موضوعات ومضامين سورة الشعراء
سورة الشعراء من السور القرآنية التي نزلت على دفعات، فمنها ما نزل في مكة المكرمة ومنها ما نزل في المدينة المنورة، وهي سورة مكية بشكل عام، باستثناء الآية رقم 197 فهي مدنية إضافة إلى الآيات من 224 حتَّى آخر سورة أيضًا نزلت في المدينة المنورة، وتُعالج موضوعات ومضامين سورة الشعراء أصول الدين مثل قضية التوحيد مع إثبات رسالة الإسلام بذكر قصص الأنبياء السابقين.
موضوعات ومضامين سورة الشعراء
المحور الذي تدور حوله السورة هذه المرة هو دور الإعلام في توصيل رسالة الإسلام ونشرها، وقد جاءت موضوعات ومضامين سورة الشعراء تفصيلًا كالتالي:
تعظيم القرآن وتسرية للرسول عليه السلام
بدأت سورة الشعراء بالحديث عن عظمة القرآن الكريم، وقد وصف الله تعالى القرآن بأنه الكتاب المبين الذي أنزله الله من أجل هداية الخلق، ومن ثم تناولت الآيات موقف المشركين من هذا الكتاب، حيث أنهم كذبوا رغم ما تتسم به آياته من وضوح وإعجاز وما يشتمل عليه من براهين ساطعة؛ ولذلك فقد طالبوا النبي صلى الله عليه وسلم بمعجزة أخرى سوى القرآن الكريم، ويُسري الله تعالى عن قلب نبيه حتى لا يحزن بسبب إعراضهم، كما تُفند الآيات أباطيل وشبهات المشركين فالله تعالى قادر على إنزال آية من السماء لإخضاعهم وما ذلك على الله بعزيز وهو الذي أنبت في الأرض من كل زوج كريم. ويبدأ هذا القسم من أول السورة حيث قال تعالى: (طسم {1} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ {2}) إلى قوله تعالى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {9}).
اقرأ أيضًا: فوائد من سورة الشعراء
ذكر قصص الأنبياء للاعتبار
يُعد الجزء الثاني من سورة الشعراء من أهم الأجزاء التي اشتملت عليها السورة حيث يشتمل على سبع قصص للرسل الكرام وما مروا به مع قومهم، وليست هذه القصص بمعزل عن محور السورة الرئيسي، بل تتصل به، وقد جاءت تلك القصص على النحو التالي:
قصة موسى عليه السلام
تناولت السورة قصة موسى عليه السلام مع الطاغية فرعون حيث بعث الله نبيه موسى إلى قوم فرعون بعدما بالغوا في الطغيان، وكان نبي الله موسى مترددًا في البداية بسبب خوفه من التكذيب ومن عدم القدرة على تبليغ الدعوة بسبب عدم انطلاق لسانه، وفي ذلك إشارة إلى أنه على الداعية أن يواصل طريقه في إبلاغ الدعوة حتى ولو لم تكن الظروف مواتية، وبالفعل تعرض السورة مشهد محاورة موسى عليه السلام لفرعون حول الإيمان وألوهية الله عز وجل ومن ثم تُبيّن الآيات تكذيب فرعون، وعندها استخدم موسى الآيات التي منحه الله إياها: العصا واليد، ورغم مشاهدة فرعون للمعجزات إلا أنه اعتبر ما قام به موسى من السحر وليس نبيًا مُرسلًا؛ ولهذا جمع السحرة لميقات يوم معلوم، وعندما تنافس موسى مع هؤلاء السحرة، استطاعت عصاه أن تلقف جميع ما يأفكون، وعندها أُلقي السحرة ساجدين، فما كان من فرعون إلا أن صب عليهم سخطه وعذابه وتمادى في كفره، ومن ثم انتقلت الآيات إلى خروج موسى وأتباعه من مصر، وتحقق نصر الله تعالى بنجاة المؤمنين وإغراق الكافرين، مع التأكيد على ضرورة الاعتبار بهذه القصة. وذلك من قوله تعالى 🙁 وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {10}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {67} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {68}).
قصة إبراهيم عليه السلام
تحدثت الآيات عن قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام وموقفه من أبيه وقومه ممن اعتادوا على عبادة الأصنام، حيث عرضت الآيات المحاورة التي وقعت بين إبراهيم وبين قومه مثل المحاورة السابقة بين موسى وفرعون؛ للتأكيد على ضرورة إقامة الحجة على المخالفين قبل نزول العذاب، ورغم أن إبراهيم عليه السلام أوضح لهم العديد من الأدلة على وحدانية الله تعالى، إلا أنهم كذبوه وجحدوا بتلك الآيات. وذلك من قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ {69} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ {70}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {103} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {104}).
