فوائد من سورة النور
سورة النور هي السورة الرابعة والعشرون من سور القرآن الكريم والتي تقع في الجزء الثامن عشر، تسبقها سورة المؤمنون وتليها سورة الفرقان، ويبلغ عدد آياتها أربعًا وستين آية وهي من السور المدنية، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة النور وما تتضمنه من أحكام فقهية.
فوائد من سورة النور
ترتكز سورة النور على محور التربية والأخلاق فهي تحتوي الكثير من الأحكام التي تنظم المجتمع الإسلاميّ أخلاقيًّا، وهي تتضمن الكثير من الأحكام والمبادئ التي يشرعها الله -تعالى- لعباده فهو يعلم خير الأمور وشرّها بالنسبة لهم، مع التأكيد على أنّ ما يختاره الله -تعالى- من الأحكام هو فرضٌ على كلّ المسلمين ومخالفته يُعتبر ذنبًا يستحق العقاب.
من فوائد سورة النور أنّ الله -تعالى- تبيين الأحكام المتعلقة بجريمتي الزنى والقذف وبيان عقوبة كلّ منهما مع بيان أثر هاتين الجريمتين على الأسرة والمجتمع.
لعلّ أهم فوائد من سورة النور كان تبرئة السيدة عائشة -رضي الله عنها- ممّا اتهمها فيه المنافقون وأنها كانت طاهرةً عفيفة، وقد رفع الله -جلّ وعلا- شأنها أمام المسلمين جميعًا مع التطرق إلى التحذير من إشاعة مثل هذه الأمور في المجتمع الإسلامي وتوعد الله -تعالى- من يشيع الفاحشة بين الناس بالعذاب والخزي في الدنيا والآخرة، وهذا في قوله -جلّ وعلا-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، فلا بدّ للمسلم حسن الظن بالمسلمين وعدم ترويج الشائعات التي تؤذي الآخرين.
يتبين عند دراسة مقاصد سورة النور أنّ الله -سبحانه وتعالى- جاء على ذكر الوقاية من الوقوع بالمحرمات والفواحش بأن أمر المسلمين بالاستئذان عند دخول البيوت وغض البصر وعدم إبداء الزينة إلا أمام المحارم وذلك في قوله -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}، ثمّ إنه أمر الناس بالتوبة عن ما كانوا يقومون به من أمور الجاهلية حتى يفلحوا في الدنيا والآخرة.
ومن فوائد سورة النور الحثّ على تزويج الشباب وذلك لتحصينهم ومنهم من ارتكاب الفواحش مع التحذير من اتباع خطوات الشيطان وأنّ خطواته تؤدي إلى الهلاك لا محال، فالشيطان قد توعد كلّ بني آدم بأن يستدرجه من سوءٍ إلى سوء من ذنبٍ إلى ذنب حتى تنتهي به السبل إلى جهنم وبئس المصير، فقد قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، مع الإشارة إلى فضل الله -جلّ وعلا- بأنّه يهدي عباده ويزكيهم ويسمع دعاءهم.
تتضمن سورة النور تنبيهًا لسائر البشر مسلمين كانوا أو منافقين على أدب الحديث مع الرسول الكريم بعدم رفع الصوت على صوته والتأدب بالحديث معه، فقد قال -تعالى-: {لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا}.
كما ألمحت السورة أن صلاح المجتمع ينطلق من صلاح الأسرة نفسها لذا كان من مقاصد سورة النور التركيز على الطفل والشاب والمرأة في الأسرة لتأهيلها وتربيتها ليصلح المجتمع كاملًا.
فوائد فقهية من سورة النور
أقرّ الله -جلّ وعلا- في سورة النور مجموعة من الأحكام والتشريعات والحدود وأمر المسلمين على العمل بها واتباعها، ولتكون كالدستور الذي يرجع إليه المسلمون في حلّ جميع قضاياهم، فكان من بين هذه الحدود ما يأتي:
- حد الزنا: فقد أمر الله -تعالى- بجلد الزاني والزانية مائة جلدة تكفيرًا لهم على ما اقترفوه، وذلك بقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}.
- حد القذف: والقذف هو اتهام المرء بأنه أتى الفاحش، فمن قذف أحد المسلمين ولم يأتِ بأربعة شهود يُجلد ثمانين جلدة ولا تُقبل له شهادة بعد هذا أبدًا، وقد اعتبر أهل العلم أنّ هذا الحدّ أقره الله لحفظ أعراض الناس واجتناب الحديث فيها، فقد قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
- تحريم الزواج بالزاني والزانية: فقد حرّم الله -جلّ وعلا- الزواج بمن ثبت عليه تهمة الزنى أو من كان يمتهنه وذلك في قوله: {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
- وجوب الاستئذان: فقد أمر الله -جلّ وعلا- عباده بالاستئذان عند دخول بيوتٍ غير بيوتهم وذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا}، كما أنّه أمر باستئذان الأبناء والخدم عند دخول غرفة الزوجين وذلك في ثلاث أوقات وهي قبل صلاة الفجر وعند الظهيرة وبعد صلاة العشاء، فقد قال -جلّ وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ}.
- فرض الحجاب: فقد فرض الله -جلّ وعلا- على نساء المسلمات بأن يسدلوا جلابيبهن ويستروا عوراتهن وذلك بقوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}.
اقرأ أيضًا:
المصادر: