مقاصد سورة القارعة

سورة القارعة من قصار المفصّل، وعدد آياتها إحدى عشرة آية، وجاء ترتيبها في المصحف الشّريف مئة وواحدة، بدأت باسم من أسماء يوم القيامة: {الْقَارِعَةُ، مَا الْقَارِعَةُ}، ولم يذكر فيها اسم الجلالة ولا مرّة واحدة، تقع في الجزء الثلاثين، وفي الحزب الستين، وفي الربع الثامن، وتعظم مقاصد سورة القارعة لأنها تتناول قيام القيامة التي تقرع الأسماع والقلوب بأهوالها.

مقاصد سورة القارعة

سورة القارعة

تتمثل مقاصد سورة القارعة الإجمالية في تحذير الناس وتخويفهم بالقارعة، لأن مصيرهم يتحدد يومها: إما العيشة الراضية بالنعيم، أو الهويّ في الجحيم، وذلك يعتمد على قيمة أعمالهم وثقلها في ميزان الله العادل. والقارعة: هي أحد أسماء يوم القيامة، وقد كرّرت ثلاث مرّات مع الاستفهام، تعظيماً وتهويلاً لما يقع فيها من الأحداث المفزعة والمذهلة والشدائد.

بالنسبة إلى مقاصد سورة القارعة التفصيلية، فإنها تتحدّث سورة القارعة عن أهوال يوم القيامة، ومدى شدّتها وقساوتها، وخروج النّاس فيها من قبورهم، وانتشارهم كالحشرات المتطايرة في كلّ مكان، وكأنهم يتحرّكون على غير هدى، وتبدأ مقاصد سورة القارعة بلفت الانتباه إلى أحد الأسماء المرعبة، “القارعة” وهو اسم من أسماء يوم القيامة: ” القارعة” اليوم الذي يقرعُ القلوب، ويخيفها بعد قرعه للأسماع، وذلك عند النّفْخ في الصّور.

تكرر اسم السورة مع الاستفهام، {مَا الْقَارِعَةُ} للتّعظيم والتفخيم لا للاستفسار؛ لأنّ الله -سبحانه- يعلم الجواب، وهذه من أساليب القرآن في التّربية ولفت النظر، ومن مقاصد سورة القارعة أيضًا تكرار الاستفهام مع الإضافة عليه، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}، أي: أيّ شيء أخبرك عن هذه القارعة؟ أي: ما أعظمها! وما أشدّها من حادثة!. قال -تعالى- {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ}، أي: كالحشرات الكثيرة المنتشرة حول شعلة نار في ليلة ظلماء، {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ}، بينما الجبال تكون كالقطن أوالصّوف الذي نفشته الأيدي.

بيّن الله سبحانه وتعالى للعباد مصير كلٍّ منهم، من خلال ميزان العدالة الإلهي، فسيوزعون إلى قسمين: سعيد وشقيّ، فأمّا السّعداء فيقول الله عنهم: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}، أي: من رجحت أعماله الصّالحة فهو في نجاة من عذاب الله، وأمّا الأشقياء فقال الله -تعالى- عنهم: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ، فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}، وأمّا من قلّت أعماله الصّالحة، وكثرت أعماله الطّالحة، سهيوي في نار جهنّم، ويعذّب فيها ما شاء الله، ومنهم من يخلّد في نار جهنّم.

استُخدم أسلوب الاستفهام للتّغظيم والتّفخيم للنّار التي سيعذّب فيها المجرمون: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ، نَارٌ حَامِيَةٌ}، ومن خلال هذا التّخويف من هول يوم القيامة، فإنّه ينبغي على المؤمن أن يقيَ نفسه من عذاب ذلك اليوم، وهذه الوقاية إنّما تكون بفِعْل الخيرات، ولو بأقلّ القليل.

اقرأ أيضا: مقاصد سورة القيامة

لطائف سورة القارعة

مقاصد سورة القارعة

هناك عبارات تكرّرت في القرآن الكريم، وما ذاك إلّا لأمر يريده الله -سبحانه وتعالى- كلفت الانتباه إليه لأهمّيّته، أو لخطورته والاحتراز منه وغير ذلك، ممّثل: {وما أدراك} فقد كرّرت في سورة القارعة مرتين، في أوّل السّورة: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}، وفي آخرها: {وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ، نَارٌ حَامِيَة}.

إنْ دلّ هذا على شيء، فإنّما يدلّ على زيادة التّهويل والتّخويف من ذلك اليوم العظيم، {وما أدراك}، أي: ما أعلمك أيّها العبد؟ وكأن يوم القيامة فوق إدراك الإنسان وفهمه وعقله، علمها عند الله وحده لا شريك له.

يذكر الدكتور فاضل صالح السامرائي في لمساته البيانية التي استقصاها من آيات الكتاب الحكيم بعض ما جاء من لطائف بيانية في سورة القارعة، ومما ذكره الدكتور من تأملات في سورة القارعة هو المقصود في قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}.

يتساءل المرء عن سبب الإتيان بكلمة “أمُّهُ” في هذا الموضع، ولا شكَّ في أنَّ حكمة الله بالغة وعلمه وسع كلَّ شيء؛ لذلك يقول الدكتور فاضل السامرائي إنَّ استخدام كلمة الأم في الآية السابقة دليل على المأوى، أي أنَّ مأواه النار، ستحيط به النار كما تحيط الأم بولدها تمامًا.

يُعتبر هذا التشبيه القرآني عظيم لما فيه من التهكم والجد ما فيه، فتناقض المعنى بين الأمن الذي هو الأم وبين العذاب التي هي الهاوية، وكأنَّ الآية تشير إلى أنَّ من خفّتْ موازين أعماله فأمنه النار وعذابه النار ومصيره إلى الهاوية التي هي نار حامية.

اقرأ أيضا: فوائد من سورة القارعة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *