أحاديث عن القرين
ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ. غَيْرَ أنَّ في حَديثِ سُفْيانَ وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ وقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2814 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
معلومات عن القرين
يلازم القرين الآدميّ منذ ولادته، ولم ينجُ من مسّه عند الولادة سوى مريم ابنة عمران وابنها المسيح عيسى بن مريم عليهما السّلام، فالحديث الذي يرويه رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في صحيح البخاري يُفيدُ أنّ الإنسان عندما يصرخ عند ولادته فهذا بفعل طعنة يطعنها الشّيطان للإنسان حين يولد، فيقول -عليه أفضل الصّلاة وأتمّ السّلام- فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: “كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطانُ في جَنْبَيْهِ بإصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غيرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ في الحِجابِ”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3286 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
تتمثل علاقة القرين مع الإنسان في أنّه يوسوس له: والاستعانة على وسوسته تكون بالاستعاذة بالله منه كما أمر -سبحانه- في سورة الناس: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}، والوسوسة في الأصل هي الصّوت الخفي، واطلقت على ما يقذفه الشيطان في صدر الإنسان من مفاسد يكون عن طريق حديث النفس والفِكَر.
القرين يُنسي الإنسان الخير: كما قال تعالى في سورة يوسف: {فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}؛ إذ إنّ نبي الله يوسف -عليه السلام- قد قال للذي سيخرج من المَسجُونَين أن يذكر مظلمته للملك، وفي ذلك غفلة منه عن ذكر الله الذي لو ناجاه لأسرع بإخراجه من السجن، ولذلك فقد أطال الله -تعالى- حبسه؛ ليعلم العبد ألّا نصير له إلّا الله جلّ ثناؤه، بالإضافة إلى أن القرين يعِدُ الإنسان ويُمنّيه: وفي ذلك يقول تعالى في سورة النساء: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}.
يقذف القرين في قلب الإنسان الوسوسة المُرعبة: وفي ذلك يقول تعالى: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}، والحلّ في ذلك كلّه الاستعاذة بالله -تعالى- والاستعانة به لقهر ذلك الخبيث ولتثبيت القدم على طريق الهداية وعلى المِحجّة البيضاء التي ترك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- النّاس عليها عند وفاته.
رغم كل ذلك، يستطيع العبد إعجاز القرين بالقلب الصادق السليم المتجه إلى الله سبحانه، طالباً الدار الآخرة، مقدّماً الآخرة على الدنيا، مستعيذاً بالله تعالى، وملتجئاً إليه من الشيطان ونزغه، حيث قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، والمراد بنزغ الشيطان ما يأمر به العبد من ترك الطاعة وفعل المعصية.
اقرأ أيضًا:
المصادر: