تعريف الحديث
تعريف الحديث
الحديث في لسان العرب: الجديد من الأشياء، نقيض القديم؛ ويُطلَق على الكلام، قليله وكثيره؛ لأنه يحدث ويتجدَّد شيئًا فشيئًا، وجمعه أحاديث.
وأما الحديث في اصطلاح علمائه، فهو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم: من قول أو فعل، أو تقرير، أو وصف خَلْقي أو خُلُقي.
ومعنى التقرير: أن يقول أحدٌ أمامه صلى الله عليه وسلم قولاً، أو يفعل فعلاً، فلا يُنكِره عليه؛ أو لا يكون أمامه، ولكن يَبلُغه فيسكت عليه، فسكوته هذا تقرير له، يَكتسِب به صفة الشرعيَّة؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه، لا يُقِر أمرًا غير مشروع.
أما صفاته الخَلقِيَّة، فمِثْل ما ورد في الأحاديث: من كونه أبيض الوجه مُشربًا بحمرة، وأنه ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير المتردد، وأنه إذا مشى فكأنما ينحطُّ من صَبب؛ أي: مكان مُنحدِر.
وأما صفاته الخُلُقيَّة، فكما ثبت من أنه صلوات الله وسلامه عليه كان أجود الناس، وأشجع الناس، وأشدهم تواضعًا وعطفًا على الفقراء والمساكين، والأرامل واليتامى! وأعظمهم حِلمًا وعفوًا، مع قدرته على العقوبة، وأنه ما كان يُواجه أحدًا بما يكره، إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق التي بعثه الله بها ليُتمها.
والحديث بهذا المعنى خاص بالمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، على ما ذهب إليه كثير من المحدِّثين وجَروا عليه في كتبهم.
ومن العلماء من يُدخِل في تعريف الحديث أقوالَ الصحابة والتابعين وأفعالهم، ولعل هذا أَوْلى بالقَبُول وأجدر؛ ويشهد له صنيع جمهور المحدِّثين؛ فقد جمعوا في كتبهم بين أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته؛ وأقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم، ويأتي قريبًا ما يُعزِّز هذا القول ويؤكِّده في تعريف الحافظ والحجة.
علم الحديث
فأما علم الحديث: فهو علم يَشتمِل على نقْل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم: قولاً أو فعلاً، أو تقريرًا أو صفة؛ ويدخل في هذا العلم تاريخُ حياته صلى الله عليه وسلم ومغازيه وسيرته؛ وكل ما روي عنه قبل بعثته وبعدها.
وموضوعه: أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته.
وفائدته: الاحتراز عن الخطأ في نقل ما أضيف إليه صلوات الله وسلامه عليه، ومعرفة كيفية الاقتداء به في أفعاله وصفاته؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
وفضله: أنه من أشرف العلوم قدرًا، وأرقاها شرفًا؛ إذ عليه تُبنى قواعد الأحكام الشرعية، وبه تَظهر تفاصيل ما أُجمِل في الآيات القرآنية.
وواضعه: محمد بن شهاب الزهري شيخ البخاري؛ أي: إنه أول مَن دوَّنه التدوين العام كما يأتي.
وحكمه: الوجوب الكفائي.
واستمداده: من أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته.
مصطلحات علم الحديث
ويتَّصِل بلفظ “الحديث” ومعناه، ألفاظ دارت بين المحدثين، ينبغي الوقوف على معناها، لطلاب العلم عامة، وللراغبين في “علم الحديث” خاصة، منها:
الخبر، والأثر، والسُّنة، والمتن، والسند، والإسناد، والمُسنَد، والمُسنِد، والمحدِّث، والحافظ، والحجة، والحاكم:
- فالخبر: مُرادِف للحديث بالمعنى الأول الذي ذهب إليه كثير من المحدِّثين كما أسلفنا، وقيل: إنهما متباينان؛ فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر ما جاء عن غيره؛ وقيل: إن الخبر أعم من الحديث؛ لشموله ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيره؛ والحديث خاص بما جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه.
- والأثر: الحديث الموقوف على الصحابي؛ وقيل: الحديث مطلقًا؛ مرفوعًا أو موقوفًا.
- والسنة مرادفة للحديث بالمعنى المتقدِّم؛ وقيل: الحديث خاص بقوله صلى الله عليه وسلم وفِعْله، والسنة أعم.
- والمتن: غاية ما ينتهي إليه السند من الكلام.
- والسند: الطريق الموصل إلى المتن؛ أي: الرواة الموصلون إليه.
- والإسناد: رفْع الحديث لقائله، وقيل: إنه بمعنى السند.
- والمسنَد – بفتح النون -: ما اتَّصَل سنده من أوَّله إلى منتهاه، ولو كان موقوفًا.
- وقيل: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً، متصلاً أو منقطعًا، ويُطلَق المسنَد أيضًا على الكتاب الذي جُمِع فيه مرويات الصحابي.
- والمسنِد – بكسر النون -: من يروي الحديث بإسناده.
- والمحدِّث: من يتحمَّل الحديثَ، ويعتني به رواية ودراية.
- والحافظ: من يحفظ مائة ألف حديث متنًا وإسنادًا ولو بطرق متعددة، أو يعي ما يحتاج إليه.
- والحجة: من أحاط بثلاثمائة ألف حديث.
- والحاكم: من أحاط بالسنة.
تنبيه:
كثير من الأحاديث يُروى كل واحد منها بطرق متعددة، قد تبلُغ العشرة أو العشرين أو تزيد، ويُعَد كل طريق منها بمنزلة حديث مُستَقِل، مع أنها كلها تدور على حديث واحد؛ ويضاف إلى هذا أن المحدِّثين كانوا يُدخِلون في الأحاديث أقوالَ الصحابة والتابعين وأفعالهم وفتاواهم، وما أكثرها! فلا تَعجبوا بعد هذا إذا سمعتم أن الحُجَّة من أحاط بثلاثمائة ألف حديث، مع أن الموجود في كتب الأحاديث لا يَبلُغ نصف هذا المقدار.
اقرأ أيضًا:
المصادر: