إن سورة النساء هي إحدى السور المدنية، أي التي نزلت في المدينة المنورة، وهي سورة طويلة تحوي العديدَ من الأحكام الشرعية التي تنظم الشؤون الداخلية والخارجية للمسلمين؛ لذلك يعظم فضل سورة النساء في حياة المسلمين، وقد نزلت بعد سورة الممتحنة، وترتيبها الرابعة في المصحف الشريف، ويبلغ عدد آياتها مئة وستًا وسبعين آية.
فضل سورة النساء
عن عبدِ الله بن مَسعودٍ رضِي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو على المنبر-: اقرأْ عليَّ القرآنَ، فقلت: يا رسولَ الله، أقرأُ عليك وعليك أُنْزِل؟! قال: إنِّي أَشتهي أن أسمعَه من غيري، قال: فقرأتُ عليه سورةَ النِّساء حتى بلغتُ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء: 41- 42]، رفعتُ رأسي، أو غمزني رجلٌ إلى جنبي- وفي رواية: بيده- فرفعتُ رأسي، فنظرْتُ إليه فرأيتُ عينيهِ تسيلُ. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 800 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عن عائشةَ رضِي اللهُ عنها، عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: مَن أخَذ السَّبْعَ الأُولَ من القرآن، فهو حَبرٌ. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2305 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
عن واثلةَ بن الأسقعِ رضِي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبْعَ، وأُعطيتُ مكانَ الزَّبورِ المِئينَ، وأُعطيتَ مكانَ الإنجيلِ المَثانيَ، وفُضِّلْتُ بالمُفَصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 16982 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
عن حُذيفةَ بن اليمانِ، قال: صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ، فَقُلتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المِئَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلتُ: يُصَلِّي بهَا في رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلتُ: يَرْكَعُ بهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إذَا مَرَّ بآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يقولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ، فَكانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِن قِيَامِهِ، ثُمَّ قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا ممَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى، فَكانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِن قِيَامِهِ. قالَ: وفي حَديثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ. (( الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 772 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عن عبدِ اللهِ بن مَسعودٍ رضِي اللهُ عنه، قال: إنَّ في النِّساء لخمسَ آياتٍ، ما يسرُّني بهنَّ الدُّنيا وما فيها، وقد علِمتُ أنَّ العلماء إذا مرُّوا بها يعرفونها: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء: 31]، وقوله: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 40]، وقوله: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48]، وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء: 64]، وقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء: 110]. (( الراوي : [عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود] | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 7/14 | خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح ))
ومما يدل على فضل سورة النساء ما جاء عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ تَعَلَّمُوا سُورَةَ النِّسَاءِ وَالْأَحْزَابِ وَالنُّورِ. (( الراوي : جابر بن مضر | المحدث : شعيب الأرناووط | المصدر : تخريج شرح السنة، الصفحة أو الرقم: 11/90 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات ))
فضائل سورة النساء وخواصها
- عالجت سورة النساء قضية المرأة، ففصلت الكثير من أحكامها، وأوضحت كثيرا من حقوقها، وأطالت السورة الكلام في هذا الجانب.
- نظمت السورة الكثير من العلاقات القائمة بين الرجل والمرأة؛ ومنها: موضوع القوامة، وإباحة النكاح والتعدد فيه للرجل، وحق المرأة في الكرامة الإنسانية والمهر والميراث, وحرمة عضل النساء، وأحكام الرضاع,كما حثت على الفضيلة، وزجرت عن إتيان الفاحشة، وتطرقت أيضا إلى العلاقة مع ملك اليمين، إلى غير ذلك.
- تحدثت عن حقوق الأيتام والسفهاء، وكيف التعامل مع أموالهم.
- فيما يتعلق بالأموال، تناولت السورة موضوع تحريم أكل أموال الناس بالباطل، والتحذير من فعل ذلك، والحث على الإنفاق في سبيل الله، وتوعد الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل.
- من فضائل سورة النساء وخواصها أنها تطرقت إلى بيان الكثير من الأحكام الفقهية مع بيان يسر الشريعة، وإرادة الله التخفيف عن عباده، ومراعاة ضعفهم، ومن هذه الأحكام: أحكام المواريث، وحرمة صلاة السكران في حالة سكره، ووجوب الاغتسال من الجنابة لمن أراد الصلاة، ومشروعية التيمم وأحكامه، كما أوضحت السورة بعضا من أحكام الجنايات، والديات، مع بيان عظم دماء المؤمن، وجزاء من يقتل مؤمنا متعمدا، وغير ذلك من الأحكام الفقهية.
- تناولت السورة أهل الكتاب، وبينت بعض ما هم عليه من الضلال، وما حل عليهم من الغضب واللعن، وذكرت بعض تعنتهم، ونقضهم للعهود، وكفرهم بالآيات، ومعاملتهم السيئة لأنبياء الله، التي وصلت إلى قتل بعضهم. ثم تناولت دعوتهم إلى الدين الحق، ونهيهم عن الغلو في الدين، ومن ذلك غلوهم في المسيح عيسى ابن مريم، وقولهم بالتثليث.
- تطرقت إلى قضية الحكم في الإسلام، وإلى ما ينبغي أن يقوم عليه الحكم في الدولة الإسلامية، وهو العدل، ووجوب الطاعة لله والرسول وأولي الأمر، وأن يكون المرجع في التنازع هو شرع الله، حتى جعلت الإيمان مربوطا بتحكيم الشرع، والرضا والتسليم له.
- لم تخلو السورة من الحديث عن المنافقين، وفضحهم، وبيان الكثير من أعمالهم، وتصرفاتهم، ودسائسهم، وعقوبتهم، ومكانهم في الآخرة، وأنهم في الدرك الأسفل من النار.
- ومن المواضيع التي تحدثت عنها السورة: الأمر بالقتال في سبيل الله، ولإعلاء كلمته، ولنصرة المستضعفين من المؤمنين، موضحة الأجر العظيم لمن يقاتل في سبيل الله، والفضل الجزيل للمجاهدين على القاعدين، ومبينة بعض الأحكام التي يحتاج لها المقاتل في سبيل الله؛ كالتعامل مع من يلقي السلام، وأحكام صلاة الخوف، والقصر للصلاة.
- حضت السورة على عمل الخير، والتخلق بالأخلاق الفاضلة؛ ومنها: العدل، وأداء الشهادة لله كما هي، ولو كانت على النفس، أو الوالدين أو الأقربين، وألا يتبعوا أهواءهم فيقعوا في الظلم، ومنها: أداء الأمانات، والحث على الإحسان للخلق، ومراعاة الأقربين من الوالدين والأقارب والجيران، وكذلك مراعاة المحتاجين من الفقراء والمساكين والضعفاء، والإحسان إليهم.
- أكدّت سورة النساء على العداوة الأزلية بين الشيطان وبين بني آدم، وكيف أن الشيطان توعد بإضلال جزء من العباد.
- حثّت على الإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر، وتوحيد العبادة، وبيان خطورة الشرك، والنهي عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، والأمر بتقوى الله عز وجل، والاعتصام به، والتمسك بدينه.
- ومن خواص السورة وفضائلها أنها ساعدتنا على التعرف على قصص الأنبياء السابقين.
اقرأ أيضًا: لماذا سميت سورة النساء بهذا الاسم