سورة يونس هي سورة مكية من سور القرآن الكريم نزلت آياتها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة باستثناء الآية رقم أربعين، والآيات الممتدة من أربع وتسعين إلى ست وتسعين فهي آيات مدنية، ويعظم فضل سورة يونس وتتعدد خواصها.
فضل سورة يونس
سورة يونس من السور المبدوءة بآلر وحث الرسول على قراءة السور المبدوءة بالحروف المقطعة “آلر” والدليل على ذلك: أتى رجلٌ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ أقرئني يا رسولَ اللَّهِ فقالَ اقرأ ثلاثًا من ذواتِ (الر) فقالَ كبُرت سنِّي واشتدَّ قلبي وغلظَ لساني قالَ فاقرأ ثلاثًا من ذواتِ (حم) فقالَ مثلَ مقالتِهِ فقالَ اقرأ ثلاثًا منَ المسبِّحات فقالَ مثلَ مقالتِهِ فقالَ الرَّجلُ يا رسولَ اللَّهِ أقرئني سورةً جامعةً فأقرأهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا زلزلتِ الأرضُ حتَّى فرغَ منها فقالَ الرَّجلُ والَّذي بعثَكَ بالحقِّ لا أزيدُ عليها أبدًا ثمَّ أدبرَ الرَّجلُ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أفلحَ الرُّويجل مرَّتين. (( (( الراوي: عبدالله بن عمرو، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 1399، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح ))
ما مِن يومٍ تَطلعُ شَمسُهُ إلَّا وبِجَنبتِها ملَكانِ يُناديانِ يَسمعُهُ الخلقُ كلُّهم يا أيُّها النَّاسُ هلمُّوا إلى ربِّكم فإنَّ ما قلَّ وَكَفى خيرٌ ممَّا كثُرَ وألهى ولا آبتِ الشَّمسُ إلَّا وبِجنبتِها ملَكانِ يُناديانِ نداءً يسمعُهُ الخلقُ كلُّهم غيرُ الثَّقلينِ اللَّهمَّ أعطِ مُنفِقًا خلَفًا وأعطِ مُمسِكًا تلَفًا وزادَ عبَّادُ بنُ راشدٍ في روايتِهِ قالَ وأنزلَ اللَّهُ في ذلِكَ قُرآنًا في قولِ الملَكَينِ يا أيُّها النَّاسُ هَلمُّوا إلى ربِّكم في سورةِ يونسَ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وفي قولِهما اللَّهمَّ أعطِ مُنفقًا خلفًا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى إلى قولِهِ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. (( الراوي : أبو الدرداء | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الأمالي المطلقة، الصفحة أو الرقم: 155 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح ))
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1059 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) وسورة يونس من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُمِرْتُ أنْ أُقرِئَكَ سُورةً. قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ! وسُمِّيتُ لك؟ قالَ: نعمْ. قلتُ لأُبَيٍّ: فَرِحْتَ بذلك؟ قال: وما يَمنَعُني؟ وهو يقولُ: (قُلْ بفَضلِ اللهِ وبرَحمَتِه فبذلكَ فَلْتَفْرَحوا) [يونس: 58]. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء، الصفحة أو الرقم: 7/272 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
مما يدل أيضًا على فضل سورة يونس واختصاص نزول آياتها بالفضل أن قوله تعالى:” أَكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا أَن أَوحَينا إِلى رَجُلٍ مِنهُم أَن أَنذِرِ النّاسَ وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنوا أَنَّ لَهُم قَدَمَ صِدقٍ عِندَ رَبِّهِم قالَ الكافِرونَ إِنَّ هـذا لَساحِرٌ مُبينٌ”. وقد نزلتْ في كفار قريشٍ حين قالوا لما بعث الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رسولًا: إنّ الله أعظم من أن يكون رسوله المرسل إلى الناس من البشر كمحمدٍ، فنزلت الآية الكريمة. (( الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر، الصفحة أو الرقم: 8/196 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
ومن الآثار الواردة حول فضل سورة يونس ما ذكره ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية” بكاء عمر بن عبد العزيز عند قراءة قوله تعالى:”وَما تَكونُ في شَأنٍ وَما تَتلو مِنهُ مِن قُرآنٍ وَلا تَعمَلونَ مِن عَمَلٍ إِلّا كُنّا عَلَيكُم شُهودًا إِذ تُفيضونَ فيهِ وَما يَعزُبُ عَن رَبِّكَ مِن مِثقالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصغَرَ مِن ذلِكَ وَلا أَكبَرَ إِلّا في كِتابٍ مُبينٍ” حتى بكى أهل داره على بكائه ومنهم زوجته فاطمة، ولما دخل عليه ابنه عبد الملك وهم على حالهم تلك، فسألهم السبب، فقال عمر:”خير يا بني، ودَّ أبوك أنه لم يعرف الدنيا، ولم تعرفه، والله يا بني! لقد خشيت أن أهلك، والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار”.
تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الشائعة بين الناس في فضل سورة يونس ولكنها موضوعة ولا أصل لها في كتب السنة النبوية الصحيحة مثل حديث: مَنْ قَرَأَ سُورَةَ يُونُسَ فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، وَ كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشافالصفحة أو الرقم: 146 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي ابتلعه الحوت
فضائل سورة يونس وخواصها
عند التأمل في آيات سورة يونس ومقاصدها، نتعرف على الفضائل المتعددة التي تشتمل عليها هذه السورة ومن أبرزها:
- إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
- انفراد الله تعالى بالإلهية.
- حتمية وقوع الحشر والجزاء، والتذكير بمصير الخلائق إليه، وانقسام البشر إلى مؤمنين وكفار، وجزاء كل منهم.
- توضيح عقائد المشركين، وموقفهم من القرآن، مع ذكر شبههم والرد عليها، وإثبات أن القرآن كلام الله.
- التذكير بما حل بأهل القرون الماضية لما أشركوا وكذبوا الرسل.
- الاعتبار بما خلق الله للناس من القدرة على السير في البر والبحر، وما في أحوال السير في البحر من الألطاف.
- ضرب المثل للدنيا وبهجتها، وسرعة زوالها.
- ذكر اختلاف أحوال المؤمنين والكافرين في الآخرة، وتبرؤ الآلهة الباطلة من عبدتها، وإبطال إلهية غير الله تعالى.
- التأكيد على أن القرآن منزل من عند الله، وأن الدلائل على بطلان أن يكون مفترى واضحة، وتحدي المشركين بأن يأتوا بسورة مثله.
- اتصاف الله تعالى بعموم العلم، وذكر آثار القدرة الإلهية الباهرة.
- تبشير أولياء الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وتمييزهم عن غيرهم، وتسلية الرسول عما يقوله الكافرون.
- الأمر بإظهار السرور والفرح بالإسلام والقرآن.
- تسلية النبي صلى الله عليه وسلم بذكر شيء من قصة نوح عليه السلام، وقصة موسى عليه السلام، وبني إسرائيل مع قوم فرعون، ونجاة قوم يونس بإخلاص الإيمان في وقت اليأس.
- تأكيد نبوة النبى صلى الله عليه وسلم، وأمره بالصبر على جفاء المشركين وأذاهم.
هناك مجموعة من الخواص التي تنفرد بها سورة يونس وهي:
- تُعد سورة يونس -بحسب ترتيب المصحف- أول سور المئين.
- تُصنف سورة يونس -بحسب ترتيب المصحف- باعتبارها أول سورة تسمى باسم نبي، والسور التي سميت باسم نبي 6 سور، هي: يونس، وهود، وإبراهيم، ويوسف، ومحمد، ونوح عليهم السلام.
- تشبه سورة يونس سورة الأنعام من حيث الموضوع والأسلوب، فكلتاهما تتناول حقائق العقيدة من حيث الجانب النظري، ومواجهة ومجادلة المشركين.
اقرأ أيضًا: فوائد من سورة يونس