اعتنت الشريعة الإسلامية بالوقت، وأعطته اهتمامًا كبيرًا في حياة المسلم، فقد تضمن القرآن الكريم الكثير من الدلالات التي تشير إلى ضرورة استغلال الوقت، فهو الشيء الأكثر أهميةً في حياة كل مسلم ومسلمة، كما أكدّت السنة النبوية على ذلك عبر عدة أحاديث عن تضييع الوقت والتحذير الشديد من ذلك.
أحاديث عن تضييع الوقت
عن عبد الله بن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ. (( الراوي : عبد الله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 5/74 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
قد يكون الإنسان صحيحًا ولا يكون متفرغًا لشُغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا، فإذا اجتمعا فغلَب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبونُ، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التِّجارة التي يظهر ربحها في الآخرة؛ فمَن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومَن استعملهما في معصية الله فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقُبُه الشُّغل، والصحة يعقبها السقم.
عن عبد الله بن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغتَنِم خمسًا قبلَ خمسٍ شبابَك قبلَ هَرمِك وصحَّتَك قبلَ سَقمِك وغناكَ قبلَ فقرِك وفراغَك قبلَ شُغلِك وحياتِك قبلَ موتِكَ. (( الراوي : عبد الله بن عباس وعمرو بن ميمون | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1077 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى اغتنام الفرص في الحياة؛ للعمل للآخرة بملء الأوقات بالطاعات؛ لأنها هي عمر الإنسان في الدنيا، وذخيرته في الآخرة. وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اغتنم” من الاغتنام؛ وهو أخذ الغنيمة والعطية، “خمسا”، أي: خمسة أحوال يكون عليها الإنسان، والمراد: التنبيه والتعريف على مواطن الاستفادة في حياة الإنسان، “قبل خمس”، أي: قبل خمس من العوارض المتوقعة في المستقبل: “شبابك قبل هرمك”، أي: اغتنم زمان قوتك في الشباب على العبادة، وغيرها من أعمال الخير قبل كبرك وضعفك عن الطاعة، “وصحتك قبل سقمك”، يعني: اغتنم الأعمال الصالحة في الصحة قبل أن يحول بينك وبينها السقم والمرض، واشتغل في الصحة بالطاعة بحيث لو حصل تقصير في المرض انجبر بذلك؛ فيستفيد الإنسان من صحته ما قد يضعفه المرض عنه يوما ما، “وغناك قبل فقرك”، أي: اغتنم قدرتك على العبادات المالية والخيرات والمبرات الأخروية في مطلق الأحوال، مثل التصدق بفضل مالك ونحوه، قبل فقدك المال في حياتك، أو قبل الممات، وفقدك المال الذي تعطي منه في وجوه الخير، فتصير فقيرا في الدارين، “وفراغك قبل شغلك”، أي: على الإنسان أن يستغل أوقات فراغه ويعمل فيها بالخير قبل أن تشغله الشواغل؛ كالزواج، والأولاد، وطلب الرزق، ونحو ذلك، “وحياتك قبل موتك”، أي: اغتنم الأعمال الصالحة في الحياة قبل أن يحول بينك وبينها الموت، وهذه الخمسة لا يعرف قدرها إلا بعد زوالها .
عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَعْذَرَ اللَّهُ إلى امْرِئٍ أخَّرَ أجَلَهُ، حتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6419 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
الإعذار هو إزالةُ العُذر، والمعنى أنه لم يبقَ له اعتذارٌ؛ كأن يقول: لو مدَّ لي في الأجل، لفعلتُ ما أُمرت به، يقال: أعذَر إليه، إذا بلَّغه أقصى الغاية في العُذر، ومكَّنه منه، وإذا لم يكن له عُذر في ترك الطاعة مع تمكُّنه منها بالعمر الذي حصل له، فلا ينبغي له حينئذٍ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية، والمعنى أن الله لم يترك للعبد سببًا في الاعتذار يتمسَّك به، والحاصلُ أنه لا يعاقب إلا بعد حجة.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن نعمة الصحة
عن أبي برزة الأسلمي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تُزالُ قَدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عن عُمرِه فيمَ أفناه وعن شبابِه فيما أبلَاه وعن مالِه من أين اكتسبَه وفيمَ أنفَقه وعن علمِه ماذا عَمِلَ فيه. (( الراوي : أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 126 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعمارُ أمَّتي ما بينَ السِّتِّينَ إلى السَّبعينَ وأقلُّهم مَن يجوزُ ذلك. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3550 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
عن أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن قامتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةٌ فليغرِسْها. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 9 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم ))
عن طارق بن شهاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلَّى الناسُ العِشاءَ صَدَرُوا عن ثلاثِ منازلٍ ، مِنْهُمْ مَنْ عليهِ ولا لهُ ، ومِنْهُمْ مَنْ لهُ ولا عليهِ ، ومِنْهُمْ مَنْ لا لهُ ولا عليهِ : فَرجلٌ اغْتَنَمَ ظُلْمَةَ الليلِ وغفلةَ الناسِ فركبَ فرسَهُ في المعاصِي ، فذلكَ عليهِ ولا لهُ ، ومن لهُ ولا عليهِ فَرجلٌ أغْتَنَمَ ظُلْمَةَ الليلِ وغَفْلَةَ الناسِ فقامَ يصلِّي ، فذلكَ لهُ ولا عليهِ ، ومَنْ لا لهُ ولا عليهِ : فَرجلٌ صلَّى ثُمَّ نامَ ، فذلكَ لا لهُ ولا عليهِ ، إِيَّاكَ والحَقْحَقَةَ ، وعليكَ بِالقَصْدِ ، وداومْ. (( الراوي : طارق بن شهاب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب، الصفحة أو الرقم: 633 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره ))
اقرأ أيضًا: أحاديث عن حفظ النعمة