أسباب نزول سورة النازعات
يدورُ محورُ السُّورةِ حولَ القيامةِ وأحْوالهَا، والسَّاعةِ وأهوالها، وعنْ مصير المؤمنين والكافرين، ويبلغ عدد آياتِ هذه السورة 46 آية، وترتيبها التاسعة والسبعون في المصحف، حيث تقع في الجزء الثلاثين وفي الحزب التاسع والخمسين، ويستعرض هذا المقال أسباب نزول سورة النازعات
أسباب نزول سورة النازعات
ككثير من السور القرآنيّة، لم يردْ في السنة النبوية وفي كتب التفسير ما يدلّ على سبب نزول هذه السورة المباركة، ولكنَّ بعض العلماء ذكروا للآيات الأخيرة منها سببًا، وهذا السبب هو:
- وردَ عن طارق بن شهاب، قال: كان النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يزال يذكرُ شأنَ السَّاعة حتَّى نزلتْ: “يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا”. (( الراوي : طارق بن شهاب | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن، الصفحة أو الرقم: 3/526 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد قوي ))
- وقال ابن عطية: “نزلت بسبب أنَّ قريشًا كانتْ تُلحُّ في البحثِ عن وقتِ الساعة التي كان رسول الله -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- يخبرهم بها ويتوعدهم بها ويكثر من ذلك
هل سورة النازعات مكية أم مدنية؟
تعدُّ سورة النازعات من السور المكيّة التي نزلتْ على نبيّ الرّحمة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة، وقد نزلتْ بعد سورة النبأ، وهي من السور التي تبدأ بقسَم، فقد أقسمَ الله تعالى في مطلعها بالنازعات.
سبب تسمية سورة النازعات
إنّ اختلاف أسباب التسمية في السور القرآنية، هو اختلاف طبيعي لأنّ كلَّ سورة تُسمّى باسمها تبعًا لمُعطيات مختلفة، ككلمة بارزة في مطلعِها كسورة الغاشية والقارعة والحاقّة، أو لقصة بارزة بين كلماتها كسورة الكهف وسورة البقرة.
فيما يخصّ هذه السورة تحديدًا؛ فالناظر في هذه السورة وتفسيرها يعلم أنّها سُمِّيتْ باسمها؛ لأنها ابتدأت بقسم الله تعالى بالنازعات، والنازعات هي الملائكة التي تنزع أرواح الكفار بقسوة شديدة، قال تعالى: “والنازعات غرْقًا”ـ وغرقًا يعني نزعًا شديدًا مؤلمًا، فكانَ مطلع السورة هو اسمها، والله أعلم، كما أنها تُعرف ببعض الأسمءا الأخرى مثل سورة الطامة وسورة الساهرة.
فضل سورة النازعات
لا يشك عاقلان في أنَّ القرآن الكريم هو الخير، فهو منهاج هذه الأمة وطريق هديها إلى الصراط المستقيم، فمَن استمسك به فقد نجح، ومن حادَ عنه فقد خاب وخسر، وإنَّ فضل هذه السورة من فضل القرآن الكريم كلّه؛ فهي جزء لا يتجزأ من كتاب الله عزّ وجلّ.
فيما يخصُّ فضل سورة النازعات تحديدًا، فقد وردت بعض الأحاديث التي تدل على عظمة مكانتها وشدة فضلها مثل حديث:
“إذا طلَبْتَ حاجةً فأحبَبْتَ أنْ تنجَحَ فقُلْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له العلِيُّ العظيمُ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له الحليمُ الكريمُ بِسْمِ اللهِ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو الحيُّ الحليمُ سُبْحانَ اللهِ ربِّ العرشِ العظيمِ والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}، {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}، اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مُوجِباتِ رحمتِكَ وعزائمَ مغفرتِكَ والغنيمةَ مِن كلِّ بِرٍّ والسَّلامةَ مِن كلِّ ذَنْبٍ اللَّهمَّ لا تدَعْ لي ذَنْبًا إلَّا غفَرْتَه ولا هَمًّا إلَّا فرَّجْتَه ولا دَيْنًا إلَّا قضَيْتَه ولا حاجةً مِن حوائجِ الدُّنيا والآخرةِ إلَّا قضَيْتَها برحمتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحمينَ”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط، الصفحة أو الرقم: 3/358 | خلاصة حكم المحدث : لا يروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد تفرد به يحيى بن سليمان ))
“لَقدْ عَلِمْتُ النَّظائرَ الَّتي كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُصلِّي بهِنَّ: {الذَّارِيَاتِ}، {وَالطُّورِ}، {النَّجْمِ}، {اقْتَربَتْ}، {الرَّحمَنُ}، {الْوَاقِعَةُ}، {؟}، {الْحَاقَّةُ}، {سَأَلَ سَائِلٌ}، {المُزَّمِّلُ}، {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}، {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}، {الْمُرْسَلَاتِ}، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، {النَّازِعَاتِ}، {عَبَسَ}، {وَيْلٌ لِلْمُطفِّفِينَ}، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}”. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن رجب | المصدر : فتح الباري لابن رجب، الصفحة أو الرقم: 4/473 | خلاصة حكم المحدث : في إسناده كهيل تكلم فيه، وتابعه عليه أخوه يحيى، وهو أضعف منه ))
مقاصد سورة النازعات
- تبدأ سورة النازعات في مطلعٍ مخيفٍ، يرهِبُ به الله تعالى الكافرين ويصوِّرُ الأهوال التي ستحدثُ يوم القيامة، ويصف شدَّة تلك الأهوال التي سيعاني منها المجرمون والكافرون، قال تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ}.
- ومن مقاصد سورة النازعات أيضًا أنَّها تعرضُ النهاية المُخزية والمؤسفة التي ستلحقُ بالكافرين عندما تعرضُ إحدى الجوانب من قصة موسى -عليه السلام- وفرعون، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ * فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ * فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ}، وقد بيَّنت الآيات كيفَ جعلَ الله منهم عظةً وعبرةً لكلِّ العالمين.
- ومن مقاصد سورة النازعات تصوير هذا الكون الهائل بما فيه من مخلوقات أبدع الله تعالى صُنعها، وجعلها دلائل على قدرته، وعلامات على عظيمِ خلقه، قال تعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا}.
- تتناول الآيات الحديث عن مجيء يوم القيامة العظيم الذي سيُجزى فيه كلُّ إنسان بما عمل، قال تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَىٰ * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}،
- وفي النهاية تشيرُ إلى ميعاد الساعة التي كان المشركون يلحُّون في السؤال عن موعدها، قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}،فيؤكدُ الله أنَّ علمها عند الله وحده وعندما يأتي موعدها سيُذهَلُ الكافرون بقدومها على حينِ غرَّة.
اقرأ أيضًا:
المصادر: