فوائد من سورة الحجرات
سورة الحجرات هي سورة مدنية، نزلت في العام التاسع الهجري، عدد آياتها: ثمانية عشر آية، وسميّت بهذا الاسم نسبةً لحجرات أمهات المؤمنين، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الحجرات.
فوائد من سورة الحجرات
تعتبر سورة الحُجرات منهج من مناهج الله تعالى للبشر، ففيها الكثير من أمور الاَدب والأخلاق والدروس، وعن كيفية التأقلم والاحتكاك والتعرف على الناس، وذكر الله تعالى باَيات السورة تعاليم وأساليب حث المسلمين فيها على تغيير حياتهم للأفضل، ومن ما جاء من آداب التعامل مع الله ورسوله، وكيفية التعامل مع الفسقة، وبما أن الفسقة أولياء للشيطان، والشيطان عدو للمؤمن، فإن همهم إيقاع الفتنة بين المؤمنين لهذا أمرالله -عز وجل- عباده بالبحث عن الحقيقة عند نقل الأخبار، وتحدثت السورة عن علاقة المؤمن مع إخوته المؤمنين وكيفية التعامل المباشر معهم.
ابتدأت سورة الحجرات بالأدب الرفيع الذي أدب الله به المؤمنين، تجاه شريعة الله وأمر رسوله، وهو ألا يبرموا أمراً، أو يبدوا رأياً، أو يقضوا حكماً في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يستشيروه، ويستمسكوا بإرشاداته الحكيمة.
انتقلت آيات السورة إلى أدب آخر، وهو خفض الصوت إذا تحدثوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ تعظيماً لقدره الشريف، واحتراماً لمقامه السامي الرفيع، فإنه ليس كعامة الناس، بل هو رسول الله، ومن واجب المؤمنين أن يتأدبوا معه في الخطاب مع التوقير والتعظيم والتبجيل.
عمدت آيات سورة الحجرات إلى تقرير دعائم المجتمع الفاضل، فأمرت المؤمنين بعدم السماع للإشاعات، وأمرت بالتثبت من الأنباء والأخبار، ولاسيما إن كان الخبر صادراً عن شخص غير عدل، أو شخص متهم، فكم من كلمة نقلها فاجر فاسق، سببت كارثة من الكوارث، وكم من خبر لم يتثبت منه سامعه، جر وبالاً عظيماً، وأحدث انقساماً كبيراً.
بينت السورة أن المجتمع المسلم ينبغي أن يكون مجتمعاً نظيف المشاعر، مكفول الحرمات مصون الغيبة والحضرة، لا يؤخذ أحد بظنة، ولا يُعاقب لمجرد تهمة، ولا تتبع فيه العورات، ولا يتعرض أمن الناس وكرامتهم فيه لأدنى مساس، فحذرت من السخرية، ونفرت من الغيبة، ونهت عن التجسس، وإساءة الظن بالمؤمنين، ودعت إلى مكارم الأخلاق.
دعت السورة إلى الإصلاح بين المتخاصمين، ودفع عدوان الباغين، كما حذرت السورة من السخرية والهمز واللمز، ونفرت من الغيبة والتجسس، والظن السيء بالمؤمنين، ودعت إلى مكارم الأخلاق، والفضائل الاجتماعية، وحذرت من الغيبة بتعبير رائع عجيب، أبدعه القرآن غاية الإبداع، فجاء على صورة رجل يجلس إلى جنب أخ له ميت، ينهش منه، ويأكل لحمه!
أوضحت سورة الحجرات أن الله تعالى خلق عباده من ذكر وأنثى، وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا، لا ليتفاخروا بالأحساب والأنساب، فإن أكرمهم عند الله أتقاهم.
خُتمت السورة بالحديث عن الأعراب، الذين ظنوا الايمان كلمة تقال باللسان، وجاءوا يمنون على الرسول إيمانهم، وقد وضحت حقيقة الإيمان، وحقيقة الإسلام، وشروط المؤمن الكامل، وهو الذي جمع الإيمان، والإخلاص والجهاد، والعمل الصالح.
فوائد
التناسب بين السور
تتناسب سورة الحجرات مع السورة التي قبلها وهي سورة الفتح في ثلاث نواحٍ وهي:
- جاء في سورة الفتح حكم قتال الكفار، وفي سورة الحجرات ذكر قتال البُغاة.
- ختمت سورة الفتح بقول الله سبحانه وتعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) وافتتحت سورة الحجرات بقول الله سبحانه وتعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وفي هذا تذكير للمؤمنين بحُرمتهم عند الله، وأنهم أشدّاء رحماء، ممّا يقتضي مِنهم المحافظة على هذه الدرجة وذلك بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلّم.
- في كلٍّ من سورة الفتح وسورة الحجرات تشريف وتكريم لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، مما يفرض على المؤمنين أن يرضوا بما رضي به الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم من صلح الحديبية.
دلالة تغيّر الخطاب
سورة الحجرات من السور المدنية ومما تمتاز به معظم السور المدنية أن يكون الخطاب فيها موجهًا للمؤمنين مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، وقد تكررت جملة “يا أيها الذين آمنوا” خمس مرات في سورة الحجرات، كما جاء الخطاب ب “يا أيها الناس” مرة واحدة، فما دلالة تغير الخطاب في هذه السورة؟
يجيب عن هذا السؤال الدكتور فاضل السامرائي فيقول: عندما يأتي الخطاب بعبارة “يا أيها الذين آمنوا” يكون خاصًا بالمؤمنين غير شامل لغيرهم والآيات التي ارتبطت بهذه الجملة تحدثت عن أحكام وآداب مختصة بالمؤمنين مثل الأمر باجتناب سوء الظن والحث على الإصلاح بين الناس، أما الآية التي ابتدأت بجملة “يا أيها الناس” آية عامة تشمل جميع الناس على اختلاف أديانهم، وموضوعها يتحدث عن تقسيم الشعوب والمجتمعات وهذا ليس خاص بالمؤمنين، وإنما يشمل البشرية جمعاء.
تحقق الوعد
جاء في ختام سورة الفتح قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، وفي بدايات سورة الحجرات قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} ومما قاله الدكتور فاضل السامرائي في التناسب بين هاتين الآيتين: آية الفتح أعطت الوعد وبشرّت بالمغفرة، أما آية الحجرات فقد تحدثت عن تحقق هذا الوعد وحصوله بإذن الله، وهذا من إعجاز القرآن الكريم وجماله، هذه بعض جوانب تأملات في سورة الحجرات التي تناولت مسألة الغيبة وحكمها.
اقرأ أيضًا:
المصادر: