مقاصد سورة التكوير
تُصنّف سورة التكوير ضمن السور التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، وتُعد واحدة من سور المفصّل، آياتها تسع وعشرون آية، وهي السورة الحادية والثمانون في ترتيب سور المصحف الشريف، نزلت سورة التكوير بعد سورة المسد، وتدور مقاصد سورة التكوير حول معالجة حقيقتين هامتين وهما: حقيقة القيامة وحقيقة الوحي والرسالة، وكلاهما من لوازم الإيمان.
مقاصد سورة التكوير
تتمثل مقاصد سورة التكوير الإجمالية في التهديد الشديد بيوم الوعيد الذي هو محط الرحال، لكونه أعظم مقام لظهور الجلال، لمن كذب بأن هذا القرآن تذكرة لمن ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة، والدلالة على حقيقة كونه كذلك بأن السفير به أمين في الملأ الأعلى مكين المكان فيما هنالك والموصل له إلينا منزه عن التهمة برئ من النقص لما يعلمونه من حاله قبل النبوة وما كانوا يشهدون له به من الكمال في صحبته لهم المتطاولة التي نبههم بالتعليق بها على مالا يشكون فيه من أمره ولم يأتهم بعدها إلا بما هو شرف له وتذكير بما في أنفسهم وفي الآفاق من الآيات، وذلك كاف لهم في الحكم بأنه صدق والعلم اليقين بأنه حق، واسمها التكوير أدل ما فيها على ذلك بتأمل الظرف وجوابه وما فيه من بديع القول وصوابه، وما تسبب عنه من عظم الشأن لهذا القرآن.
مقاصد سورة التكوير من الآية 1 حتى 14
تسرد الآيات الأولى من سورة التكوير علامات الساعة بأكثر من أسلوب شرط واحد، فإذا زال ضياء الشمس، وتساقطت النجوم وغاب بريقها، وإذا تحرَّكت الجبال وسرحتِ الأنعام من غير راعٍ يرعاها وإذا جمعت وحوش الأرض مع بعضها واشتعلتِ البحار وسُئلت البنت الموؤودة أي المقتولة وهي حية، وإذا نشرت أعمال الناس على أعين الأشهاد وإذا السَّماء أزيلتْ وإذا أوقدت نار جهنم واقتربت الجنان، حينئذ ستعلم النفوس ما فعلت في حياتها الدنيا.
مقاصد سورة التكوير من الآية 15 حتى 29
تشير هذه الآيات المباركات إلى حقيقة الرسالة المحمدية، وتؤكد إنّه رسول من عند الله تعالى، وأنَّه مؤيَّد بالوحي من الله -سبحانه وتعالى- وتبين أنّ هذا القرآن الكريم ذكر من عند الله -عزَّ وجلَّ- فمن شاء أن يستقيم عليه ويتبع تعاليمه فهو الكتاب الحق والدين الحق، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة الواقعة
لطائف سورة التكوير
بدأت السورة الكريمة سورة التكوير بأسلوب الشرط، بقوله تعالى: {إذا الشمس كورت}، وقد طرحت السورة حقيقتين هامتين، حقيقة يوم القيامة، وتثبت حقيقة الوحي والرسالة، وكلا الحقيقتين من لوازم يوم القيامة.
وللوقوف عند لطائف سورة التكوير، سنقف عند اللمسة البيانية رقم 40 من لمسات بيانية في اي القران الكريم للدكتور فاضل السامرائي من سورة التكوير في استخدام فعل” سيرت” وفعل” نسفت” في وصف الله تعالى للجبال في القران الكريم، حيث يقول تعالى في سورة التكوير: {وإذا الجبال سيرت}، ويقول في سورة المرسلات {وإذا الجبال نسفت}، فما الفرق بين النسف والتسيير؟
قد يكون للنسف معنيان، إما الإزالة والاقتلاع أو التذرية في الهواء، كما ورد في قصة السامري في سورة طه، قول الله تعالى: {قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا}.
والتسيير والنسف هي مشاهد من مشاهد يوم القيامة كالدك والنصب وغيرها فهي إذن استمرارية مشاهد يوم القيامة، وتكون الجبال كالصوف الذي نفشته الأيدي, ويصير هباء ويزول، ثم يأتي النسف والتذرية في نهاية المطاف.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة القيامة
مناسبة سورة التكوير لما قبلها
تتناسب سورة التكوير مع سورة عبس التي قبلها في ترتيب المصحف الشريف، فلما قال سبحانه {فإذا جاءت الصاخة (33) يوم يفر المرء من أخيه (34)}، الآيات إلى آخر السورة، كان مظنة لاستفهام السائل عن الوقوع متى يكون؟ فقال تعالى في سورة التكوير: {إذا الشمس كورت (1)}، ووقوع تكوير الشمس وانكدار النجوم وتسيير الجبال وتعطيل العشار كل ذلك متقدم على فرار المرء من أخيه وأمه وأبيه، إلى ما ذكر إلى آخر السورة لاتصال ما ذكر في مطلع سورة التكوير بقيام الساعة، فيصح أن يكون أمارة للأول وعلماً عليه.
اقرأ أيضا: تفسير سورة التكوير للأطفال