موضوعات ومضامين سورة يوسف

سورة يوسف هي السورة الثانية عشر بحسب ترتيب المصحف الشريف، تأتي قبل سورة الرعد وبعد سورة هود، عدد آياتها مائة وإحدى عشرة آية، تقع بالجزء الثاني عشر، تبدأ من ربع الحزب الرابع والعشرون وتنتهي بنصف الحزب الخامس والعشرون، وتدور موضوعات ومضامين سورة يوسف حول قصة النبي يوسف وما يُستخلص منها من مقاصد وعِظات.

موضوعات ومضامين سورة يوسف

موضوعات ومضامين سورة يوسف

تُعد هذه السورة هي أسلوب فذّ فريد في ألفاظها وتعبيرها وأدائها وفي قصها الممتع اللطيف، تسري مع النفس سريان الدم في العروق وقد جاءت طرية ندية في سياق ممتع لطيف يحمل جو الأنس والرحمة والرأفة والحنان، وتتمثل موضوعات ومضامين سورة يوسف في:

إعجاز القرآن الكريم

ابتدأت السورة بتعظيم القرآن الكريم وبيّنت أن آياته عربية ليعقل الناس أن مُنزله إله قدير وعظيم، فآيات القرآن الكريم واضحة مؤثرة جاءت باللغة العربية الفصيحة حتى يعقلها العرب؛ لأنهم القوم الذي بُعث فيهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويتميز القرآن الكريم باشتماله على أحسن القصص، وقد تضمنت سورة يوسف قصة النبي يوسف كاملة. قال تعالى : (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ {1}) إلى قوله تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ {3}).

رؤيا يوسف عليه السلام

تناولت الآيات بعد ذلك قصة يوسف عليه السلام من بدايتها وذلك بالحديث عن رؤياه التي رآها وقصها على أبيه يعقوب والتي كانت تتمثل في رؤية أحد عشر كوكباً والشمس والقمر، وقد فُسرت هذه الرؤية بأن الكواكب هم إخوته والشمس والقمر هما أبويه، ولكن تضمنت الآيات تحذيراً من الأب يعقوب لابنيه يوسف بقص هذه الرؤيا على أحد من إخوته حتى لا يكيدوا له كيداً، فالحسد والمكايدة بين الإخوة والإخوات حقيقة لا يمكن إنكارها، وتُعتبر تلك الرؤيا مركزية في قصة النبي يوسف حيث تُشير إلى أنه سيكون حامل للرسالة مثل أبيه وأجداده. وذلك من قوله تعالى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ {4}) إلى قوله تعالى: (…إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {6}).

تآمر إخوة يوسف عليه

انتقلت الآيات للحديث عن المحنة الأولى التي يتعرض لها النبي يوسف عليه السلام في سبيل تحقيق الرؤيا وهي محنة: تآمر إخوته عليه وكيدهم به بإلقائه في الجب ليلتقطه بعض السيارة، من قوله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ {7})  إلى قوله تعالى : (..بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ {18}).

محنة يوسف في مصر

بعد المحنة الأولى التي تعرض لها يوسف من إخوته، يتعرض لمحنة أخرى وهي محنة الاسترقاق حيث باعوه بثمن قليل، ولكن في وسط المحنة، ظهرت المنحة حيث أقام بمصر في بيت عزيزها وأعطاه الله الحكمة والفقه في الدين وتأويل الأحاديث ونشأ نشاة كريمة، ولكن هذا الأمر لم يستمر طويلاً، فسرعان ما كبر يوسف وأصبح شاباً جميلاً وبالتالي تعرض لمحنة أخرى وهي محنة الفتنة والإغراء من زوجة العزيز، ومع ذلك لم ينساق النبي يوسف إلى طريق المعاصي، وظل صامداً أمام الفتنة لدرجة أنه  آثر السجن على عمل الفاحشة، وكفى بذلك برهاناً على طهارته، من قوله تعالى : (وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ {19}) إلى قوله تعالى : (ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ {35}).

محنة يوسف في السجن

ذكرت الآيات قصته عليه السلام مع صاحبيّ السجن وتأويله لرؤياهما، ولكن من الأمور التي عاتب الله عليه النبي يوسف أنه طلب من أحدهما أن يذكره عند الملك، وكانت عاقبة ذلك أن لبث في السجن بضع سنين ليعلم أن خروجه بيد الله تعالى وفي الوقت المناسب الذي لم يأتِ بعد، ومن ثم انتقلت الآيات لتذكر الرؤيا التي رآها ملك مصر وتأويل يوسف عليه السلام لها، وكانت تلك الرؤيا سبباً من الأسباب التي أخرجته من السجن من قوله تعالى : (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً .. {36}) إلى قوله تعالى : (…وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ {53}).

استلامه الحكم بعد السجن

تتابعت الآيات بعد ذلك للتحدث عن طلب الملك حضور النبي يوسف إليه لكي ينتفع بعمله، وبالفعل استلم النبي يوسف الحكم بمجرد خروجه من السجن، وفي ذلك دلالة على أن الحكم بيد الله تعالى يؤتيه من يشاء مع التشديد على أن الأمور بخواتيمها والجزاء الحقيقي يكون في الآخرة لمن آمن واتقى. وذلك من قوله تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي {54}) إلى قوله تعالى : (وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ {57}).

اقرأ أيضاً: موضوعات ومضامين سورة آل عمران

سورة يوسف

لقائه مع إخواته مرة ثانية

تحدّثت الآيات التالية عن مجيء إخوة يوسف إلى مصر ليشتروا الطعام نتيجة القحط، وذكرت عدم معرفتهم ليوسف لما رأوه، وتجهيزه لهم وطلبه منهم أن يأتوا بأخيهم من أبيهم، وكانت هذه زيارتهم الأولى لمصر، ثم انتقلت الآيات للزيارة الثانية لإخوة يوسف لمصر بعد إقناعهم لأبيهم بأخذ أخيهم (بنيامين) ووصيته لهم ، ثمَّ ما كان من شأن أخوهم حين ظهر الصّواع في رحله واحتجاز يوسف عليه السلام له. من قوله تعالى: (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ {58}) إلى قوله تعالى: (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {98}).

لقاء العائلة

تحدثت عن مجيء أسرة يعقوب بأسرِهِم إلى مصر، ودخولهم على يوسف وهو في عزّ السلطان، وتحقيق الرؤيا بسجود إخوته الأحد عشر له مع أبيه وأمه واجتماع الشمل بعد الفرقة وبهذا انتهت قصة يوسف مع إخوته بالتأكيد على أن وعد الله متحقق لا محالة مهما مضت الأعوام وتباعدت الأنفس واختلفت المصائر. من قوله تعالى : (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ.. {99}) إلى قوله تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ {102}).

تعقيبات على القصة

جاء الجزء الأخير من سورة يوسف تعقيباً على القصة، ومن أبرز تلك التعقيبات أن على الإنسان ألا يذهب نفسه حسرات على عدم إيمان جميع الناس، فمهما حرص الداعية على تبليغ الدعوة، لن يؤمن أكثر الناس؛ ولذلك ليس على الرسول إلا البلاغ المبين ورغم ذلك فنصر الله آت مهما بلغ اليأس بالرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا، وخُتمت السورة بتوجيه الأنظار إلى عجائب الكون الدالة على الوحدانية وما في قصص القرآن من عبر وهداية، فرغم أن هذه السورة نزلت في وقت عصيب من أجل الترويح عن نفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، إلا أنها ليست مجرد قصة للتسلية، فهي تشتمل على معانٍ بعيدة وعظات عديدة. ويبدأ هذا القسم من قوله تعالى: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ {103}) إلى قوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {111}‏).

اقرأ أيضاً: فوائد من سورة يوسف

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *