فوائد من سورة الكهف
سورة الكهف هي السورة الثامنة عشر يأتي موقعها بعد سورة الإسراء وقبل سورة مريم، وتتوسط سورة الكهف في موقعها القرآن الكريم إذ أنها تقع بين الجزء الخامس عشر والجزء السادس عشر، وهي من السور المكية، ويستعرض موقغ معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الكهف.
فوائد من سورة الكهف
يتبين من فوائد سورة الكهف أنها من السور التي أتى الله -تعالى- فيها على ذكر أمور تتعلق باليوم الآخر والحساب والأجر والعقاب، وأمور أخرى تتعلق بما يهم المسلمين من أمور الدنيا.
ابتدأ الله -جل وعلا- سورة الكهف بقوله: {الحمد لله الذي أنزل علىٰ عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا * ماكثين فيه أبدا} وفي هذا تأكيد على وجوب الحمد والشكر والثناء لله -تعالى- على نعمه التي لا تحصى ومن بينها القرآن الكريم الذي يحق الحق ويبطل الباطل.
يلتقي أول السورة وآخرها في المعنى والمقصد والذي يتركز في الحديث عن الآخرة ودعوة الناس للعمل الصالح الذي جزاؤه جنات النعيم حيث ختم -جل وعلا- سورة الكهف بقوله: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحىٰ إلي أنما إلٰهكم إلٰه واحد ۖ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}.
تحدثت الآيات الأولى من سورة الكهف عن إنذار الذين أشركوا بالله وقالوا أن له ولدا وبذلك تأكيد على وحدانيته -جل وعلا- فقد قال: {وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا} ويلاحظ أنه -عز وجل- ختم هذه السورة العظيمة بتأكيد توحيد الله في قوله: {أنما إلٰهكم إلٰه واحد}، وبهذا تلتقي البداية مع النهاية أيضا وتتجلى عظمة الله -تعالى-.
ومن فوائد سورة الكهف أيضا أنها بينت أن الله -جل وعلا- قد تحدث في مجمل السورة وفي أكثر من موضع عن أمر البعث بعد الموت، وذلك لبيان عظمته -جل وعلا- وأنه هو وحده القادر على هذا.
قال في حديثه عن أصحاب الكهف {وكذٰلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم ۚ قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم} فقد بعثهم الله بعد أن أماتهم ثلاثمئة وتسع سنوات وبعثهم ليثبت للناس أن وعد الله حق وأن الساعة قائمة لا محال كما قال -تعالى-: {وكذٰلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها}.
وورد أمر البعث أيضا في سياق حديث الله -جل وعلا- عن صاحب الجنتين وصاحبه فقد أنكر عذاب الله ووجود الساعة وظن أن ما يملكه لن يهلك أبدا فقد قال -تعالى-:{ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هٰذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلىٰ ربي لأجدن خيرا منها منقلبا}، فجاء عقاب الله له وإثباته عظمته بأن أهلك تلك الجنتين وأثبت أنه وحده القادر على كل شيء يحيي ما يشاء ويميت ما يشاء.
يتبين من فوائد سورة الكهف أيضا أن الله -جل وعلا- ذكر العديد من الأمثلة والقصص التي تبين تصريفه للكون وغايته من كل ما يدور فيه، وأن كل شيء بأمره فمنه ما يظهر للناس تصريفه وأسبابه ومنه ما يخفى عليهم، وذلك ما كان في قصة نبي الله موسى -عليه السلام- مع العبد الصالح.
ومما تضمنته سورة الكهف أيضا قصة ذي القرنين التي تبين أن الله -جل وعلا- آتاه قوة وعلما تمكنه من القيام بأعمال لا يستطيع الناس القيام بها وكان هذا من رحمة الله بعباده.
في ختام سورة الكهف بين الله -تعالى- عاقبة الكافرين وأنهم هم الأخسرون وأن جهنم أعدت لهم إن لم يرجعوا عن كفرهم هذا وعصيانهم وأن وعد الله حق، وفي المقابل وعد الذين أمنوا وعملوا الصالحات بأن لهم الجنات خالدين فيها وذلك في قوله: {أولٰئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذٰلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا * خالدين فيها لا يبغون عنها حولا}.
فوائد
ورد العديد من الفوائد اللغوية في سورة الكهف مثل قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}، من التأملات في هذه الآية ما يأتي أن يوم القيامة ستكون جميع الأرض بارزة وظاهرة للعيان لأن الجبال ستكون زائلة وغير موجودة.
في قوله تعالى {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} كناية عن أنه ليس هناك مجال للهرب فكل شيء مكشوف وظاهر، وابتدأت الآية بالمستقبل وختمت في الماضي مع أن هذه الأحداث لم تقع بعد، وفي هذا دليل على تحقق الوقوع أي أن الحشر واقع لا محالة.
من الفوائد التي يمكن استخلاصها من قوله تعالى {وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا * وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ } أن الناس يعرضون يوم القيامة صفوفًا مع أنهم يموتون في الدنيا فُرادى.
فُصلت اللام عن اسم الإشارة هذا في قوله تعالى {مَالِ هَٰذَا} والسبب في ذلك عدم قدرة الخلق عند الحساب من إتمام القراءة في صحائفهم لهول ما شاهدوا وأدركوا.
دروس مستفادة من سورة الكهف
من أبرز الدروس التي ترشدنا إليها سورة الكهف من قصة أهل الكهف هو وجوب اعتزال الفتنة، والهرب من أهلها أصل عظيم من أصول الدين، لمصلحة العبد وصيانة دينه، فالإنسان عندما يخشى على دينه وعقيدته من الفساد والتلويث يجب عليه اعتزال أسباب الفتن والهرب منه
تضمنت سورة الكهف أيضًا قصة موسى مع الخضر -عليهما السلام- وهي من القصص التي حوت على الكثير من العبر والدروس، ومن أهمها آداب طلب العلم التي ظهرت واضحة وجلية في هذه القصة المعروفة لكل مسلم، ومن هذه الآداب ما يأتي:
- وجوب التريث في الإنكار وذلك لإمكانية خفاء وجه الصواب عن المتعلم أول الأمر والانتظار حتى يشرح المعلم أسبابه.
- فضل الرحلة في طلب العلم، فقد رحل إليه الأنبياء والمرسلون.
- استحباب تعلم العالم ممن هو أعلم منه، لأن العلم بحر لا ساحل له.
- مشروعية خدمة أهل الفضل والعلم فقد خدم يوشع بن نون موسى -عليهما السلام- في رحلتهما في طلب العلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: