سورة عبس واحدةٌ من سور القرآن الكريم المكيّة باتفاق جمهور العلماء، وهي من سور المفصَّل، نزلت على الرسول قبل سورة القدر وبعد سورة النجم وعُدت السورة الرابعة والعشرين في ترتيب النزول والسورة الثمانين في ترتيب سور المصحف العثماني، وتقعُ آياتها الاثنتان والأربعون في الربع الثاني من الحزب التاسع والخمسين من الجزء الثلاثين، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة عبس مع توضيح فوائدها وسبب نزولها.
فضل سورة عبس
لم يرد حديثٌ صحيحٌ في فضل سورة عبس إنما فضلٌ عامٌ كغيرها من سور القرآن ففضل سورة عبس في أجر التلاوة والقراءة فالحرف بحسنةٍ والحسنة بعشر أمثالها، لحديث عبد الله بن مسعود: “من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ { ألم } حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ” (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ))
كما جاء في فضل سورة عبس ذِكر عمر بن الخطاب لها في معرض تساؤله عن معنى كلمةٍ في السورة: “قرأ عمرُ بنُ الخطَّابِ “عَبَسَ وَتَوَلَّى” فلمَّا أتى على هذهِ الآيةَ “وَفَاكِهَةً وَأَبًّا” قال: عرَفنا ما الفاكِهَةُ، فما الأَبُّ؟ فقال: لعَمرُك يا ابنَ الخطَّابِ إنَّ هذا لهوَ التَّكَلُّفُ”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن، الصفحة أو الرقم: 8/348 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح )) ، أما ما يُتناقل في فضل سورة عبس لفك السحر وطرد المسّ فلا أصل له.
فوائد سورة عبس
حملت سورة عبس في ثناياها الكثير من العِبر بالإضافة إلى تضمنّها للعديد من المسائل العقدية:
- تجويز وقوع بعض التصرفات من الأنبياء والرسل كالتصرفات الفطرية من نسيان وخطأ وغيرها وقد حكا القرآن في غير موضع أمثلة عن هذه التصرفات، كتوجّس النبي إبراهيم من الملائكة عندما لم يصيبوا الطعام وغضب موسى عليه السلام في تصرفات العبد الصالح.
- وفي هذا السياق كان تصرّف الرسول الكريم مع ابن أم مكتوم فهو وإن نزل العتتاب الربّاني بشأنه إلّا أنّه لا يتنافى مع عصمته ولا يطعن في أخلاقه الكريمة.
- الراجح من أقوال أهل العلم أنّ عصمة الأنبياء والرسل تكون في تبليغ الوحي والكبائر أمّا الصغائر فليسوا معصومين من الوقوع فيها؛ ولكن لا بدّ من التزام الأدب عند الحديث عمّا وقع من الأنبياء الكرام ويدخل ضمن هذا الإطار فهم وإن كانوا بشرًا إلّا أنّهم خير البشر وصفوة الخلق وصفاتهم هي أكمل الصفات واحترامهم وتوقيرهم من الدين والإيمان.
- عتاب الله عز وجل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، برفق، لما حدث بينه وبين عبدالله بن أم مكتوم، وتنبيهه، وتذكرته بأسلوب ربانيّ يراعي طبيعة الرسول البشرية.
- إنّ تطييب الخواطر من الأخلاق الحميدة التي رغّب بها الدين الحنيف، ويراد به جبر الخواطر، وتطييب النفوس المنكسرة؛ ذلك لأنّ هذا العمل سببٌ في التآلف بين الناس ونشر المحبّة والمعروف بينهم.
- وصف للقرآن الكريم، وآياته، ومقاصده، فهو كتاب الله المُعظَّم، والمُوقَّر، والمُطهَّر من الدنس، والزيادة، والنقصان، ونزوله على يد ملائكة الذين هم سفراء الله، والكرام، والمطيعين له.
- توجيه الحديث للفئة التي أنكرت البعث، ولم تؤمن به؛ حيث لعن الله الإنسان الكافر الذي يتكبر على طاعة الله سبحانه وتعالى، والذي ينكر قدرته على خلقه من نطفة، وإخراجه إلى سبيل الخير، وقبض روحه، وبعثه من بعد الموت، والذي يتلهى عن القيام بما فرضه الله عليه من واجبات، وفرائض.
- وصف أحوال الناس يوم تقوم الساعة، فهو يوم عظيم، ولشدة رهبته، ووقعه في النفوس يفقد الناس سمعهم، ويفرون من أهلهم، وأزواجهم، فالإنسان في تلك اللحظة يكون منشغلًا بما ينتظره.
- وصف وجوه المؤمنين، وهي مستبشرة برحمة الله، ومضيئة، ومسرورة بما أعطاها الله من النعم، ووجوه الكافرين مظلمة، وخائفة، ويغشاها الذل، والظلمة لسوء ما لاقت.
- ذكر لقدرة الله سبحانه وتعالى منذ بدء الخلق، وكيف أوجد كل شيء لراحة الإنسان، ومعيشته، من نزول المطر، ونمو الزرع من مختلف أنواعه، ليأكل منه الإنسان، والأنعام.
سبب نزول سورة عبس
يُطلق على هذه السورة اسم سورة الصاخة والسَّفَرة وسورة ابن أم مكتوم وسورة الأعمى في إيماءةٍ إلى عبد الله بن أم مكتوم الذي نزلت السورة بشأنه.
جاء عبدالله بن أم مكتوم رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسأله عن الدين، وتعلُّم القرآن قائلًا له يا رسول الله ارشدني، وكان النبي محمد عليه الصلاة والسلام في ذلك الحين منشغلًا في دعوة عظماء قريش إلى الإسلام، ومنهم: أبو جهل، وعتبة بن ربيعة، وعباس بن عبد المطلب.
وألحَّ عبدالله على الرسول عليه الصلاة والسلام في مسألته، فكَرِه الرسول إلحاحه، وأعرض عنه، وأقبل على عظماء قريش يدعوهم، وبعد أن قضى الرسول حاجته معهم أنزل الله عليه الوحي ليعاتبه بالحادثة، فلما نزل الوحي أكرمه الرسول، وسمع منه حاجته، ومن حينها كان الرسول صلى الله عليه وسلم كلما رأى ابن أم مكتوم قال له: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي. (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 535 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: