مقاصد سورة الشرح

سورة الشرح هي السورة الرابعة والتسعين في ترتيب سور القرآن الكريم، وتقع في الجزء الثلاثين، ويبلغ عدد آياتها ثمانية، وابتدأت السورة بالاستفهام الذي لا يُقصد به طلب الإجابة وإنما هو استفهام معنوي حيث تدور مقاصد سورة الشرح حول التذكير بنِعم الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم، كما أن فيها البشارة بالفرج بعد كل شدة وكرب يمر به المسلم وهذا وعد حق من الله تعالى، والله لا يخلف الميعاد.

مقاصد سورة الشرح

مقاصد سورة الشرح

تتمثل مقاصد سورة الشرح الإجمالية في الأمر بمواصلة عبادة الله والتقرب إليه وحده، فقد تكفل لك بأن يشرح لك صدرك، ويزيل عنك همك وحرجك، ويرفع لك ذكرك، ووعدك بما جرت به سنتهُ، فجعل لك مع العسر يسرًا، أما المقاصد التفصيلية للسورة بحسب ترتيب آياتها فقد جاءت على النحو التالي:

يقول الله تعالى في مطلع سورة الشرح: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ}، يخاطب الله تعالى رسوله الكريم -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيسأله سؤال استفهام القصد منه التأكيد على الأمر، فالله تعالى شرح صدر رسوله إلى الإيمان وأنار له طريقه في الحياة الدنيا ويسر له أمره كله وحفظه بحفظه، ووضع عنه وزره أي خفَّف عنه التيه الذي كان يعيشه رسول الله قبل بعثته، فالأسئلة الوجودية التي كانت تخطر في باله أراحه الله منها وبيَّن له الحقيقة بأم عينه وجعله رسولًا ونذيرًا للعالمين.

وأمَّا مقاصد سورة الشرح في الآيات التالية، فيقول الله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، أي إنَّ الله تعالى حفظ ذكر نبيه أمام الأمم والأجيال اللاحقة، فرفع ذكره في اللوح المحفوظ فلم تزل ملايين الناس تصلِّي عليه وتسلم تسليمًا حتَّى بعد وفاته بقرون طويلة.

ثمَّ يقول الله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، والمقصود إنَّ الله تعالى يجمع مع كلِّ عسر يُسر من عنده، فعلى الإنسان أن يصبر مهما عظُمَ البلاء فالفرج لا بدَّ منه، وترتبط هذه الآية بالآية الأولى، حيث إنَّ الله تعالى شرح صدر رسوله بعدما ضاق وخفف حمله الذي أتعب ظهره.

في قوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب}، خطاب من الله تعالى لرسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بصيغة الأمر، ويطلب منه أن يتوجه بقلبه إلى الله تعالى بعد أن يفرغ من شغل الناس وتعب الحياة الدنيا وشواغلها.

اقرأ أيضا: أحاديث عن اليسر والعسر

هدايات سورة الشرح

هدايات سورة الشرح

تتضمّن سورة الشرح نافذة من نوافذ مغفرة الذّنوب، وباب من أبواب توجيه السلوك، ووسيلة للصّبر واللّجوء إلى الله وحده، وأصل من أصول السّعادة، ومقاصدها العظيمة عديدة لا تنحصر، وفيما سيأتي بيان ذلك:

  • السعادة تكون بيد الله وحده دون غيره، فهو من يشرح الصّدور، إمّا أن يضعها في قلب من يشاء فيسعد ويضحك، وإمّا أن ينزعها من قلب من يشاء فيشقى ويبكي، قال تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ}.
  • طمأنينة القلوب تكون بالصدر لا العقل، لقوله تعالى: {لَكَ صَدْرَكَ}، وتكون فقط من عند الله فهو مقلب القلوب ومصرفها، وصلاح القلوب لا يكون إلا بالطّاعة.
  • سورة الشرح وسيلة لمغفرة الذّنوب، لقوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وزرَك}، كلما كان الإنسان قليل الذنوب زادت السعادة في قلبه، وهذه الذّنوب تُغفر بالتوبة والاستغفار والعودة إلى الله.

اقرأ أيضا: تفسير سورة التكوير للأطفال

لطائف سورة الشرح

سورة الشرح

تشتمل سورة الشرح على الكثير من اللطائف البيانية ومن ذلك ورود لفظ “نشرح” و”لك” في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}، لإظهار مزيد من العناية للرّسول الكريم، وجاء الافتتاح بالاستفهام التّقريري “ألمْ”، دلالة على التنبيه بالنعم؛ أيْ أن يستحضر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام نعم الله عليه.

ورد في الآية الثانية في قوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ}، التعبير بالوزر، دلالة على خوف الرّسول -عليه السّلام- من التّقصير في الرّسالة، ثمّ جاء التّعبير بعظم ما يحمله النّبي الكريم من الثّقل والهمّ والحرْص الشّديد، وذلك واضح في قوله تعالى: {الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ}، كما وردت عبارة الرفعة بالذّكر في قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، دلالة على أنّ الله -سبحانه وتعالى- رفع مقام نبيّه في الذّكر، مثل: الشّهادتيْن في الأذان.

جاء التّكرار في الآيتيْن، في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}، وقوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}، دلالة على تأكيد وترسيخ المعنى في النفوس، وخاصة عند الشّدائد، على أنّ الفرج سيأتي لينسّي آلام الماضي، وأن العسر لا يدوم.

تدل صيغة التّأكيد بوجود حرف الفاء في قوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} على الأمر والوجوب، أيْ مواصلة الدعوة والتّجديد في أسلوبها دون ملل، حيث يقول ابن رجب -رحمه الله-: “الأعمال كلها يُفرغ منها، والذّكر لا فراغ له ولا انقضاء، وتنقطع الأعمال بانقطاع الدّنيا ويبقى الذكر”.

يُقصد بالرغبة في قوله تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}: العودة إلى الله -سبحانه وتعالى-، بأداء النّوافل والاستشعار بلذّتها؛ لأنّها تكون بعد اجتماع الشّدائد والجهد، وتمّ تقديم الظّرف “إلى ربّك” للاختصاص؛ أيْ الرّغبة تكون لله وحده، يقول الضّحّاك في تفسير هذه الآية الكريمة: “فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء”.

اقرأ أيضا: فوائد من سورة الشرح

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *