موضوعات ومضامين سورة الأعراف
تُعد سورة الأعراف من السور السبع الطوال، وهي أولى السور التي عرضت بالتفصيل قصص الأنبياء، وقد نزلت هذه السورة على النبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة المكرمة باستثناء الآيات من 163 إلى 171 فهي آيات مدنية، ويتمثل الهدف من موضوعات ومضامين سورة الأعراف في تقرير أصول الدعوة الإسلامية من توحيد الله إضافةً إلى البعث والجزاء وتقرير الوحي والرسالة.
موضوعات ومضامين سورة الأعراف
يدور محور سورة الأعراف حول تحديد الموقف وسط الصراع المحتدم بين الحق والباطل، وتتمثل موضوعات ومضامين سورة الأعراف في:
مهمة القران ووجوب اتباعه
عرضت السورة الكريمة في بدايتها لمعجزة القرآن الكريم وقررت أن هذا القرآن نعمة من الرحمن على الإنسانية جمعاء، ثم أتبعت الآيات بالحديث عن حال الأمم السابقة وتمكين الله للإنسان في الأرض ولكنه لا يستغل نعم الله تعالى في عبادته واتباع أوامره ، ويتجلى ذلك من قوله تعالى: (المص {1} كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {2} ) إلى قوله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ {10}).
خلق آدم وعداوة الشيطان له
تحدثت سورة الأعراف عن بدء الخليقة، وقصة آدم عليه السلام وذكر ما امتن به الله تعالى على بني آدم وما أنعم به عليهم، وجاء الأمر الإلهي لبني آدم بالبعد عن الشيطان وفتنته واتّباع طريق الله تعالى طريق الحق والخير وعدم الاغترار بما يدعو إليه الشيطان بني آدم لأنه يريد بهم الشر والضلال، من قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ {11} ) إلى قوله تعالى : (فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ {30}).
إباحة الطيبات وتحريم الفواحش
بيّنت أمر الله تعالى بأخذ الزينة والتجمل في المناسبات وعند إرادة الصلاة، ثم ذكرت الآيات أحوال الآخرة وانقسام الناس إلى طوائف ( أهل الجنة، أهل النار، وأهل الأعراف) ومآل كل فريق من سعادة أو شقاء في الدار العدل والجزاء من قوله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {31}) إلى قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {51}).
أقوام الأنبياء وموقفهم من الرسالات
ذكرت آيات سورة الأعراف أنه لا حجة لأحد بعدم الإيمان، فقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لهداية البشرية، ثم ذكرت قصص بعض الأنبياء فبدأت بنوح عليه السلام ثم أعقبته بذكر هود عليه السلام، وذكرت موقف المشركين من دعوة الرسل الكرام، من قوله تعالى : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {52}) إلى قوله تعالى : (فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ {72}) ثم أعقبت الآيات ذلك بذكر قصة صالح عليه السلام ، وموقف المعاندين للرسل الكرام، من قوله تعالى : (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ.. {73}) إلى قوله تعالى : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ {79}) فضلًا عن ذكر قصة لوط عليه السلام، من قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ {80} ) إلى قوله تعالى : (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ {84}) وبعد ذلك تناولت قصة شعيب عليه السلام، من قوله تعالى : (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً… {85}) إلى قوله تعالى : ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ {93}).
اقرأ أيضًا: أسباب نزول سورة الأعراف
سنة الله في المكذبين
عالجت آيات سورة الأعراف بعد قصص الأنبياء سنة الله تعالى في الانتقام ممن كذب أنبياءه، وذلك بالتدرج معهم بالبأساء والضراء، ثم بالنعمة والرخاء، ثم بالبطش بهم إن لم يؤمنوا بالله وحده، من قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ {94}) إلى قوله تعالى : (وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ {102}).
قصة موسى عليه السلام
أعقبت الآيات ذلك بقصة موسى عليه السلام مع الطاغية فرعون وما فيها من عبر وعظات، من قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ {103} ) إلى قوله تعالى : (قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ {129}). استطردت الآيات بعدها لتحكي عمّا حلّ بقوم فرعون من البلايا والنكبات، وما ابتلاهم الله به من قحط وجدب وطوفان وجراد وغير ذلك من المصائب نتيجة معصيتهم وإصرارهم عليها، ثم ذكرت أنواع النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل ومن أعظمها إهلاك عدوهم وقطعهم البحر مع السلامة والأمان، من قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {130}) إلى قوله تعالى : (وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ {149}).
الإخبار بني إسرائيل وعاقبتهم في الآخرة
اشتملت الآيات على بعض أخبار بني إسرائيل مثل قصة أصحاب القرية واعتداءهم يوم السبت بالاصطياد فيه، وكيف أن الله تعالى مسخهم قردة وفي ذلك عبرة للمعتبرين، من قوله تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ .. {150}) إلى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ {170}) ثم تناولت الآيات بعدها عن عاقبة بني إسرائيل نتيجة تمردهم وعصيانهم باقتلاع جبل الطور، وسحقهم به إن لم يعملوا بأحكام التوراة، ثم ذكرت مثلاً لعلماء السوء في قصة الذي انسلخ عن آيات الله طمعاً في حطام الدنيا، وضربت له مثلاً بالكلب اللاهث في حالتي التعب والراحة! وكفى به مثلا لتصوير نفسية اليهود في تكالبهم على الدنيا وعبادتهم للمال وذلك من قوله تعالى : (وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ .. {171}) إلى قوله تعالى : (مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {186}).
السؤال عن الساعة
لما ذكرت موقف المستهزئين من دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذكرت هنا طرفاً من عنادهم واستهزائهم بسؤالهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة وذلك من قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ.. {187}) إلى قوله تعالى: (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {188}).
بطلان عقيدة المشركين وبيان عظمة القرآن
أوضحت الآيات الحجج والبراهين على بطلان عقيدة المشركين في عبادتهم الأصنام والتعريض بهم حيث أنهم يلجأون لله وقت الشدة وسرعان ما يُشركون عندما يُحقق الله لهم أمانيهم، وخُتمت السورة ببيان عظمة شأن القرآن الكريم ووجوب الاستماع والإنصات عند تلاوته، من قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا {189}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ {206}). وهكذا خُتمت السورة بالتوحيد كما بدأت بالتوحيد فكانت الدعوة إلى الإيمان بوحدانية الرب المعبود في البدء و الختام.