خلق الله تعالى الإنسان وكرّمه وأحسن خلقه، فالإنسان خُلق ليعبد الله تعالى ويكون خليفته في الأرض بإعمارها، حيث يجب على المسلم أن يحافظ في دنياه على صلاته وأداء الفرائض وفعل الخيرات حتّى يؤتى كتابَه بيمينه، فيوم القيامة هو يوم الحساب على ما قدّمه المرء في حياته الدّنيا، وقد ورد في السّنّة النّبويّة أنّ أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة هي الصّلاة.
أول ما يحاسب عليه العبد
الصّلاة هي عمود الدّين فإن صلحت صلح دين المسلم وإن فسدت فسد دينه، ومن الأحاديث التي دلّت على أنّ الصلاة هي أوّل الأعمال التي يحاسب عليها العبد يوم القيامة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال:”إن أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئ قال الرّبّ عزّ وجلّ انظروا هل لعبدي من تطوّع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثمّ يكون سائر عمله على ذلك”. فهذا الحديث الشّريف يدلّ على أنّ الصّلاة أوّل الأعمال التي تُعرض على الله تعالى.
فالمسلم عندما يؤدّي الصّلوات الخمس يحافظ على أداء ركعات الفريضة كما هي ويصلّيها في وقتها، ويحسن أداءها عند القيام والرّكوع والسّجود، ومن حيث الخشوع والطّهارة، فإن أتمّ هذه الشّروط صلحت صلاته ثمّ تُعرض الأعمال الأخرى على الله تعالى.
وقد ورد في الحديث الشّريف أعلاه أنّه إن كان هناك نقصاً في أداء ركعات الفريضة تؤخذ من ركعات النّوافل فسبحانه إليه يرجع الأمر كلّه، فالمرء عندما تكون صلاته صحيحةً ستكون باقي أعماله صحيحةً لأنّّ الصّلاة محلّها القلب، فعندما يصلح القلب تصلح النّوايا والأعمال، والخوف من الله تعالى أعظم.
وإن كانت صلاته غير صحيحة لا تراعى فيها شروط قبول الصّلاة سيظهر الخلل في أعماله، فالصّلاة ركن مهمّ من أركان الإسلام الخمسة، يحاسب عليه المسلم في البداية، ثمّ يحاسب على الزّكاة والصّيام والحجّ وسائر الأعمال الأخرى.
ولهذا على المرء أن يحسن من أداء صلاته ويتقرّب من الله تعالى بالنّوافل، ويحافظ على أداء ركعات السنّة، فالنّوافل ترفع من الحسنات وتزيد من ميزان المسلم يوم الدّين، فمن الخير كلّ الخير للمرء أن يحافظ على صلاته، ولا يسهو عنها ويتركها عامداً، فالصّلاة شرف المسلم وهي التي تفرّقه عن الكافر.
تعريف الصلاة لغةً واصطلاحاً
تعريف الصّلاة في اللغة يرتبط بتعريفها في الاصطلاح؛ وبيان ذلك فيما يأتي:
- الصّلاة في اللغة: أصلها الصّاد واللام والحرف المعتل، وتدلّ على معنيين؛ الأوّل: الاكتواء بالنّار وما شابهها من الحُمى، فيُقال مثلاً: صلى فلانُ العودَ بالنّار، والصِّلاء هو ما تُشعلُ به النّار وتوقد، والثّاني: جنس من العبادات، وهو الدّعاء، ومنه قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دُعِيَ أحدُكم إلى طعامٍ فلْيُجِبْ، فإن كان مفطراً فلْيأكلْ، وإنْ كان صائماً فلْيُصَلِّ)، والمُراد بقول: إن كان صائماً فليُصَلِّ؛ أي: فليقم بالدّعاء لمن دعاه لتناول الطعام.
- الصّلاة في الاصطلاح الشرعيّ: هي عبادة فرضها الله -سبحانه وتعالى- على المسلمين، حيث يؤدّيها العبد المكلّف بأقوالٍ وأفعالٍ مخصوصةٍ مُحدَّدةٍ بشكلٍ منضبطٍ، وتُفتَتَح بالتّكبير، وتُختَتَم بالتسّليم، وسُمِّيت بالصّلاة لأنّها تشتمل على الدّعاء والإخبات إلى الله؛ إذ إنّ الصّلاة في حقيقتها وأصل معناها هي اسم لكلّ دعاء.
فضل الصلاة وأجرها
إنّ للصّلاة فضل كبير، والمحافظة على وقتها من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، ومن فضائلها:
- الصّلاة سبب في استقامة العبد على أوامر الله تعالى، حيث تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر؛ قال اللَّه تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ).
- الصّلاة أفضل الأعمال عند الله -تعالى- بعد الشهادتين.
- المحافظة على أداء الصّلاة تغسل الخطايا وتكفّر السّيئات، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مثلُ الصلواتِ الخمسِ كمثلِ نهرٍ جارٍ غَمْرٍ على بابِ أحدِكم، يغتسلُ منهُ كل يومٍ خمسَ مراتٍ)، وجعل الله -تعالى- الصّلاة سبباً في مفغرة الذّنوب قبلها، حيث تحلّ رحمة الله على العبد، قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ).
- الصّلاة نور وهداية وحُجّة لصاحبها في الدنيا والآخرة عند لقاء الله تعالى؛ لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مَن حافَظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يومَ القيامة).
- الصّلاة سبب لرفع الدرجات في الجنّة؛ حيث قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لثوبان رضي الله عنه: (عليك بكثرةِ السجودِ للهِ، فإنك لا تسجدُ للهِ سجدةً إلّا رفعَك اللهُ بها درجةً وحطَّ عنك بها خطيئةً)، بل إنّ المداومة عليها، وكثرة التّقرّب إلى الله -تعالى- بها سبب لمرافقة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الجنّة، حيث نصح الرّسول -عليه السّلام- صاحبه كعب بن ربيعة -رضي الله عنه- قائلاً: (فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجودِ).
- تعدّتْ الفضيلة ذات الصّلاة وعمّ خيرها ليشمل الخطوات التي تقود المسلم إليها في بيوت الله تعالى، جاء في الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (من تطهَّر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت اللَّه؛ ليقضي فريضة من فرائض اللَّه، كانت خَطْوَتاه إحداهما تحطُّ خطيئة، والأخرى ترفع درجة).
اقرأ أيضًا:
موضوع تعبير عن الصلاة بالعناصر والمقدمة
المصادر: