مقاصد سورة النازعات
سورة النازعات إحدى سورة القرآن الكريم المكية، وتقع في الحزب التاسع والخمسين وفي الجزء الثلاثين وهو جزء عم الجزء الأخير من القرآن الكريم، رقم ترتيب السورة في المصحف تسعة وسبعون بعد سورة النبأ وقبل سورة عبس، وعدد آياتها تسعة وأربعون آية، وتعنى مقاصد سورة النازعات بأصول العقيدة الإسلامية ويدور محورها حول القيامة وأهوالها، كما تناولت الحديث عن قصة موسى -عليه السلام- مع فرعون، وعقاب الله لفرعون على طغيانه.
مقاصد سورة النازعات
تتمثل مقاصد سورة النازعات الإجمالية في بيان أواخر أمر الإنسان بالإقسام على بعث الأنام، ووقوع القيام يوم الزحام وزلل الأقدام، بعد البيان التام فيما مضى من هذه السور العظام، تنبيها على أنه وصل الأمر في الظهور إلى مقام ليس بعده مقام، وصور ذلك بنزع الأرواح بأيدي الملائكة الكرام، ثم أمر فرعون اللعين وموسى عليه السلام، واسمها النازعات واضح في ذلك المرام، إذا تؤمل القسم وجوابه المعلوم للأئمة الأعلام، وكذا الساهرة والطامة إذا تؤمل السياق، وحصل التدبير في تقرير الوفاق.
يمكن تفصيل مقاصد سورة النازعات بحسب ترتيبها على النحو التالي:
تبدأ سورة النازعات في مطلع مخيف، يرهب به الله تعالى الكافرين ويصور الأهوال التي ستحدث يوم القيامة، ويصف شدة تلك الأهوال التي سيعاني منها المجرمون والكافرون، قال تعالى: {يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذ واجفة * أبصارها خاشعة}.
تعرض آيات سورة النازعات النهاية المخزية والمؤسفة التي ستلحق بالكافرين عندما تعرض إحدى الجوانب من قصة موسى -عليه السلام- وفرعون، قال تعالى: {هل أتاك حديث موسىٰ * إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى * اذهب إلىٰ فرعون إنه طغىٰ * فقل هل لك إلىٰ أن تزكىٰ * وأهديك إلىٰ ربك فتخشىٰ * فأراه الاية الكبرىٰ * فكذب وعصىٰ * ثم أدبر يسعىٰ}، وقد بينت الايات كيف جعل الله منهم عظة وعبرة لكل العالمين.
ومن مقاصد سورة النازعات تصوير هذا الكون الهائل بما فيه من مخلوقات أبدع الله تعالى صنعها، وجعلها دلائل على قدرته، وعلامات على عظيم خلقه، قال تعالى: {أأنتم أشد خلقا أم السماء ۚ بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذٰلك دحاها}.
تتناول الآيات بعد ذلك الحديث عن مجيء يوم القيامة العظيم الذي سيجزى فيه كل إنسان بما عمل، قال تعالى: {فأما من طغىٰ * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوىٰ * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوىٰ * فإن الجنة هي المأوىٰ}.
وفي النهاية تشير إلى ميعاد الساعة التي كان المشركون يلحون في السؤال عن موعدها، قال تعالى: {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها}، فيؤكد الله أن علمها عند الله وحده وعندما يأتي موعدها سيذهل الكافرون بقدومها على حين غرة.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة الذاريات
لطائف سورة النازعات
أقسم الله تعالى في مستهل السورة بالنازعات بقوله: {والنازعات غرقا}، واختلف علماء التفسير في تأويل معنى النازعات، فقد قال ابن كثير -رحمه الله- وابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهم -رضي الله عنهم- أن النازعات هم الملائكة التي تنزع الروح من الجسد، فمن الناس من تؤخذ روحه بسهولة وسرعة، ومنهم من تُنتزع روحه نزعا وذلك يعود إلى قوة إيمانه وصلاحه.
جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- بأن النازعات هي أنفس الكفار بحيث تُنزع أرواحهم ثم تغرق في النار، وقيل بأن النازعات هن النجوم أو قد تكون الموت ولربما هي النفس حين تغرق في الصدر، ولكن أكثر ما اجمع عليه أهل التفسير بأن النازعات هي الملائكة التي تنزع أرواح بني آدم وهذا هو التأويل الصحيح عند الغالبية.
من أبرز لطائف سورة النازعات أنها متناسبة مع سورة النبأ التي تسبقها، فلما أوضحت سورة النبأ حال الكافر في قوله {يا ليتني كنت تراباً (40)} عند نظره ما قدمت يداه، ومعاينته من العذاب عظيم ما يراه، وبعد ذكر تفصيل أحوال وأهوال، أتبع ذلك ما قد كان حاله عليه في دنياه من استبعاد عودته في أخراه، وذكر قرب ذلك عليه سبحانه.
قال تعالى {والنازعات غرقاً (1)}، إلى قوله {يقولون أئنا لمردودون في الحافرة (10) أئذا كنا عظاماً نخرة (11)}، إذ يستبعدون ذلك ويستدفعونه {فإنما هي زجرة واحدة (13)} أي صيحة {فإذا هم بالساهرة (14)} أي الأرض قياماً ينظرون ما قدمت أيديهم ويتمنون أن لو كانوا تراباً ولا ينفعهم ذلك، ثم ذكر تعالى من قصة فرعون وطغيانه ما يناسب الحال في قصد الاتعاظ والاعتبار، ولهذا أتبع القصة بقوله سبحانه {إن في ذلك لعبرة لمن يخشى (26)}.
اقرأ أيضا: تفسير سورة النازعات للأطفال