لقد مر تاريخ التصوير الصحفي بالكثير على مر الزمان وقد شكّل الطريقة التي ينظر الناس بها إلى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وتكيف المصورون الصحفيون مع كل تطور طال مجال التصوير لمواصلة سرد القصص المهمة للمجتمع المعاصر.
في المقال التالي نأخذك في رحلة عبر التاريخ لتعرف بدايات التصوير الصحفي فتابع القراءة.
تاريخ التصوير الصحفي
تصوير الحرب وبدايات التصوير الصحفي
تعود جذور التصوير الصحفي إلى التصوير الفوتوغرافي للحرب، وكان روجر فنتون أحد أوائل مصوري الحرب رائداً في هذا المجال خلال حرب القرم بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية عام 1853.
وكان فنتون أول مصور حرب رسمي حيث كان يلتقط صوراً تظهر آثار الحرب.
تم نشر أعماله في مجلة أخبار لندن المصورة وحشد جمهوراً كبيراً له لأول مرة.
كما كان توضيح القصص الإخبارية بالصور ممكناً بسبب التقدم التكنولوجي، وكانت أخبار لندن المصورة هي أول نشرة أسبوعية تستخدم التكنولوجيا على نطاق واسع.
ثم أتت الحرب الأهلية الأمريكية والتقط المصور ماثيو برادي مشاهد من حياة المعسكرات وساحات القتال لصالح مجلة هاربر ويكلي.
بدأ برادي بتصوير القوات قبل مغادرتهم مستغلاً فكرة أنهم قد لا يعودون مرة أخرى وأنهم يريدون صوراً لأقاربهم.
وسرعان ما تحولت اهتماماته إلى الحرب نفسها وتقدم بطلب مباشر إلى الرئيس لينكولن للحصول على إذن للسفر إلى مواقع المعركة.
عرّض المصور الصحفي برادي نفسه للخطر أثناء التقاطه الصور في المعركة.
وعلى الرغم من القيود التكنولوجية التي منعته من التقاط الصور أثناء تحرك الأشخاص ولكنه حظى بتقدير كبير كواحد من رواد التصوير الصحفي.
اقرأ أيضاً: مبادئ التصوير الصحفي
التوثيق الاجتماعي وتقدم التكنولوجيا
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر توسع مجال التصوير الصحفي إلى ما بعد صور الحرب والكوارث ليشمل التوثيق الاجتماعي أيضاً.
اشترك المصور جون تومسون مع الصحفي أدولف سميث في مجلة شهرية تصور حياة الناس في شوارع لندن.
وقد أحدثت مجلة ستريت لايف في لندن ثورة في مجال التصوير الصحفي ما بين عامي 1876 و 1877.
وكان ذلك باستخدام الصور كوسيلة مهيمنة لسرد القصص الإجتماعية والإخبارية.
كذلك ساعد التقدم التكنولوجي في دفع مجال التصوير الصحفي إلى الأمام.
ظهرت الطباعة ذات الألوان وفلاش الكاميرا وأصبحت عملية الطباعة أسرع بشكل كبير.
بحلول أوائل القرن العشرين تم اعتماد التكنولوجيا في معظم الصحف اليومية.
وسمح الفلاش المدمج في الكاميرا بتصوير صور رائعة والذي كان أساسياً لأهم المصورين الصحفيين الاجتماعيين في ذلك الوقت.
العصر الذهبي للتصوير الصحفي
من الثلاثينيات حتى السبعينات شهد التصوير الصحفي عصره الذهبي، حيث تماشت التكنولوجيا مع المصلحة العامة لدفع مجال التصوير الصحفي إلى آفاق جديدة.
جعلت الابتكارات التكنولوجية التصوير الفوتوغرافي أكثر سهولة من أي وقت مضى، واستخدمت أشهر المجلات والجرائد العالمية طواقم كبيرة من المصورين الصحفيين.
كما استخدمت المقال المصور كوسيلة لنشر الأخبار في حينها، وأصبحت النساء أيضاً من الشخصيات البارزة في هذا المجال.
على سبيل المثال كانت مارغريت وايت أول مراسلة حربية أمريكية ومصورة صحفية.
كذلك وظهرت العديد من المصورات الصحفيات الرائدات في المجال بعد ذلك.
وأصبح التصوير الصحفي أحد أهم المجالات في القرن العشرين لأنه يغطي الأحداث الكبرى في العالم وأصبح أعين العالم على مجريات الأحداث.
اقرأ أيضاً: مهارات التصوير الصحفي
أزمة الكساد الكبير The Great Depression
أحد أشهر أزمات القرن العشرين الاقتصادية هي أزمة الكساد الكبير والتي كان لها تأثير لا يُستهان به على التصوير الصحفي في عام 1929.
دفعت هذه الأزمة عدداً كبيراً من المصورين الفوتوغرافيين إلى مغادرة استوديوهاتهم والبدء في توثيق حياة أناس حقيقيين مروا بأوقات عصيبة أثناء هذه الأزمة، وتحولوا من التصوير الفوتوغرافي إلى التصوير الصحفي.
كما قاموا بتوثيق حياة الفقراء وقدموا روايات دقيقة عن حياة ناس ربما لم يكن ليعرف أحد عن قصصهم لولاهم.
كذلك بدأت المجلات والصحف الأكثر شهرة في وقتها في نشر صور تلك الأحداث التي أصابت العالم.
وحتى ذلك الوقت لم يكن عامة الناس قد شاهدوا هذه الأحداث بأم أعينهم.
وهكذا فإن التصوير الصحفي على مر العصور وباختلاف الأزمنة كان ولا يزال وصيلة الاتصال الأولى بين الناس في كل مكان وبين ما يحدث في مختلف أنحاء العالم.
كما أنه أعين الناس على الحقائق بدون تزييف فهو ينقل الحقيقة كما هي.