فضل سورة المدثر

سورة المدثر واحدةٌ من سور المفصَّل المكية باتفاق جمهور علماء المسلمين، نزلت على الرسول الكريم بعد سورة العلق، فتُعدّ ثاني سُور القرآن نزولًا، وترتيبها الرابعة والسبعون في المصحف العثماني، وتقع آياتها البالغ عددها ستًّا وخمسين آيةً في الربع السادس من الحزب السادس والخمسين من الجزء التاسع والعشرين. يستعرض موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة المدثر ومقاصدها.

فضل سورة المدثر

سورة المدثر

من فضل سورة المدثر أنها أول سورةٍ نزلت كاملةً على الرسول -عليه الصلاة والسلام- ويُمكن الجمع بين كونها أول سورةٍ نزلت وسورة العلق أبضًا أول سورةٍ نزلت بالأمر بالتبليغ هو أنّ سورة العلق نزل صدرها فقط ولم تنزل على الرسول جملةً واحدةً كسورة المدثر.

ورد في الحديث: “سأَلْتُ أبا سلَمةَ: أيُّ القرآنِ أُنزِل أوَّلُ ؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] قُلْتُ: إنِّي نُبِّئْتُ أنَّ أوَّلَ سورةٍ أُنزِلت مِن القرآنِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] قال أبو سلَمةَ: سأَلْتَ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ: أيُّ القُرآنِ أُنزِل أوَّلُ ؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] فقُلْتُ له: إنِّي نُبِّئْتُ أنَّ أوَّلَ سورةٍ نزَلت مِن القرآنِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] قال جابرٌ: لا أُحدِّثُك إلَّا ما حدَّثنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: جاوَرْتُ في حراءٍ فلمَّا قضَيْتُ جِواري نزَلْتُ فاستبطَنْتُ الواديَ فنوديتُ فنظَرْتُ أمامي وخلفي وعن يميني وعن شِمالي فلم أرَ شيئًا فنوديتُ فنظَرْتُ فوقي فإذا أنا به قاعدٌ على عرشٍ بينَ السَّماءِ والأرضِ فجُئِثْتُ منه فانطلَقْتُ إلى خديجةَ فقُلْتُ دثِّروني دثِّروني وصُبُّوا علَيَّ ماءً باردًا فأُنزِلت علَيَّ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 1 – 3]”. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 35 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))

ومن فضل سورة المدثر كغيرها من سور القرآن الكريم في أجر التلاوة؛ فالحرف بحسنةٍ والحسنة بعشر أضعافها، وذلك بدليل حديث” من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ { ألم } حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ”. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ))

عدا ذلك ما يتناقله الناس من فضل سورة المدثر وأنّ قراءتها سببٌ ليكون العبد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدرجة نفسها في الجنة فلا أصل له.

سبب نزول سورة المدثر

يتضح سبب نزول سورة المدثر في الحديث الشريف الآتي: قالَ رسولُ اللّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يحدِّثُ عن فَتْرَةِ الوحْي، قال في حديثه: بَيْنا أنا أمْشِي سَمِعْتُ صوتًا منَ السَّماء، فَرفَعت بصرِي، فإذا الملك الذي جاءنِي بحِراءٍ جالِس علَى كرسيّ بيْنَ السَّماء والأرْض، ففرقْتُ منه، فَرَجعْتُ، فَقُلتُ: زملُونِي زملُونِي، فَدَثرُوه، فأنْزل اللَّه تعالَى: {يا أيُّها المُدَّثِّرُ قُمْ فأنْذِرْ ورَبَّكَ فَكَبِّرْ وثِيابَكَ فَطَهِّرْ والرِّجْزَ فاهْجُرْ} ثمَّ تتابع الوَحْيُ. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

مقاصد سورة المدثر

أقسم الله تعالى في سورة المدثر بثلاثة أشياء وهي: القمر والصبح عند ظهوره والليل عند إدباره، وذلك في قوله -تعالى-: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ * كَلَّا وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ * إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيرًا لِلْبَشَرِ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر : 31 – 37].

وبما أن سورة المدثر مكية فقد تحدثت عن أسس العقيدة الإسلامية، إذ إن مقاصد سورة المدثر تدور حول هذه المحاور الرئيسية التي تتحدث عنه جميع السور المكية، وأهمها دعوة الرسول -عليه السلام- إلى الإنذار من الجد والاجتهاد في الدنيا التي هي دار البوار، والنهي عن الاستكبار والإغترار فيها، وهذا في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ}.

ومن مقاصد سورة المدثر أيضًا بيان زيف الادّعاء بأن القرآن الكريم كلام البشر، وهذا في قوله -تعالى-: {إِنّهُ فكّر وقدّر * فقُتِل كيْف قدّر}، حيث نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة الذي فكر في أن يرد على الرسول -عليه السلام- فيما جاء به من القرآن الكريم، فاخطأ في تقديره، فالقرآن الكريم ليس شعرًا مثل شعر العرب، وليس كلامًا مثل كلام الكهان، وليس سحرًا، إذ يقول -تعالى-: {فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ}.

ومن مقاصدها أيضًا بيان أسباب دخول سقر، وهي نار جهنم التي حذر الله عباده منها، وأنّ الإعراض عن الصلاة وإطعام المساكين والخوض مع الخائضين من أهم أسباب دخولها، بالإضافة إلى التكذيب بيوم الدين، إذ يقول -تعالى-: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}.

لذلك لن يستطيع الردّ عليه أبدًا، وقتله تقديره، ومن مقاصد سورة المدثر أيضًا الإشارة إلى بشارة الله -تعالى- لأهل الذكر، والدعوة إلى الإيمان، ولوم الكفار على إعراضهم عن الإيمان بالله -تعالى-، والتذكير بوعد الله بالرحمة والغفران، وذلك في قوله -تعالى-: {هو أهْلُ التّقْوى وأهْلُ المغْفِرة}.

اقرأ أيضًا:

أسباب نزول سورة المزمل

معنى اسم مدثر وصفات من يحمله

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

Exit mobile version