موضوعات ومضامين سورة الأنبياء

سورة الأنبياء هي السورة الحادية والعشرين ترتيبًا، في الجزء السابع عشر من أجزاء المصحف، تتكون من مئةٍ واثنتا عشر آيةً، وكان نزولها بمكة المكرمة بعد سورة إبراهيم، وتُعالج موضوعات ومضامين سورة الأنبياء العقيدة الإسلامية في ميادينها الكبيرة (الرسالة والوحدانية والبعث والجزاء) كما تتحدث عن الساعة وشدائدها، والقيامة وأهوالها، وعن قصص الأنبياء والمرسلين مع التعريج على الجهاد الذي بذلوه، وصبرهم، والتضحية التي قدّموها في سبيل الدعوة إلى الله سبحانه.

موضوعات ومضامين سورة الأنبياء

سورة الأنبياء

تدور سورة الأنبياء حول دور الأنبياء في تصحيح العقيدة وتذكرة البشرية، وتتمثل موضوعات ومضامين سورة الأنبياء في:

غفلة الناس عن الساعة وإعراضهم عن القرآن

ابتدأت سورة الأنبياء بالحديث عن غفلة الناس عن الساعة وإعراضهم عن الإيمان بالله تعالى، ومن مظاهر ذلك أنهم ما يأتيهم من نبي مُرسل إليهم برسالة من الله تعالى إلا كذبوه وأعرضوا عنه واستمروا في لهوهم بل وشككوا في أمر الرسالة بدعوى أن هذا الرسول المرسل ما هو إلا بشر، وتحمل الآيات طمأنة لقلب المرسلين وأصحاب الدعوة أن الله تعالى وحده يعلم كل شيء. وذلك من قوله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ {1}) إلى قوله تعالى : (مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ {6}).

الإنذار بالوحي سمة مشتركة بين الرسل

تحدثت الآيات بعد ذلك على أن الوحي والإنذار به من السمات التي يشترك فيها جميع المرسلين، وقد جعل الله تعالى المرسلين من البشر الذين يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ويموتون، فهم ليس بمخلدين، ولكن سنة الله تعالى في الكون أن يصدق أنبيائه وعده وينصرهم على أعدائهم من المسرفين في الكفر. وذلك من قوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {7}) إلى قوله تعالى : (فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ {15}).

دلائل الوحدانية والقدرة و تنزيهه تعالى عن العبث

أقامت الآيات بعد ذلك الأدلة والبراهين على وحدانية الله وبطلان تعدد الآلهة، ومن الأدلة التي تضمنتها الآيات الحديث عن خلق السماوات والأرض وأنه تعالى جعل من الماء كل شيء حيًا، وأظهرت الآيات أنه لو كان في السماوات والأرض آلهة إلا الله تعالى لفسدتا، كما طرحت سؤالًا على المشركين بأن يأتوا ببرهان على صدق ألوهية هؤلاء الآلهة المزعومين وذلك من باب التعجيز وحتى يدرك المشركون أنه ليس هناك آله حقيقيًا مستحقًا للعبادة إلا الله تعالى، كما ردت الآيات على بعض الإفتراءات مثل اتخاذ الله تعالى من خلقه أولادًا ونفت ذلك ببيان أنهم عباد الله الذين لا يستطيعون أن يسبقونه بالقول، فدعوة الرسل جميعًا إنما جاءت لبيان التوحيد. وذلك من قوله تعالى : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ {16}) إلى قوله تعالى : (… وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ {33}).

المصير المحتوم وعناية الله بخلقه

ذكرت الآيات المصير المحتوم لجميع البشر، حتى الأنبياء والمرسلين، وهو الموت، فيجب إدراك أن الموت واقع لا محالة، وليس ذلك فحسب، بل يجب الإيمان بما بعد الموت من حياة أبدية يجازي فيها الله عباده على ما كانوا يعملون إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر؛ كما تضمنت الآيات الحديث عن الكفار وما يفعلونه تجاه الدعوة الإسلامية من الاستهزاء إضافةً إلى تناول الطبيعة الإنسانية واستعجال الإنسان بالشر، وفي هذا السياق اشتملت الآيات على العديد من أساليب التحذير الشديدة للكافرين إذا استمروا في كفرهم، ثم انتقل الحديث عن عناية الله بخلقه ورسله حتى يطمئن فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجزع بسبب تكذيب المشركين له واستهزائهم بالرسالة وبيان أن ما يجب على الرسول هو البلاغ فحسب ثم يتولى الله حساب الخلائق على قبولهم للدعوة من عدمه. وذلك من قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ {34}) إلى قوله تعالى: (… وَ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {47}).

اقرأ أيضًا: موضوعات ومضامين سورة إبراهيم

موضوعات ومضامين سورة الأنبياء

دعوة الأنبياء والمرسلين

لما ذكرت الآيات الدلائل على التوحيد والنبوة، أتبعت ذلك بذكر قصص الأنبياء وما نالهم من ابتلاء تسليةً للرسول صلى الله عليه وسلم ليتأسى بهم في الصبر واحتمال الأذى في سبيل الله، فتناولت قصة موسى وهارون في البداية حيث آتاهما الله تعالى الفرقان كنور يُهتدى به من ظلم الكفر وتذكرةً للمتقين الذين وصفهم الله تعالى بخشيته وإشفاقهم من الساعة، ثم انتقل الحديث عن قصة إبراهيم عليه السلام منذ إنكاره للأصنام التي يعكف قومه على عبادته، وتضمنت الآيات الحوار الذي دار بين إبراهيم وبين قومه ومن ثم عزم إبراهيم على أن يُدمر تلك الأصنام ويُقطعها جذاذًا إلا كبيرًا لهم من أجل إقامة الحجة عليهم، ورغم أنه جعلهم يرجعون إلى أنفسهم ويدركوا أنهم ظالمون لأنفسهم بإيمانهم بتلك الأصنام إلا أنهم بالغوا في الغي والضلال، فأرادوا أن يُحرّقوا إبراهيم عليه السلام، ولكن الله حمى عبده ونبيه إبراهيم من كيدهم وقال للنار أن تكون بردًا وسلامًا على إبراهيم، فنجى إبراهيم، وكان قومه هم الأخسرون، وذكرت الآيات نجاة لوط من القوم الفاسقين وأنه تعالى وهب لإبراهيم إسحاق ويعقوب عليهم جميعًا السلام.

في سياق الحديث عن دعوة الأنبياء من أجل إثبات وحدانية الله تعالى، ذكرت الآيات قصة نوح عليه السلام مع قومه ونصرة الله تعالى له عندما نادى ربه بعدما كذبوه قومه وبالغوا في الكفر، فكان مصيرهم الإغراق، ثم تناولت الآيات قصة داود وسليمان وفضل الله عليهما، كما ذكرت الآيات محنة بعض الأنبياء مثل نبي الله أيوب ويونس وزكريا عليهم السلام، ويدل هذا القسم من سورة الأنبياء على أهمية الدعاء ويظهر ذلك من قوله تعالى: {ونوحا إذ نادىٰ من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم} ودعاء نبي الله أيوب: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} ودعاء نبي الله يونس: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنَّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فإنَّهُ لَنْ يدعوَ بها مسلمٌ ربَّهُ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجابَ لَهُ}  كذلك اشتملت الآيات على دعاء نبي الله زكريا: {وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين*فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه} وخُتم هذا القسم بالحديث عن عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام للتأكيد على وحدة الرسالات واشتراكها في هدف واحد.

يبدأ هذا الموضوع الذي يحتل الجزء الأكبر من سورة الأنبياء من قوله تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ {51}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ {92}).

وحدة الملة وعدل الجزاء

تناولت الآيات موضوع وحدة الملة بعد ذكر قصص الأنبياء، وأنه على الرغم من اختلاف الأديان إلا أن الجميع راجعون إلى الله تعالى ليجزيهم الجزاء العادل، فمن عمل صالحًا وهو مؤمن فلا كفرون لسعيه، بينما يُعاقب الله تعالى من اتخذوا من دونه آلهة بأن يكونوا هم وما يعبدون من دون الله حصب جهنم خالدين فيها أبدًا وفي وسط تلك المعاني حول الجزاء في الآخرة عرجت الآيات على بعض أشراط الساعة. وذلك من قوله تعالى: (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ {93}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ {106}).

ختام سلسلة الأنبياء رحمة مهداة

خُتمت سورة الأنبياء بالحديث عن أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الخاتم لما سبق من الأنبياء والمرسلين وأن إرساله رحمة للعالمين ومع عليه سوى تبليغ الدعوة بينما الحكم لله تعالى. وذلك من قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ {107}) إلى قوله تعالى : (قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ {112}).

اقرأ أيضًا: موضوعات ومضامين سورة طه

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *