مقاصد سورة الدخان

سورة الدخان هي السورة الرابعة والأربعون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي السورة الرابعة والستون بحسب ترتيب النزول، وهي السورة الخامسة من (الحواميم) السبع. نزلت بعد سورة الزخرف، وقبل سورة الجاثية في مكانها هذا. وهي مكية كلها في قول الجمهور، وتتعدد مقاصد سورة الدخان وما تحتوي عليه من موضوعات ومضامين.

مقاصد سورة الدخان

مقاصد سورة الدخان

يتمثل الهدف من سورة الدخان في ترسيخ العقيدة وتثبيت دعائم الإيمان مع التحذير من الانبهار بالسلطة والتمكين، وقد جاءت مقاصد سورة الدخان تفصيلًا كالتالي:

  • استهلال السورة الكريمة بتناول القرآن الكريم ومعجزته، حيث نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر التي تُعتبر ليلة مباركة، حيث يُفرق فيها كل أمر حكيم، وقد جعل الله هذه الليلة رحمة منه بعباده حيث يغفر الله فيها الذنوب، كما أنها بمثابة الإنذار الذي يحملها للمخالفين لكي يرتعودا ويرجعوا إلى طريقه سريعاً قبل فوات الآوان، ولعل هذا ما يفسر اشتمال الآيات على صفات الله الحسنى.
  • الحديث عن عظمة الله تعالى الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما للتأكيد على ما تدل عليه سورة القرآن المكي كلها من ألوهية الله تعالى وإثبات وحدانيته، فهو المحيي والمميت، ورب الأولين والآخرين، فهو وحده المستحق للعبادة دون سواه من الآلهة المزعومة التي اعتاد مشركو مكة على عبادتها.
  • بيان فضل ليلة القدر، فقد نزل فيها القرآن الكريم، مع التأكيد على أن الله تعالى يؤيد رسله ومن آمنوا به، وفي ذلك تسرية لقلب النبي صلى الله عليه ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم، وللأجيال القادمة من المؤمنين.
  • تناول قضية إنكار المشركين للقرآن الكريم وأنه كتاب منزل، حيث تُوضح الآيات وإصرارهم على الشك في القرآن، وتلهِّيهم لاعبين بأمور دنياهم، وتحذيرهم من عقوبات تلجئهم إلى الوعد بالإيمان، إذا كشف الله عنهم العذاب، لكنهم لا يَفون بوعدهم، بل ينقضونه، ويتمادون في غيهم، وأخيراً ينذرهم الله بأن يبطش بهم بطشة كبرى منتقماً منهم.
  • التشديد على أن المعرضين عن تدبر القرآن ألهاهم الاستهزاء واللمز عن التدبر، فحق عليهم دعاء الرسول بعذاب الجوع؛ إيقاظاً لبصائرهم بالأدلة الحسية حين لم تنجع فيهم الدلائل العقلية؛ ليعلموا أن إجابة الله دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه أرسله ليبلغ عنه مراده.
  • عرض نماذج من الأمم السابقة وما حل بهم من العذاب نتيجة تكذيبهم لرسلهم وما أنزله الله تعالى من الآيات، ولعل هذا يكون عظة للمشركين في كل عصر، وقد ضربت الآيات المثل بقوم فرعون مع موسى ومؤمني قومه، ودون التفصيل بقوم تُبَّع، وإجمالاً وتعميماً بالذين من قبل هؤلاء من المشركين بآيات الله.
  • توضيح لنعمة الله تعالى على بني إسرائيل حيث أنجاهم مما كانوا فيه من عذاب مهين، حيث كانوا مستعبدين بأرض مصر ومستذلين ومستصغرين من فرعون قومه.
  • إنكار المشركين للغيبات التي أخبر عنها الصادق المصدوق مثل البعث وغير ذلك من أمور الآخرة، ومحاولة إقامة الحجة عليهم بإقناعهم بإمكانية حدوث البعث.
  • تناول مشاهد من الآخرة، حيث تسعرض الآيات مشهد خاص بالمشركين وما يلاقونه من العذاب في الجحيم، وفي هذا السياق تحديث سورة الدخان عن شجرة الزقوم التي هي طعام الأثيم، كما اشتملت الآيات على مشهد آخر مناقض وهو مشهد المتقين ونعيمهم في الجنان التي أعدها لهم جزاءً لإيمانه.
  • ختام سورة الدخان بالحديث عن القرآن الكريم وأن الله تعالى يسره بلسان عربي مبين، مع التأكيد على نصر الله لعباده المؤمنين وانتقامه من المشركين في الآخرة.

اقرأ أيضا: لماذا سميت ليلة القدر بهذا الاسم

لطائف سورة الدخان

لطائف سورة الدخان

تشتمل سورة الدخان على الكثير من اللطائف القرآنية، ومن تلك اللطائف يمكن أن نذكر: الترابط بينها وبين سورة الزخرف، حيث أن هاتين السورتين لهما بداية واحدة، مما يدل على أنهما شيء واحد وأن الدخان إنما هي استمرار للزخرف، وامتداد لها، وبالنظر إلى مقصدي السورتين يشبه أن يكون الرابط: حمل التهديد والوعيد لأولئك الذين لم يتهتموا بأمر التوحيد، فسلموا عقولهم لأولئك المفسدين الذين زينوا لهم الباطل شركا وكفرا، وأن ما فعلوه ليس عذرا بهم بل هو أشبه باللعب والشك في ما أتاهم من العلم والوعد والوعيد.

قال تعالى في نهاية سورة الزخرف: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}، وهو التنزيه والتعظيم لله سبحانه وتعالى، والذي أكدّه الله في بداية سورة الدخان، قال تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ}، ومن صور التناسب أيضًا تصوير حال المشركين، بين الخوض واللعب حتّى قيام الساعة، قال تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}، وجاء في سورة الدخان: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ}.

ومن اللمسات البيانية التي تتضمنها السورة، ما جاء من توكيد في قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ}، والإسراء يكون في الليل، فقال تعالى: {فَأَسْرِ}، ثمّ أتبعها: {لَيْلًا}، تأكيدًا على وقت الإسراء، وجاء في كتب التفسير أنّ ذكرُ {لَيْلًا}، كان لأمر الله لموسى أن يسري في نفس الليلة التي نزل به هذا الأمر، ولو جاء عوضًا عنها “في ليلٍ” عندها لا يشترط لها ليلةَ بعينها.

جاءت كلمة نعمة في قوله تعالى: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} بفتح النون، وذكرت في غير مواضع بكسر النون، والفرق في ذلك هو أن النِعمة هي ما تكرّم به الله تعالى على عباده، وهي لا تُحصى، قال تعالى في سورة النحل: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، أمّا النَعمة بفتح النون فهي الرفاهية والتنعم بلين العيش والرخاء، وهي لم ترد في القرآن إلا في الذنب، والله أعلى وأعلم.

اقرأ أيضا: فضل سورة الدخان

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *