سورة الإنسان من سور القرآن الكريم المدنيّة، التي نزلت على الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعد الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، وترتيبها في القرآن الكريم السورة السادسة والسبعون، وعدد آياتها إحدى وثلاثون آية، ويوضح موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة الإنسان وفوائدها وسبب نزولها.
فضل سورة الإنسان
فضل سورة الإنسان فضلٌ عامّ، مثله مثل فضل جميع سور القرآن الكريم، ويعتبر أهل العلم أنّ قراءة سورة الإنسان في صلاة فجر يوم الجمعة سنةً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد جاء عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: “أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الفَجْرِ، يَومَ الجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَهلْ أَتَى علَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَأنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- كانَ يَقْرَأُ في صَلَاةِ الجُمُعَةِ سُورَةَ الجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ”. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 879 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
ويرى أهل العلم أنّ سبب اختيار الرسول الكريم سورتي السجدة والإنسان ليقرأهما في فجر يوم الجمعة الذي يُعتبر بداية أسبوعه هو أنّ مضمون السورتين يتحدّث عن بداية خلق الإنسان وتكوينه، وعن حياته واختياراته التي تودي به إلى مصيره الذي يكون بناءً على ما عاشه وقدّمه في حياته.
ما يردُ من فضل مخصّص لبعض سور القرآن الكريم في أغلب الأحيان يأتي من أحاديث موضوعة أو منكرة لا أساسَ لها من الصحّة، ومنها ما ورد في فضل سورة الإنسان، حديث منكر لا يوجد له سند في الموسوعة الحديثية وهو: “مَنْ قرأها كان جزاؤه على الله جَنَّة وحريرًا”، وهو حديث منكر.
والحديث الآخر الموضوع في فضل سورة الإنسان حديث علي: “يا علي مَنْ قرأ {هَلْ أَتَى عَلَى الإنسان} أَعطاه الله من الثواب مثلَ ثواب آدم، وكان في الجنَّة رفيق آدم، وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثواب سيّدَيْ شباب أَهل الجنَّة الحسن والحسين”، لهذا من الواجب توخي الحيطة عند قراءة فضل السور، والاعتماد على فضل السور العامّ بوضفها من القرآن الكريم، دون تخصيص قراءتها لفضلٍ معين أو هدفٍ ما، خصوصًا أن سورة الإنسان من السور التي تحتوي على الكثير من البراهين والعبر والمواعظ الدالة على عظمة الله تعالى، وهذا من عظيم الفضل.
فوائد من سورة الإنسان
تتجلى في سورة الإنسان الكثير من الفوائد والدروس التي تفيد الإنسان في حياته وتصرفاته وتحدد له المسار الصحيح الذي يصل بسلوكه إلى مبتغى وغاية كلّ مؤمن، ومن الدروس المستفادة من سورة الإنسان ما يأتي:
وجوب الإنفاق في سبيل الله: ذكر الله -جلّ وعلا- أنّ من صفات الأبرار أنّهم ينفقون ويطعمون الطعام محبّةً في الله وفي سبيله وبهذا يتوجب على المؤمنين الإنفاق والإطعام في سبيل الله، فقد قال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}.
وجوب إخلاص العمل لله -تعالى-: فقد حثّت الآيات الكريمة على وجوب إخلاص النيّة وجعل كلّ ما يقوم به العبد هو ابتغاء مرضاة الله دون انتظار الشكر من أحدٍ من عباده، وذلك في قوله -جلّ وعلا-: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}.
وجوب الوفاء بالنذر: فقد بيّنت الآيات الكريمة أنّ من صفات المؤمنين الأبرار أنّهم يوفون بنذورهم، فقد قال تعالى: { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}.
وجوب المداومة على الأذكار: فقد أمر الله -تبارك وتعالى- المسلمين بالمداومة على الصلاة وأداء العبادة والمحافظة على الأذكار من تسبيحٍ وتحميدٍ وتهليل، وذلك بقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا}.
سبب نزول سورة الإنسان
وردَ في سبب نزول سورة الإنسان حديث وهو: عن ابن عمر قال: “أتى رجل من الحبشة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأله فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سل واستفهم فقال: يا رسول الله فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة، ثم قال أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت به، إني لكائن معك في الجنة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم، والذي نفسي بيده إنه ليضيء بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من قال: لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله، ومن قال: سبحان الله وبحمده، كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة، فقال الرجل: كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة من نعم الله، فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتغمده الله برحمته، ونزلت هذه الآيات: “هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا” إلى قوله تعالى: “وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا”. (( الراوي : عبد الله بن عمر | المحدث : السيوطي | المصدر : اللآلئ المصنوعة، الصفحة أو الرقم: 1/446 | خلاصة حكم المحدث : له شاهد مرسل قوي الإسناد ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: