أحاديث عن غيرة الله
قال الإمام الشافعي: كلما تعلقت بشخص تعلقًا؛ أذاقك الله مر التعلق؛ لتعلم أن الله يغار على قلب تعلق بغيره، فيصدك عن ذاك ليردك إليه. وقد وردت في السنة النبوية عدة أحاديث عن غيرة الله على عباده.
أحاديث عن غيرة الله
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ تعالى يَغارُ ، و إنَّ المؤمِنَ يَغارُ ، و غَيرَةُ اللهِ أن يأتِيَ المؤمِنُ ما حَرَّمَ اللهُ عليهِ. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1901 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
في هذا الحديث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى يغار، وأن غيرته أن يأتي المؤمن ما حرم الله، ومعناه: أن الله يغار وأن غيرته ثابتة لأجل ألا يأتي المؤمن محارمه، وخص المؤمن دون غيره؛ لأن انتهاك المحارم من المؤمن أعظم من وقوعه من غيره. وفي الحديث: إثبات صفة الغيرة لله سبحانه وتعالى، وغيرته سبحانه تليق بجلاله وعظمته لا تشبه غيرة المخلوقين.
قالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: لو رَأَيْتُ رَجُلًا مع امْرَأَتي لَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ غيرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذلكَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: أتَعْجَبُونَ مِن غَيْرَةِ سَعْدٍ، واللَّهِ لَأَنَا أغْيَرُ منه، واللَّهُ أغْيَرُ مِنِّي، ومِنْ أجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، ولَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللَّهِ، ومِنْ أجْلِ ذلكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ والمُنْذِرِينَ، ولَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، ومِنْ أجْلِ ذلكَ وعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ. (( الراوي : المغيرة بن شعبة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 7416 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
يقول سعد بن عبادة رضي الله عنه لشدة غيرته: إنه لو رأى رجلا مع امرأته لضربه بالسيف غير مصفح، أي: غير ضارب بصفح السيف وهو جانبه، بل يضربه بحده، ومراده: أنه لن ينتظر إلى حين حضور شهود يقام بهم الحد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تعجبون» وفي رواية: أتعجبون «من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني»، فبين صلى الله عليه وسلم أن عقابه لمن قذف زوجته بغير شهود- وذلك قبل نزول آية اللعان- وبين أن الله تعالى الذي شرع هذا الحكم هو أشد غيرة على محارمه من النبي صلى الله عليه وسلم ومن سعد، ولكن الله أعلم بما فيه خير للعباد.
«ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش»، وهي كل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال «ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر»، أي: الحجة والإعذار، وقيل: التوبة والإنابة «من الله؛ ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين» كما في قوله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء: 165]، «ولا أحد أحب إليه المدحة»، أي: المدح وهو الثناء بذكر أوصاف الكمال والإفضال «من الله؛ ومن أجل ذلك وعد الله الجنة» عباده إن هم أطاعوه وأثنوا عليه بما هو أهله ونزهوه عما لا يليق به سبحانه. وفي الحديث: أن الغيرة وغيرها من الصفات المحمودة: محكومة ومقيدة بحكم الشرع.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن عظمة الله
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ لا يخسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه ، فإذا رأيتُم ذلك فادْعوا اللهَ وكبِّروا وصلُّوا وتصدَّقوا ، يا أمةَ محمدٍ ! واللهِ ما من أحدٍ أَغْيَرُ من اللهِ أن يزنيَ عبدُه أو تزني أمَتُه ، يا أمةَ محمدٍ ! واللهِ لو تعلمون ما أعلم لضحكتُم قليلًا ، ولبكيتُم كثيرًا ، اللهم هلْ بلَّغْتُ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1642 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
في هذا الحديث لم يصف صلى الله عليه وسلم الله تعالى بمطلق الغيرة بل بين أنه لا أحد أغير منه، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغير من المؤمنين، وقد قدمنا غير مرة أن الله لا يُساوى في شيء من صفاته وأسمائه بل ما كان من صفات الكمال فهو أكمل فيه وما كان من سلب النقائص فهو أنزه منه إذ لهُ المثل الأعلى سبحانه وتعالى، فوصفه بأنه أغير من العباد وأنه لا أغير منه.
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا شَخصَ أغيَرُ منَ اللَّهِ ولا شخصَ أحبُّ إليهِ العذرُ منَ اللَّهِ ومن أجلِ ذلِكَ بعثَ الرُّسُلَ مبشِّرينَ ومنذرينَ ولا شَخصَ أحبُّ إليهِ المدحُ منَ اللَّهِ ومن أجلِ ذلِكَ وعدَ الجنَّةَ. (( الراوي : المغيرة بن شعبة | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة، الصفحة أو الرقم: 522 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين ))
ويُستفاد من هذا الحديث أن الله تعالى يوصف بالغيرة، كما يوصف بالفرح والضحك والعَجَب وما أشبهه، وهذه الصفة من الصفات الفعلية التي تتعلق بمشيئته، لأن الضابط أن كل صفة لها سبب فهي من الصفات الفعلية، فكل صفة لها سبب فإنها صفة فعلية، لدخولها في الضابط المعروف عند العلماء أن كل صفة تتعلق بمشيئته فهي صفة فعلية، وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها؛ فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن رحمة الله بنا