موضوعات ومضامين سورة الأنعام

سورة الأنعام من السور التي يدور محورها حول العقيدة وأصول الإيمان، كما تدعو موضوعات ومضامين سورة الأنعام إلى توحيد الله توحيداً خالصاً عن طريق النظر إلى قدرة الله عزّ وجل وملكوته في الكون، فهي واحدة من أكثر السور التي تشعرك بمحبة الله من خلال استشعار عظمته وقدرته في الكون.

موضوعات ومضامين سورة الأنعام

سورة الأنعام

تتلخص قضايا سورة الأنعام في: قضية الألوهية، قضية الوحي والرسالة، قضية البعث والجزاء. وتتمثل موضوعات ومضامين سورة الأنعام في النقاط التالية:

دلائل قدرة الله ووحدانيته

بدأت السورة الكريمة بإقامة الدلائل والبراهين على قدرة الله ووحدانيته، وتحدّثت الآيات عن استهزاء الأمم السابقة برسلهم وعقاب الله تعالى لهم تحذيراً للمستهزئين من الكفار برسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيداً لهم بأن عذاب الله آت، ثم تبين قدرته تعالى ووحدانيته وعظمته، من قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ {1}) إلى قوله تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {18}‏).

معرفة أهل الكتاب للنبي وتكذبيهم له

ذكرت الآيات شهادة الله تعالى على صدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ومعرفة أهل الكتاب بأنه النبي الخاتم للرسالات السابقة ولكنهم كذبوا به، ثم ذكر موقف الجاحدين المكذبين للقرآن والوحي وحسرتهم الشديدة يوم القيامة، كما تضمنت الآيات دعوة للنبي صلى الله عليه وسلم كي على الأذى وبيّنت أن أمر الهداية بيد الله تعالى، من قوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ.. {19}) إلى قوله تعالى : (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ {35}).

إعراض المشركين عن القرآن الكريم

بيّن الله تعالى سبب إعراض المشركين عن القرآن، وذلك لأن القرآن نور للمؤمن لكن الكافر بمنزلة الميت الذي لا يسمع أو يستجيب، ثم تحدّثت عن عقاب الله تعالى للأمم السابقة، تحذيراً للناس وإنذاراً لهم من أن يتّبعوا سبيل الغيّ والضلال وذلك من قوله تعالى : (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ {36} إلى قوله تعالى : (قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّه أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ {58}).

الأدلة على صفات الله القدسية

اشتملت الآيات على الأدلة على صفات الله القدسية ومنها: علمه، وقدرته، وعظمته، وجلاله، وسائر صفات الجلال والجمال، ثم ذكرت نعمته تعالى على العباد بإنقاذهم من الشدائد، وقدرته على الانتقام ممن خالف وعصى أمره، داعية المؤمنين لتقواه والصلاة له وحده سبحانه فإليه يحشر الناس وله الملك وبيده علم الغيب، من قوله تعالى : (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.. {59}‏) إلى قوله تعالى : (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {73}).

محاورة إبراهيم لأبيه وقومه وإقامة الحجة على المشركين

تناولت الآيات قصة أبي الأنبياء (إبراهيم) عليه السلام لإقامة الحجج على مشركي العرب في تقديس الأصنام فقد جاء بالتوحيد الذي يتنافى مع الإشراك بالله، كما ذكرت شرف الرسل من أبناء إبراهيم وأمرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهديهم الكريم، ثم انتقلت للحديث اليهود والمشركين الذين حرفوا الكتاب وحالهم عند الموت، من قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ {74}) إلى قوله تعالى : (لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ {94})

مواجهة المشركين وتهديدهم

جاء النهي عن سب الذين يعون من دون الله لأن ذلك يدعوهم لسب الله جهلا منهم، كما بيّنت الآيات طغيان الكافرين وصعوبة إيمانهم وعنادهم فلا يستطيعون اتباع آيات الله مع تهديدهم ببيان وجود الخالق وكمال علمه وقدرته وحكمته تنبيهاً على أن المقصود الأصلي إنما هو معرفة الخالق بذاته وصفاته وأفعاله، وذلك من قوله تعالى : (إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ {95}) إلى قوله تعالى : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {110}).

