فضل سورة الانشقاق

سورة الانشقاق واحدةٌ من سور المفصَّل المكية حيث نزلت قبل سورة الروم وبعد سورة الانفطار وترتيبها من حيث النزول الثالثة والثمانون أمّا في المصحف العثماني فترتيبها الرابعة والثمانون، ويبلغ عدد آياتها خمسًا وعشرين آيةً تقع جميعها في الربع الرابع من الحزب التاسع والخمسين من الجزء الثلاثين، وافتُتحت آياتها بأسلوب الشرط “إذا” واشتملت آياتها على سجدةٍ في الآية الحادية والعشرين، ويتناول هذا المقال فضل سورة الانشقاق ومضامينها.

فضل سورة الانشقاق

فضل سورة الانشقاق

كالكثيرِ من السُّورِ لم ترِدْ في فضل قراءة سورة الانشقاق أحاديثُ خاصَّة بالسورةِ لوحدِها عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- بل إنَّ كلَّ ما رودَ عبارة عن أحاديث موضوعةٍ لا أصلَ لها، وإنَّما فضل سورة الانشقاق كفضلِ بقيَّة سورِ القرآن الكريم، ففي قراءتِها كما في قراءةِ القرآن الكريم كلِّه للمسلمِ في قراءتِه أجرٌ كبير وفضل عظيم لا يعلمه إلا الله تعالى.

كما ورد في الحديث الشريفِ المشهورِ الذي قالَ فيه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: “من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ “ألم” حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”. [1]

يتمثل فضل سورة الانشقاق في كونها من السُّور القرآنية التي تُجسِّد للناس يوم القيامة وما فيه من الأهوال كأنهم يرونها بأُم أعينهم لذا حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه وبالتالي عموم الأُمة على قراءة السُّور التي تتحدث عن يوم القيامة ومن بينها سورة الانشقاق: “من سرَّه أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رأيُ العينِ؛ فليقرأْ “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ” و”إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ” و”إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ”. [2]

كان معاذُ يؤمُّ قومَه فدخلَ حرامٌ وهو يريدُ أنْ يسقيَ نخلَه فدخل المسجدَ ليصلِّي مع القومِ فلمَّا رأى معاذًا طوَّل تجوَّز في صلاتِه ولحِقَ بنخلِه فلمَّا قضَى معاذٌ الصلاةَ قيل له إنَّ حرامًا دخل المسجدَ فدخل معك في الصلاةِ ثمَّ فارقك وتجوَّز في صلاتِه ولحِقَ بنخلِه فقال معاذٌ : إنه منافقٌ أيعجلُ في الصلاةِ من أجلِ سقْي نخلِه ؟ قال فجاء حرامٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم ومعاذٌ عنده فقال يا نبيَّ اللهِ إني أردتُ أنْ أسقيَ نخلًا لي فدخلتُ المسجدَ لأصلِّي مع القومِ فلمَّا طوَّل تجوَّزتُ في صلاتي ولحِقتُ بنخلي أسقيه فزعَم أني منافقٌ فأقبل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم على معاذٍ فقال : أفتَّانٌ أنت ؟ أفتَّانٌ أنت ؟ لا تطوِّل بهم واقرأ بسور المفصل[3]

أهاب -عليه الصلاة والسلام بمعاذ بن جبل إلى التخفيف عن الناس في الصلاة فيقرأ من أواسط المفصَّل ومن بينها سورة الانشقاق.

ذكر ابن القيم -رحمه الله- أنّ من فضائل سورة الانشقاق تسهيل الولادة على المرأة التي تعسّرت ولادتها إذ تُقرأ الآيات الأولى من السورة:”إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ* وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ* وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ* وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ” على ماءٍ في إناءٍ نظيفٍ ثم تشرب منه الحامل ويُرش من الماء على بطنها، لكن عندما سُئل الشيخان ابن عثيمين -رحمه الله- وصالح الفوزان عن قراءة سور الانشقاق ومريم ومحمد لتسهيل الولادة قالا: بأنّ ذلك لا أصل له في السُّنة.

وقد وردَ بعض الأحاديث المتروكة في فضل سورة الانشقاق مثل الحديث الذي رويَ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّه قال: “يا علي مَنْ قرأها كَتَب الله له بعدد أَوراق الأَشجار، ونبات الأَرض حسنات، وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثوابِ أَولياءِ الله”. [4]

مضامين سورة الانشقاق

مضامين سورة الانشقاق

تتناولُ سورةُ الانشقاق الحديثَ عن أهوال يوم القيامة العظيمةِ، وبعضَ التقلُّبات الهائلة التي تصيبُ الكون بأكملِه في ذلك اليوم الموعودِ، ثمَّ تتحدَّثُ عن الإنسان الذي يشقَى في دنياه ليحصلَ على رزقِه وثمَّ في النهاية يلقى إمَّا خيرًا أو شرًّا في الآخرة على حسب أعماله في دنيا ووفقًا لمَا قدَّمَ لنفسِهِ، قال تعالى: “فأَمَّا منْ أوتِيَ كتَابَهُ بيَمِينِهِ * فسَوْفَ يُحاسَبُ حسَابًا يسِيرًا * ويَنْقَلِبُ إِلى أَهلِهِ مسْرُورًا * وأَمَّا منْ أوتِيَ كتَابَهُ ورَاءَ ظهْرِهِ * فَسوْفَ يدْعُو ثبُورًا”.

وتشيرُ الآيات بعدَ ذلكَ إلى موقفِ الكافِرينَ من كِتاب الله تعالَى وإلى ما سَيلاقونه من عقابٍ يومَ الحِساب نتيجةَ كفرهم وجحودِهم وتختمُ بتوبيخِهم وتبشِّرُهم بعذابٍ أليمٍ وتبشِّرُ المؤمنين بأجرٍ عظيم من الله تعالى، قال تعالى: “بلِ الذِينَ كفَرُوا يكَذِّبُونَ * واللَّهُ أَعلَمُ بمَا يوعُونَ * فبَشِّرْهُمْ بعَذَابٍ ألِيمٍ * إلَّا الَّذينَ آمنُوا وعَمِلُوا الصَّالحَاتِ لهُمْ أَجرٌ غَيرُ ممنُونٍ”.

سبب نزول سورة الانشقاق

الانشقاق

عُني علماء المسلمين بعلوم القرآن بتصنيفاته كافة، ومنها أسباب النزول ومن أشهر من بحث في هذا المجال الواحدي في كتابه أسباب النزول والسيوطي في كتابه لباب النقول في أسباب النزول حيث لم يرد في أيٍّ منهما سببٌ لنزول سورة الانشقاق أو أيٍّ من آياتها.

وهذا أمرٌ ليس بغريبٍ فليس لكل سورةٍ سبب نزولٍ حيث أُنزلت بعض السُّور والآيات لغاياتٍ عدة دون ارتباطها بموقفٍ اقتضى نزولها؛ ففي سورة الانشقاق يبدو الأمر جليًّا بأنّ الغاية من نزول السورة توضيح وشرح أهوال يوم القيامة كي يكنْ المسلم على معرفةٍ بها وبشدائدها فيعمل جاهدًا للنجاة بالعمل الصالح في ذلك اليوم العصيب.

اقرأ أيضًا:

فوائد من سورة الانشقاق

فضل سورة القيامة

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] []
  2. الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/167 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة] []
  3. الراوي : أنس بن مالك | المحدث : السفاريني الحنبلي | المصدر : شرح ثلاثيات المسند الصفحة أو الرقم: 1/484 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح []
  4. الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : ابن القيم| المصدر : المنار المنيف الصفحة أو الرقم: 2/148 | خلاصة حكم المحدث : متروك[]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *