعالى الناس من بين جميع المخلوقات المربوبة، ومن باب التشريف أنه أخدم لهم الملائكة، وذلك لأن العدو الأزلي إبليس متربص بالناس، وتلقى الشياطين وساوسهم إلى الناس لكي يُضلونهم.
  • التأكيد على أن الله تعالى هو الملك الحق، الغني عن الخلق، الذي له السلطة العليا في الناس، وله الملك الكامل، والتصرف الشامل، الذي له الأمر النافذ في خلقه، ينفذ فيهم أمره وحكمه، كيف شاء، ومتى شاء.
  • الإشارة إلى أن “الله” هو المعبود، وهذا الوصف جامع لكافة صفات الكمال والجلال؛ لذلك يتضمن لفظ “الله” كافة الأسماء الحسنى، فهو الاسم الجامع لأنه به دلالة على آلوهيته للناس، وتألُّه القلوب بعظمته.
  • توسيط صفة الملك بين الربوبية والإلهية؛ لأن الملك هو المتصرف بقوله وأمره، فهو المطاع إذا أمر، وملكه سبحانه لهم تابع لخلقه إياهم، فملكه من كمال ربوبيته، وكونه إلههم الحق من كمال ملكه.
  • إرشاد العباد إلى الاستعاذة من أذى الشيطان الموكل بالإنسان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله، لم يقل الشيطان ولكن الوسواس؛ لأن الوسوسة هي أبرز صفة للشيطان وأخطرها وأضرها على الإنسان.
  • بيان جهات الشر، فالشر بعضه ينشأ عن وسوسة النفس، والبعض الآخر نانج عن وسوسة الشيطان، فإذا كره الإنسان ما تدعو إليه نفسه الأمارة بالسوء، فعليه أن يستعيذ من الشيطان لأنه منبته، وإذا أحب الإنسان ما تدعو إليه نفسه الأمارة بالسوء، فعليه أن يردعها ويجاهدها.

اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة الفاتحة

لطائف سورة الناس

سورة الناس

تشتمل سورة الناس على العدد من اللطائف البيانية ومن ذلك قوله تعالى ﴿يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾، ولم يقل: في قلوب الناس؛ فالصدر هو ساحة القلب وبيته، ومنه تدخل الواردات عليه، فتجتمع في الصدر، ثم تلج في القلب، فالوسوسة إذن في الصدور كما أن الخواطر في القلب، والقلب مما حواه الصدر، لذا يقال: إن الشك يحوك في صدره.

يرجع السبب إلى وضع سورة الناس في نهاية ترتيب سور المصحف الشريف إلى ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى افتتاح القرآن بعد ختمه كما أشار إليه اتصال المعنى، وسمي ذلك الحال المرتحل، وكأن القارئ ذكر بالأمر بالاستعاذة إرادة افتتاح قرائته، فكأنه قيل: استعذ يا من ختم القرآن العظيم لتفتتحه، وكأنه لما استعاذ بما أمر به في هذه السورة قبل له: ثم ماذا تفعل؟ فقال: أفتتح، أو أنه لما أمر بالاستعاذة قال: ماذا أفعل؟ فقيل: افتتح بسم الله الرحمن الرحيم الذي تجب مراقبته عند خواتم الأمور وفواتحها، لأنه لا يكون أمر إلا به.

خُتم الكتاب العزيز بالمعوذتين وبدأ بالفاتحة، ليجمع بين حسن البدء، وحسن الختم، وذلك غاية الحسن والجمال، لأن العبد يستعين بالله ويلتجئ إِليه، من بداية الأمر إِلى نهايته.

اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة الناس

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *