حكم تمني الموت … متى يجوز تمني الموت
تمني الموت بسبب ضر يصيب المرء أمر غير جائز فهو من الأمور غير المستحبة حيث يعد اعتراض على قدر الله عز وجل، لكنه يجوز في حالة خوف المرء على نفسه من أن يفتن، تابع معنا حكم تمني الموت
حكم تمني الموت
- نهانا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت، عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (لا يتمَنَّيَنَّ أحدُكم الموتَ مِنْ ضُرٍّ أصابَه، فإن كان لا بُدَّ فاعِلًا، فليقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي ما كانَتِ الحياةُ خيرًا لي، وتوفَّنِي إذا كانت الوَفاةُ خيرًا لي ) [7209] أخرجه البخاري (5671) واللفظ له، ومسلم (2680).
- لا يجوز للمسلم أن يقول يارب ليتني أموت، لكن يجوز له أن يقول: (اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي).
- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (لن يُدخِلَ أحدًا عَمَلُه الجَنَّةَ، قالوا: ولا أنت يا رسولَ اللهِ؟ قال: لا، ولا أنا، إلَّا أن يتغَمَّدَنيَ اللهُ بفضلٍ ورحمةٍ، فسَدِّدوا وقارِبُوا، ولا يتمنَيَنَّ أحدُكم الموتَ: إمَّا مُحسِنًا؛ فلعلَّه أن يزدادَ خيرًا، وإمَّا مُسيئًا؛ فلعَلَّه أن يَسْتَعْتِبَ ) [7211] أخرجه البخاري (5673)، ومسلم (2816).
متى يجوز تمني الموت
يجوز للمرء أن يتمنى الموت في عدة حالات، هي:
عند حضور أسباب الشهادة
- إذا تمنى المرء أن يموت وهو شهيد وحضرت أسباب الشهادة بمعنى أن يكون في معركة أو حرب فهو أمر جائز، لقوله صل الله عليه وسلم: (من طلب الشهادة صادقًا أعطيها ولو لم تصبه). رواه مسلم.
- أخرجه الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: “إنه في غزوة بدرٍ لما دنا المشركون، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (قوموا إلى جَنَّة عرضها السموات والأرض)، فقال عمير بن الحُمام الأنصاري: يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض؟! قال: (نعم)، قال عمير: بخٍ.. بخٍ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (ما يحملك على قولك: بخٍ.. بخٍ؟)، قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها)، فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قُتِل”.
شوقًا للقاء الله سبحانه وتعالى
- قال أبو الدرداء – رضي الله عنه -: “أُحِب الفقر تواضعًا لربي، وأحب الموت اشتياقًا لربي، وأحب المرض تكفيرًا لخطيئتي”؛ (شرح الصدور ص 15).
- قال حذيفة – رضي الله عنه – لما حضرته الوفاة: “حبيبٌ جاء على فاقة، لا أفلح مَن ندم، اللهم إن كنت تعلم أن الفقر أحب إليَّ من الغنى، والسقم أحب إليَّ من الصحة، والموت أحب إليَّ من العيش، فسهِّل عليَّ الموت حتى ألقاك”؛ (الثبات عند الممات لابن الجوزي ص 122).
خوفاً من الفتنة
- يجوز للإنسان أن يتمنى الموت في حالة خوفه من وقوع ضرر عليه في دينه، أو خوفه من أن يفتن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه ( وإذا أردت بعبادك فتنة فإقبضني إليك غير مفتون ) رواه الترمذي.
- قال عليه الصلاة والسلام (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه) رواه البخاري.
- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : “اللهم انتشرت رعيتي، وكبرت سني، وضعف جسمي، فاقبضني إليك غير مفتون”.
- قال البخاري رحمه الله عندما وقعت فتنه كبيرة بينه وبين أمير خراسان: “اللهم توفني إليك “.
- قالت مريم بنت عمران ( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا).
حكم تمني الموت للغير
- الدعاء على الظالم مباح شرعًا، وهناك صيغ كثير للدعاء على الظالم منها قول حسبي الله ونعم الوكيل، وغيرها من الصيغ أما الدعاء عليه بالموت فهو من الأمور غير المستحبة.
إليك: دعاء على الظالم مكتوب ومستجاب
- لا يجوز الدعاء على الظالم بالموت، إلا في حالة واحدة وهي أن يكون ظلمه كبير، حيث أن الدعاء على الظالم من الأمور المشروعة بقدر مظلمته، قال سبحانه وتعالى: (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) {النساء: 148} جاء في تفسير ابن كثير عن ابن عباس: “لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ”، يقول: (لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلومًا، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه).
- لا يجوز الدعاء بالموت على الظالم إن كان ظلمه يسير، حيث يعتبر الدعاء هنا تعدي أثم، قال تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) {الشُّورى:40}.
- أما الدعاء على شخص بالموت بدون أن يكون وقع عليه ظلم منه فهو يعتبر عدوان، وظلم، واعتداء في الدعاء حيث يجب أن يحب المر لأخيه ما يُحبه لنفسه، ووجب على الداعي أن يتوب إلى الله ويستغفر عن ذنبه.
حكم تمني الموت خوفًا من الفتنة
تمني الموت خوفًا من الفتنة جائز شرعًا، والدليل على ذلك:
- تمنت السيدة مريم الموت بقولها: ﴿ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴾ [مريم: 23]؛ قال القرطبي في تفسير هذه الآية (11/92): (تمنَّت مريم – عليها السلام – الموت من جهة الدين، لوجهين: أحدهما: أنها خافت أن يُظَن بها الشرُّ في دينها، وتُعيَّر فيفتنها ذلك، الثاني: لئلاَّ يقع قوم بسببها في البهتان والنسبة إلى الزنا، وذلك مُهلِك، وعلى هذا الحد يكون تمنِّي الموت جائزًا).
- قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – في يوم الجمل: “ليتني متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة!”؛ (كتاب المتمنين لابن أبي الدنيا ص 62).
- قال أبو هريرة رضي الله عنه: “سيأتي على الناس زمان، يكون الموت أحبَّ إلى العلماء من الذهب الأحمر، حتى يأتي الرجل قبر أخيه، فيقول: يا ليتني مكانك”.
حكم تمني الموت للمريض
- تمني الموت بسبب الفقر أو المرض حرام شرعًا ولا يجوز، وذلك لما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي) رواه البخاري.
- تم منع المسلمون من تمني الموت لأن هذا قد يكون صورة من صور الإعتراض على قضاء الله وفيه حرمان للمسلم من العمل الصالح الذي يرفع درجته عند الله.