هي سورة من سور المُفصَّل، يبلغ عدد آيات سورة المدثر ست وخمسين آية، وهي السورة الرابعة والسبعون في ترتيب سور المصحف الشريف؛ حيث تقع سورة المدثر في الجزء التاسع والعشرين والحزب الثامن والخمسين، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة المدثر.
أسباب نزول سورة المدثر
في الحديث عن سبب نزول سورة المدثر، لا بدَّ من الإشارة بداية إلى أنَّ السور والآيات القرآنية كانت تنزل في زمن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ملازمة لحادثة أو مسألة أو قضية وواضعةً تشريعًا إلهيًا يقضي في المسألة التي نزلتْ هذه الآية من أجلها، كما أنَّ بعض السور والآيات كانت تنزل لسرد القصص والعبر وتشريع الأحكام دون سبب نزول صريح أو حادثة صريحة، وعلى هذا اختلفت الآيات والسور القرآنية، فمنها ما وردَ في حقِّه سبب نزول صريح وواضح ومنها ما لم يردْ فيه سبب نزول صريح، أمَّا في سبب نزول سورة المدثر ففيما يأتي ذكر لأبرز ما جاء في سبب نزول سورة المدثر:
“يا أيُّها المُدَّثِّرُ * قُمْ فأنْذِرْ * ورَبَّكَ فَكَبِّرْ * وثِيابَكَ فَطَهِّرْ”
في سبب نزول الآيات الأربع الأولى من سورة المدثر، سُئل أبو سلَمةَ: أيُّ القرآنِ أُنزِل أوَّلُ ؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] قُلْتُ: إنِّي نُبِّئْتُ أنَّ أوَّلَ سورةٍ أُنزِلت مِن القرآنِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] قال أبو سلَمةَ: سأَلْتَ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ: أيُّ القُرآنِ أُنزِل أوَّلُ ؟ قال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] فقُلْتُ له: إنِّي نُبِّئْتُ أنَّ أوَّلَ سورةٍ نزَلت مِن القرآنِ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. قال جابرٌ: لا أُحدِّثُك إلَّا ما حدَّثنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
قال: جاوَرْتُ في حراءٍ فلمَّا قضَيْتُ جِواري نزَلْتُ فاستبطَنْتُ الواديَ فنوديتُ فنظَرْتُ أمامي وخلفي وعن يميني وعن شِمالي فلم أرَ شيئًا فنوديتُ فنظَرْتُ فوقي فإذا أنا به قاعدٌ على عرشٍ بينَ السَّماءِ والأرضِ فجُئِثْتُ منه فانطلَقْتُ إلى خديجةَ فقُلْتُ دثِّروني دثِّروني وصُبُّوا علَيَّ ماءً باردًا فأُنزِلت علَيَّ “يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وثِيابَكَ فَطَهِّرْ“. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 35 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
“ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا”
هذه الآيات الكريمة في الوليد بن المغيرة، حيث جاء عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنَّه قال: “أنَّ الوليدَ بنَ المغيرةِ جاء إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقرأ عليه القرآنَ فكأنَّه رقَّ لهُ، فبلغ ذلك أبا جهلٍ، فأتاه فقال: يا عمِّ إنَّ قومَك يريدون أن يجمعوا لك مالًا ليُعطوكه ، فإن أتيتَ محمَّدًا لتعرِضَ لَما قبِله.
قال: لقد علِمتْ قريشٌ أنِّي من أكثرِها مالًا ، قال : فقُلْ فيه قولًا يبلغُ قومَك أنَّك منكِرٌ له وأنَّك كارهٌ له، فقال: وماذا أقولُ فواللهِ ما فيكم رجلٌ أعلمَ بالشِّعرِ منِّي، ولا برجزِه ولا بقصيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجنِّ، واللهِ ما يُشبهُ الَّذي يقولُ شيئًا من هذا، واللهِ إنَّ لقولِه لحلاوةً، وإنَّ عليه لطلاوةً، وإنَّه لمنيرٌ أعلاه مشرقٌ أسفلُه، وإنَّه ليعلو وما يُعلَى عليه، وإنَّه ليُحطِّمُ ما تحته، قال: لا يرضَى عنك قومُك حتَّى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتَّى أفكِّرَ، فلمَّا فكَّر قال: هذا سحرٌ يُؤثرُ، يَأثرُه عن غيرِه، فنزلت: “ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا”. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : السيوطي | المصدر : لباب النقول، الصفحة أو الرقم: 319 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين ))
هل سورة المدثر مكية أم مدنية؟
سورة المدثر سورة من السور المكية بالإجماع؛ حيثُ نزلتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مستهل الدعوة الإسلامية، فقد أخرج البيهقي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنَّه قال: “نزلتْ سورة المدثر بمكة”.
نزلتْ سورة المدثر بحسب أغلب الأقوال بعد سورة المزمل، ومن الجدير بالذكر إنَّ سورة المدثر بدأت بأسلوب نداء، نادى به الله تعالى على رسوله ولقَّبه بالمدثر، قال تعالى في مطلع هذه السورة: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}
سبب تسمية سورة المدثر
إن سبب التسمية «المدثر»، جاءت لأن الوحي جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في حالة تدثره بالثياب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}، والمدثر هو النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي جاء من غار حراء وهو ينادي: “زملوني زملوني” فنزلتْ هذه الآيات، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: