حرم الإسلام التكبر والإعجاب بالنفس فهو من أسوء الصفات كما أنه من الصفات الملازمة للمشركين وقد وعد الله تعالى المتكبرين بأشد العقوبات الدنيوية وأقسى العذاب في الآخرة، ومن أبرز الشخصيات التي يُضرب بها المثل في التكبر وإنكار نعم الله تعالى هو قارون؛ ولذلك يجب معرفة ماهي عقوبة قارون وأبرز الدروس المستفادة من قصته.
قصة قارون
كان قارون واحدا من أتباع موسى -عليه السلام- وكان شديد العبادة وقد فاق جميع بني إسرائيل في عبادته، حتى إنه اعتزل في أحد الجبال يتعبد ربه أربعين عاما، وحاول إبليس أن يفتنه بالشياطين لكنهم لم يقدروا عليه، فتمثل إبليس نفسه على صورة رجل ودأب يتعبد معه حتى فاقه في العبادة، فأصبح قارون يتواضع لإبليس أشد التواضع، وبدأ يستدرج قارون فقال له لا نشهد للقوم لا جماعة ولا جنازة فوافقه قارون، ثم جعل بنو إسرائيل يحملون الطعام إليه، فقال له إبليس إننا صرنا عالة على القوم، فالرأي أن نخرج في يوم نكسب فيه وباقي الجمعة نعبد الله.
بعد ذلك استدرج إبليس قارون أكثر فقال لقارون: صرنا لا نتصدق على أحد ولا نساعد أحد، فالرأي أن نعمل يوما ونتعبد يوما، فلما وصل قارون إلى هذه الدرجة تمكن منه الشيطان وتركه وانصرف عنه، وفتحت لقارون الدنيا فنسي ما كان عليه من الزهد والعبادة، حتى إن مفاتيح كنوزه كان يعجز عن حملها الرجال الأشداء الأقوياء، وقد صنعت مفاتيح كنوزه من جلود الإبل، وكان كل مفتاح من المفاتيح لكنز من الكنوز، ولقد كان قارون يحمل مفاتيح كنوزه أين ما ذهب، فكانوا يضعون المفاتيح على سبعين بغل من البغال شديدة القوة.
وقد كان يخرج على قومه متكبرا تعلوه بهرجة الحياة وزينتها ومعه المراكب والخدم والحشم وهو يمشي في خيلاء ويستعرض ما عنده من المُلك أمام الناس حتى تمنى طائفة من القوم أن لو كانوا مثله ومعهم ما معه من متاع الحياة الدنيا.
لما طغى قارن بمال الله -تعالى- الذي آتاه إياه قال له الصالحون من بني إسرائيل لا تبغ يا قارون، ولا تفخر بنعم الله -تعالى- التي آتاك إياها، ولا تتكبر بما منحك إياه الله -تعالى- من الأموال، فالله لا يحب هذه الصفات في عباده.
وقد حذره نبي الله موسى من الكبر والاستعلاء في الأرض، ولكنه لما سمع كلام موسى -عليه السلام- فإنه قد جحد واستكبر أكثر وعلا في الأرض أكثر وقال: بل أوتيته على علم عندي، وليس تفضلا من الله -تعالى- علي؛ أي إنه نسب الرزق لذاته وليس لإنعام الله -تعالى- عليه في تلك الأموال مما يدل على كفره بنعم الله – تعالى- وشدة تكبره في الأرض.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن الكبر
ماهي عقوبة قارون
عقوبة قارون هي أن خسف الله -تعالى- بقارون وقصره وأمواله الأرض وابتلعتهم فلم يبق لهم أثر، وقد خسف فيهم حتى الأرض السابعة، وذلك بعدما غضب موسى -عليه السلام- من قارون بسبب أنه استأجر بغيا لكي تشهد بأن نبي الله موسى زنا بها، فلما أحضرها، سألها موسى -عليه السلام- بالله الذي فلق البحر وأنزل التوراة أن تقول الصدق، فتكلمت الصدق وقد تبادرت التوبة إلى نفسها، فخر موسى ساجدا وهو يبكي ويقول اللهم إن كنت رسولك فاغضب لي.
أمر الله -تعالى- الأرض أن تُطيع موسى بما يشاء، وذهب إلى قومه وقال لهم إن الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون ومن أراده فليبق معه ومن أرادني فليعتزلهم، فاعتزلهم القوم إلا رجلان، ثم أمر موسى الأرض أن تأخذهم فأخذتهم إلى أقدامهم، ثم أمرها أن تأخذهم فأخذتهم إلى الركب، ثم قال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الوسط، ثم قال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم وهم يرجون موسى -عليه السلام- أن يكف عنهم ويتوبون إلى الله، وكان قارون يناشد موسى بالله -تعالى- وبالرحم التي بينهم حتى ناشده سبعين مرة، وكان موسى لا يلتفت إلى كلامه من شدة غضبه على قارون، وقالها أخيرا يا أرض خذيه فأخذتهم عن آخرها وأطبقت عليهم.
اقرأ أيضًا: من هو وزير فرعون
دروس مستفادة من قصة قارون
- ندرك من خلال قصة قارون أن المال والنعم والرزق يهبها الله تعالى لمن شاء من عباده.
- قد تكون السعة في الرزق والمال الكثير بلاء من الله تعالى وامتحان منه.
- يجب على المؤمن أن يتصدق من أمواله فلا يكتنزها لأنَّها كلها من الله وبأمر الله.
- يؤدي الكبر إلى العواقب الوخيمة، وخير دليل على ذلك ما حصل مع قارون.
- ينصر الله عباده المؤمنين ولا يتركهم في محنتهم، كما نصر الله -تعالى- نبيه موسى عليه السلام.
- قد يعجل الله تعالى العقوبة لذنب ما قبل العقاب في الآخرة كما حدث مع قارون.
اقرأ أيضًا: فوائد من سورة القصص