أسباب نزول سورة الانفطار.

بدأت سورة الانفطار بأسلوب شرط، قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} حيث ‎‏تناولت عدّة مواضيع منها الانقلاب الكوني الذي يصاحب يوم القيامة وما يحدث في ذلك اليوم من أهوال وأحداث تُصيب القلب بخوفٍ من الله -سبحانه وتعالى-، ثم بينت حال الأبرار والفجار يوم البعث والنشور، ويستعرض هذا المقال أسباب نزول سورة الانفطار وتسميتها وفضلها.

أسباب نزول سورة الانفطار

أسباب نزول سورة الانفطار

ذكر أهل التفسير حول سبب نزول آيةٍ من آيات سورة الانفطار وهي قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ” وهنا استفهامٌ للتعجّب والإنكار بمعنى ما الذي دفع هذا الإنسان المشرك إلى إنكار البعث والحساب والجزاء، ممّا حمله على اتخاذ الأصنام وعبادتها من دون الله تعالى، وقد اختلف أهل التفسير والعلم في شخصيّة هذا الإنسان المشرك الذي نزلت فيه الآية، فقال ابن عباس: هو أبو الأشد بن كلدة الجمحي، وقال عطاء وابن عباس أيضًا: هو الوليد بن المغيرة، وقال الكلبي ومقاتل: هو الأسود بن شريق، أمّا عكرمة فقال: هو أُبي بن خلف.

هل سورة الانفطار مكية أم مدنية؟

سورة الانفطار هي سورة مكية، عدد آياتها تسعة عشر، ترتيبها الثانية والثمانون بينَ سور المصحف الشريف، وهي في الجزء الثلاثين، نزلت على الرسول -عليه السلام- بعد سورة النازعات.

سبب تسمية سورة الانفطار

سبب تسمية سورة الانفطار

سُمّيت هذه السورة في معظم مصاحف أهل المشرق والمغرب وفي غالبيّة كتب التفسير باسم الانفطار، وهي كلمةٌ مشتقةٌ من الفعل الوارد في الآية الأولى من السورة “انفطرت” في قوله تعالى: “إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ”، وعُرفت في بعض كتب التفسير باسم سورة “إذا السماء انفطرت” وفي بعضها الآخر عُرفتْ بـِ “سورة انفطرت”، ووجه التسمية ورود الكلمة في الآية السابقة، كما عُرفت أيضًا باسم المُنفطرة والمقصود بها السماء المُنفطرة.

فضل سورة الانفطار

سورة الانفطار من السُّور القرآنية التي ندب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى قراءتها بتمعنٍّ وفهمٍ وتدبرٍ ووقوفٍ على آياتها الكريمة لِما فيه من تجسيدٍ وتقريبٍ للأذهان ليوم القيامة وما فيه من الأهوال والشدائد والتقلبات الطبيعية والكونية الدالة على خضوع كلّ الكون ومن فيه لعظمة الله وجبروته.

قد جاء في الحديث الذي صحّحه الألباني: “من سرَّه أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رأيُ العينِ؛ فليقرأْ:”إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ” و”إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ” و “إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ”. [1]

كما كانت سورة الانفطار من بين السُّور القرآنية التي حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل -رضي الله عنه- بقراءتها في الصلاة، حين أمَّ بالناس وأطال القراءة: “قامَ معاذٌ فصلَّى العشاءَ الآخرةَ فطوَّلَ فقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أفتَّانٌ يا معاذُ أفتَّانٌ يا معاذُ أينَ كنتَ عن “سبِّحِ اسمَ ربِّكَ الأعلى” و”الضُّحى” وَ “إذا السَّماءُ انفطرت”. [2]

وتجدر الإشارة إلى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سمّى السُّور باسم الآية الأولى من  كلٍّ منها والمقصود قراءة السورة كاملةً.

أمّا ما شاع بين الناس في فضل قراءة سورة الانفطار عند نزول المطر وأنّ الله يغفر لقارئها بعدد حبات المطر المتساقطة فلا أصل له، وإنما الثابت في السُّنة أنّ الدعاء هو المستجاب عند نزول المطر، وكذلك ممّا لا صحة له قراءة سورة الانفطار يوميًّا قبل النوم إلى جانب سور التكوير والانشقاق.

تأملات في سورة الانفطار

تأملات في سورة الانفطار

مما ذكره الدكتور السّامرائي من لمسات بيانيّة وتأملات في سورة الانفطار، حول استعمال “إذا” والفرق بينها وبين “إنْ” في القرآن الكريم:

إنّ “إذا” في كلام العرب تستعمل للمقطوع بحصوله وحدوثه، كما في قوله تعالى في سورة الانفطار: {إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}، فإنّ السّماء يوم القيامة مقطوع بتشقّقها، وكذلك الكواكب ستتساقط، والبحار ستتفجّر ويختلط بعضها ببعض، والقبور ستتبعثر وينقلب سافلها أعلاها، كلّ ذلك مقطوع بحصوله عند قيام السّاعة.

بينما “إنْ” فاستعمالها في القرآن الكريم لما يتوقع حصوله وحدوثه، أو مشكوك في حدوثه، أو مستحيل الحدوث أو نادر، كما في قوله تعالى في سورة القصص: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً}، فاستمراريّة الظّلام لم يقع في الحياة الدّنيا ونادر الوقوع، ولكنّه احتمال، وقوله تعالى في سورة الطّور: {وَإِن يَرَوْا كِسْفاً مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ}، وهذا لم يحصل ولكنّه احتمال وافتراض.

بالنظر إلى ما تقدّم فإنّ التأملات البيانية في سورة الانفطار، وبالتّحديد الفرق بين استعمال “إذا” و”إنْ” في القرآن الكريم بأنّ “إذا” تستعمل للشّيء المقطوع بحدوثه بينما “إن” تستعمل للشّيء المشكوك بحدوثه أو النّادر أو المستحيل الحدوث.

اقرأ أيضًا:

أسباب نزول سورة القيامة

أسبا نزول سورة الحاقة

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5/167 | خلاصة حكم المحدث : حسن []
  2. الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن كثير | المصدر : الأحكام الكبير، الصفحة أو الرقم: 3/189 | خلاصة حكم المحدث : أصل هذا الحديث في صحيح البخاري []

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *