فضل سورة الناس

تُعتبر سورة الناس من السور القصار، فهي تتألف من ست آيات، ومن كلمات قليلة علَّم الله تعالى فيها الناس رقية شرعية وآيات قيِّمات فيهنَّ دعوةٌ صريحة من الله -سبحانه وتعالى- لتوحيده وإفراده في الألوهية دون غيره، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الناس مع توضيح بعض التأملات في هذه السورة الكريمة.

فضل سورة الناس

فضل سورة الناس

ثبت في فضل سورة الناس الكثير من الأحاديث الصحيحة وذات الإسناد الحسن مثل:

تُعدّ سورة الناس من السور التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها لم يُنزّل شيء مثلها في كتب الرسالات السابقة وذلك بدليل حديث “يا عقبة ألا أعلمك سورًا ما أنزلت في التوراة و لا في الزبور و لا في الإنجيل و لا في الفرقان مثلهن، لا يأتين عليك إلا قرأتهن فيها، { قل هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}”. (( الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 2861 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))

ورد في فضل سورة الناس بأنها من أفضل ما تعوِّذ به المتعوِّذون: فعن عبدِ اللهِ بنِ الأَسْلَميِّ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وضَعَ يَدَه على صَدرِه، ثم قال: قُلْ. قال: فلم أدْرِ ما أقولُ. ثم قال لي: قُلْ. قُلتُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ…}، ثم قال لي: قُلْ. قال: قُلتُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ…}؛ حتى فرَغتُ، ثم قال لي: قُلْ. قال: قُلتُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ…}؛ حتى فرَغتُ منها. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هكذا تعَوَّذوا، فما تعَوَّذَ المُتَعَوِّذونَ بمِثلِهنَّ قَطُّ.  (( الراوي : عبدالله بن أنيس الأسلمي | المحدث : السيوطي | المصدر : الدر المنثور، الصفحة أو الرقم: 15/770 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))

وجاء في حديث آخر ما يدل على نفس الفضل حيث وصف النبي -عليه الصّلاة والسّلام- سورتي الفلق والنَّاس بعد نزولهنَّ عليه بأنَّهنَّ لم يُرَ مثلهن، كما روى عقبة بن عامر -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه قال: “أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)”. (( الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 814 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

كان جبريل -عليه السلام- يقرأ سورة الناس والفلق ويقول للنبي في مرضه: “بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسد وعين، الله يشفيك” حتى انحلّت آخر عقدة ووجد في نفسه خفة بانحلال العقدة الأخيرة من هذا السحر، فقام كأنه نشط من عقال”. (( الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2186 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ هذه السورة يوميًّا قبل أن يأوي إلى فراشه، ففي حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كان رسول الله إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما وقرأ “قل هو الله أحد” والمعوذتين، ثم مسح ما استطاع من جسده، يبدأ برأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاثًا”. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5017 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

روى عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- قال: “خَرَجْنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نَطْلُبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فأَدْرَكْناهُ، فقال: قُلْ، قلتُ: ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؛ والمَعُوذَتَيْنِ، حين تُصْبِحُ وحين تُمْسِي ثلاثَ مراتٍ؛ تَكْفِيكَ من كلِّ شيءٍ”. (( الراوي : عبدالله بن خبيب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 3575 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))

عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنَّه قال: “كنتُ أقودُ برسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ناقتَه في السَّفرِ، فقالَ لي: يا عقبةُ ألا أعلِّمُك خيرَ سورتينِ قُرئتا؟ فعلَّمني قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، قال: فلم يَرني سُرِرْتُ بِهما جدًّا، فلمَّا نزلَ لصلاةِ الصُّبحِ، صلَّى بِهما صلاةَ الصُّبحِ للنَّاسِ، فلمَّا فرغَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- منَ الصَّلاةِ التفتَ إليَّ، فقالَ: يا عقبةُ كيفَ رأيتَ”. (( الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 1462 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))

تأملات في سورة الناس

قد استهلّ الله -سبحانه وتعالى- سورة الناس بقوله “قل” وهو توجيه الأمر بالقول للرسول الكريم، وأتت في السورة بمحلّ التنبيه لما سيقوله الله تعالى بعدها، ثمّ بدأ بسرد ما أراد تنبيه النبيّ الكريم إليه فقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَٰهِ النَّاسِ}، وهذه الصفات هي صفات الله العظمى التي تدل على ربوبيته وألوهيته وعظمته وملكه، وجميع ما في الكون هم عبيده ومن خلقه فهو المسؤول عن حمايتهم من كلّ شر لذا لا تكون الإستعاذة إلّا به.

ومن تأملات في سورة الناس ما جاء من اللمسات البيانية في قوله تعالى: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}، فأمر الله تعالى النبيّ الكريم والناس أجمعين أنّ عليهم الاستعاذة من شرور الشيطان الذي يوسوس لكلّ إنسان على حدى، ووصفه بأشنع الصفات التي يتصف بها فهو الوسواس الذي يوسوس للناس وهم غافلون عن الله، وهو الخنّاس الذي يضعف ويخنس ويُهزم إذا استعاذ الإنسان بالله منه أو ذُكر اسم الله أمامه.

وقد نبّه الله تعالى الناس أنّ هذا الوسواس الذي غرضه الأول وغايته العظمى إَبعاد العباد عن كلّ ما أمر الله به بكلّ ما يستطيع، أنّه قد يكون من الجنّ كإبليس مثلًا أو من الجن الكفار بالله، أو حتى من الناس فمن الناس من هو قرين السوء أو الصاحب الذي يسحب إلى المعاصي والذنوب وينهى صاحبه عن التقرّب إلى الله -والعياذ بالله من شرورهم-، وقد أمر الله تعالى بالاستعاذة من الجن والناس ذاتهم لا من شرورهم وحسب وذلك لتعمّ الاستعاذة وتشمل كلّ شرورهم فهم في حدّ ذاتهم شر.

ومن اللمسات البيانية التي يمكن ملاحظتها في تأملات في سورة الناس أنّ الله تعالى قال: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}، والجِنة في موضعها هذا -بكسر الجيم- أتت من باب الإحاطة والشمول بعموم الجن، فالجِنة هي جمع الجان، والناس جمع إنسان، ويمكن أن تفيد كلمة الجنة بأن تشمل الجن جميعًا أو يمكن أن تكون فئةً قليلة منهم.

قد تشمل كلمة “الناس” أيضًا جميع الناس أو فئة من الناس، وفي لغة القرآن الكريم ولغة العرب الأصيلة يمكن استعمال كلمة “الجنة” بمقابل كلمة “الناس”، وكلمة “الجن” بمقابل “الإنس”، وكلمة “الجان” بمقابل “الإنسان”، ولهذا فإنّ مصطلح “الجنة والناس” هو أشمل وأدقّ ما يمكن أن يُذكر للإحاطة بعموم الجان والإنسان وشمولهما وهو ما يُظهر الإعجاز البياني في آيات الله -سبحانه وتعالى-، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضًا:

فضل سورة الفاتحة

فضل سورة البقرة

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

مصدر 4

Exit mobile version