يعظم فضل سورة الصف حيث أنها جاءت بأحب الأعمال إلى الله تعالى، وهي الجهاد في سبيل الله تعالى، وإخلاص ذلك لوجه الله تعالى، وصفته كما ورد في الكتاب العزيز التراص والتماسك بين جنود المسلمين، فجاءت السورة لتذم الذين يقولون ما لا يفعلون.
فضل سورة الصف
يدل على فضل سورة الصف ما جاء عن عبد الله بن سلام قال: تَذاكَرْنا بينَنا، فقُلْنا : أيُّكم يأتي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فيَسأَلُه أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ، فهِبْنا أن يقومَ مِنا أحَدٌ ، فأرسَل إلينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلًا حتى جمعَنا ، فجِئْنا نشيرُ بعضًا إلى بعضٍ يقرأُ علينا سورةَ : سَبَّحَ للهِ ما في السماواتِ وما في الأرضِ وهُوَ العزيزُ الحكيمُ يأيُّها الذينَ آمَنوا لِمَ تَقولُونَ ما لا تَفعَلُونَ ، فتَلاها مِن أولِها إلى آخِرِها. قال : فتَلاها علينا عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ مِن أولِها إلى آخِرِها. قال هلالٌ : فتَلاها علينا عطاءٌ مِن أولِها إلى آخِرِها. قال الأوزاعِيُّ : فتَلاها علينا يَحيى مِن أولِها إلى آخِرِها. (( الراوي : عبدالله بن سلام | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة، الصفحة أو الرقم: 6/287 | خلاصة حكم المحدث : إسناده رواته ثقات ))
جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال إنَّ أخي وَجِعٌ قال ما وَجَعُ أخيك قال به لَمَمٌ قال فابعثْ إلي به قال فجاءه فجلس بينَ يدَيه قال فقرأ عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فاتحةَ الكتابِ وأربعَ آياتٍ من أولِ سورةِ البقرةِ وآيةً من وسطِها وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حتى فرغ من الآيةِ فذكر الحديثَ بنحوِه وقال عشرَ آياتٍ من سورةِ الصفِّ ولم يقلْ من أولِها وقال وثلاثَ آياتٍ من آخرِ سورةِ الحشرِ. (( الراوي : والد رجل | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 5/118 | خلاصة حكم المحدث : صححه ابن حبان ))
عند الحديث عن فضل سورة الصف أو سورة عيسى كما أطلق عليها بعض المفسرون، تجدر الإشارة إلى أن هناك الكثير من الأحاديث الموضوعة في فضل هذه السور، ومن أشهرها الحديث الذي رواه أبي بن كعب ونُسب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ قرأَ سورة عيسى كان عيسى مصلِّياً مستغفراً له ما دام فى الدّنيا، وهو يوم القيامة رفيقه”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن القيسراني | المصدر : ذخيرة الحفاظ، الصفحة أو الرقم: 4/2370 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
وردت بعض الآثار في فضل هذه السورة، مثل ما قاله الإمام الصادق: “من قرأها وأدمن قراءتها في سفره أمِن من طوارقه ، وكان محفوظاً إلى أن يرجع إلى أهله بإذن الله تعالى”. (( تفسير البرهان ٥ : ٣٦١ / ١٠٦٨١ )) وعن أبي جعفر قال: “من قرأ سورة ( الصّفّ ) وأدمن قراءتها في فرائضه ونوافله ، صفّه الله مع ملائكته وأنبيائه المرسلين إن شاء الله تعالى”. (( ثواب الأعمال : ١٤٥ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٤٢ / ٧٥٦١ ))
اقرأ أيضا: فضل سورة سبأ
فضائل سورة الصف وخواصها
تتعدد فضائل سورة الصف حيث أنها من السور التي لها العديد من الآثار الإيجابية، التي يمكن للمسلم أن يطبقها على حياته، ومنها:
- الإدراك بأن وحدة المجتمع الإسلامي وتماسك الأمة سبب قوته، وسبيل ذلك بالتناصح فيما بين المسلمين وعدم هجران الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- الإيمان بأن التجارة الرابحة في الدنيا متمثلة في الجهاد في سبيل الله تعالى، فيحرص المسلم على عدم التقاعس عن الجهاد في سبيل الله تعالى إن أتيحت الفرصة لذلك.
- التصديق في أن ثبات العقيدة الإسلامية في نفوس جنود الجيش الإسلامي هو المحور الأساس لترابط الصفوف وتماسكها، مما لذلك من أثر في قوة الجيش الإسلامي.
- التأكيد على أن العقيدة الإسلامية الصحيحة الثابتة تستدع امتحان المؤمنين بالدعوة إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، فيميز الله تعالى بذلك القوي من الجبان.
- بيان أن إنكار الفاسدين والكفار وإفسادهم في الأرض أمر حاصل منذ قديم الزمن، فيمطمئن المسلم، وبالأخص الداعية إلى الله تعالى؛ بأنه مهما طغى الظلم والفساد في الأرض فلا مآل لهم إلا عذاب الله تعالى، وأن العاقبة في النهاية لعباد الله الصالحين، وما يمتلكه الفاسدون من أساب قوة ما هو إلا تمهيل من الله لهم.
- توضيح أن إتقان أداء الصلاة ما هو إلا صورة مصغرة لإتقان الأداء في الحرب، فيحسن المسلم أداؤه في حالة السلم ليحسن أداؤه في حالة الحرب.
- التشديد على أن عبادة الله لا تضر الله ولا تنفعه، فكل ما في هذه السماوات والأرض يسبح لله تعالى ويقدسه، فيدرك المسلم بأنه هو من بحاجة إلى الله تعالى، والله مستغن عن عباده.
- التنويه إلى أن نور الإسلام ونور الحق، حاصلان محققان بلا محالة، فيمطمئن المسلم بأنه جهده مقتصر على العمل والجهاد، والنتيجة من الله -تعالى- وحده.
اقرأ أيضا: فضل سورة ص