قصة نوح عليه السلام
عرجت الآيات بعد ذلك على قصة نبي الله نوح ولكن بشكل مختصر حيث أوضحت الآيات دعوته عليه السلام لقومه وتأكيده على أنه لا يسألهم على تلك الدعوة أجرًا، ورغم ذلك أصر الكافرون على الاستمرار في الغي وذلك بسبب تكبرهم حيث قالوا له: أنؤمن لك واتبعك الأرذلون، وفي ذلك دلالة على أن الكبر من أهم الأسباب التي تقود إلى هلاك الإنسان، كما أوضحت الآيات تهديد الكافرين لنوح عليه السلام؛ مما جعله يدعو الله تعالى بالنصر، وهو ما تحقق بإغراقهم جميعًا ونجاة نوح عليه السلام ومن معه من المؤمنين. وذللك من قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ {105}) إلى قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {121} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {122}).
قصة هود عليه السلام
ذكرت الآيات بعد ذلك قصة نبي الله هود مع قومه عاد حينما أمرهم بعدم الاستكبار في الأرض حيث أنهم اعتادوا على بناء قصور مشيدة ومباني مرتفعة كانوا يستخدمونها في السخرية من المارة كما كانوا يعتدون على الناس بكل تجبُّر، ولكنهم لم يلتفتوا إلى وعظه لهم وطالبوا بالكف عن وعظهم لأنهم لن يتغيروا، وفي ذلك تأكيد على خطورة التكبر والإصرار على المعاصي، ولهذا جاء عقاب الله بإهلاكهم. وذلك من قوله تعالى: (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ {123} إلى قوله تعالى: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {140}).
قصة صالح عليه السلام
تضمنت سورة الشعراء أيضًا قصة صالح عليه السلام حينما دعا قومه ثمود إلى الإيمان بالله وتقواه ووعدهم بالثواب العظيم في الآخرة إن اتبعوا أمر الله، ولكنهم قالوا له ما أنت إلا بشر مثلنا، وعندها ظهرت معجزته التي تتمثل في الناقة العظيمة التي خرجت من الصخر، ولكن بدلًا من الإيمان برسالته بعد هذه المعجزة، عصوا أمره وعقروا الناقة فحاق بهم العذاب. وذلك من قوله تعالى: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ {141}) إلى قوله تعالى: (فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {158} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {159}).
قصة لوط عليه السلام
اشتملت سورة الشعراء على قصة لوط عليه السلام حينما دعا قومه إلى الإيمان بالله وطاعته وذلك بالكف عن إتيان الذكران، ولكنهم سرعان ما هددوه بالإخراج من أرضهم، فدعا لوط ربه بأن يُنجيه من هؤلاء القوم المسرفين، فأنجاه الله وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. وذلك من قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ {160}) إلى قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {174} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {175}).
قصة شعيب عليه السلام
كانت قصة شعيب عليه السلام مع أصحاب الأيكة هي القصة السابعة والأخيرة في سورة الشعراء، وكانت دعوة شعيب إلى قومه أن يوفوا الكيل ولا يكونوا من المخسرين، ولكنهم اعترضوا على رسالته واستهزأوا به؛ وطلبوا منه أن يدعوا الله أن يُسقط عليهم كسفًا من السماء إن كان من الصادقين، فأخذهم الله بالعذاب جزاءً لتكذيبهم وعنادهم. وذلك من قوله تعالى: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ {176}) إلى قوله تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {189} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {190} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {191}).
إثبات نبوة محمد عليه الصلاة والسلام
بعدما سردت الآيات قصص الأنبياء السابقين لأخذ العظة والاعتبار وللتأكيد على صدق نبوته عليه الصلاة والسلام، عادت الآيات للتنويه بشأن كتاب الله تفخيماً لشأنه وبياناً لمصدره، قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَنـزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {193} ) إلى قوله تعالى : (فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {202} فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ {203}) ومن ثم خُتمت السورة بالرد على افتراءات المشركين في زعمهم أن الشياطين هي من تُنزل القرآن، وهكذا تناسق البدء مع الختام. وذلك من قوله تعالى : (أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ {204} أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ {205}) إلى قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ {227}).