علم الله بما في نفوس الخلائق

أكدّت الآيات على أن رؤية المعجزات لن تفيد من عميت بصيرته، وأنه لو أتاهم بالآيات التي اقترحوها من إنزال الملائكة، وإحياء الموتى حتى يكلموهم، وحشر السباع والدواب والطيور وشهادتهم بصدق الرسول ما آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا بالقرآن الكريم لتأصلهم في الضلال، ودعت الآيات للأكل مما ذكر اسم الله عليه، ثم ذكرت أن من البشر فريقان: فريق مهتد وآخر ضال، داعية المؤمنين للثبات على صراط الله المستقيم، من قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ.. {111}) إلى قوله تعالى : (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {127})

مشاهد يوم القيامة وبيان جهالة المشركين

شدّدت آيات سورة الأنعام على أن الله تعالى سيحشر الخلائق جميعاً يوم الحساب لينال كلّ الجزاء العادل على ما قدم في الحياة، وبينت جهل المشركين وخرافاتهم تحذيرا منهم وبيانا أنه لا أهلية لهم في القدح بالحق، وتصرفهم في كثير مما أحله الله لهم من الحرث والأنعام، من قوله تعالى : (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ.. {128}) إلى قوله تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ {140}).

فضل الله على عباده وتفنيد أباطيل المشركين

تحدثت الآيات عن مدى امتنان الله تعالى على العباد بالرزق الذي تصرفوا فيه بغير إذنه تعالى افتراء منهم عليه واختلاقاً، ثم أعقبته ببيان أن المشركين سيحتجون على شركهم وتحريمهم ما أحل الله بالقضاء والقدر وأنهم سيجعلون ذلك حجة لهم في دفع اللوم عنهم ، ثم جاءت الآيات ترد ليهم وتبطل شهادتهم، من قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ… {141}) إلى قوله تعالى : (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ {150}).

توجيهات إلهية وتشريعات سماوية

اختتمت سورة الأنعام بما حرَّمَهُ تعالى من الأمور الضارة، وذكرت الوصايا العشر التي اتفقت عليها الشرائع السماوية وبها سعادة البشرية، من قوله تعالى : (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّم رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً{151}‏) إلى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {165}).

اقرأ أيضاً: فضل سورة الأنعام

لطائف من سورة الأنعام

موضوعات ومضامين سورة الأنعام

  • صورة من صور الإعجاز تجلت في التناغم بين البداية والنهاية، وما تتضمنه السورة من أصول عقائدية، فقد بدأت السورة بحمد الله أو الثناء عليه، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}، واشتملت الخاتمة على تبيان الهداية إلى الدين القيم، وأنّ الله وحده لا شريك له، لا يبتغي الإنسان العاقل رباً غيره، قال تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ}.
  • الرحمن الرحيم من أسماء الله الحسنى، والرحمة من صفاته العظيمة، التي كتبها الله على نفسه، قال تعالى: {كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ}، فمن عظمته -سبحانه وتعالى- أنّه قد قرن الرحمة في الآية الكريمة بيوم البعث، يوم تقوم الساعة.
  • بعد ذكر أهوال يوم القيامة، وتبيان حسرة أهل النار في ذلك اليوم العظيم، بين الله الحكمة من ذلك في قوله: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}، وعلى كل مؤمن بيوم الحشر من أهل الكتاب، والمسلمين، أن يتقي الله في حياته، وأن يعمل صالحًا، راجيًا من الله توبة تدخله جنات النعيم.
  • توضيح ثمار شجرة الرسل والأنبياء، واتباع ذلك بالبشرى لمن أحسن اتباع سنة الله على الأرض، وقد أدرج العديد من الأساليب في نسق السورة وموضوعها، وقد انتقل بين هذه الأساليب بشكل متسلسل ما بين أسلوب لوم وعتاب، وأسلوب التهديد والوعيد، إضافةً إلى العديد من الأساليب الاستفهامية والاستنكارية وغيرها، ما يثبت عظمة الله -جلّ في علاه-، فلا هوادة ولا سكينة لمن يضل طريقه عن سبيل ربه.

اقرأ أيضاً: أسباب نزول سورة الأنعام

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *