سورة الحشر هي من ضِمن السور التي يُطلق عليها اسم المُسبِحات أي التي تبدأ بالفعل سَبَّحَ وهو أحد أساليب مديح الله -سبحانه وتعالى- وتمجيده والثناء عليه، والحشر اسمٌ من أسماء يوم القيامة، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة الحشر.
أسباب نزول سورة الحشر
“هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأوَّلِ الْحَشْرِ“
كتبَ كفارُ قريشٍ إلى عبدِ اللهِ بنِ أُبي وغيرِهِ ممن يعبدُ الأوثانَ قبل بدرٍ يهددونَهم بإيوائِهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وأصحابُهُ ، ويتوعدونَهم أن يغزوَهم بجميعِ العربِ ، فهمَّ ابنُ أبي ومن معه بقتالِ المسلمينِ ، فأتاهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقال : ما كادَكم أحدٌ بمثلٍ ما كادتُكم قريشٌ ، يريدونَ أن تلقوا بأسَكم بينكم ، فلمَّا سمعوا ذلك عرفوا الحقَّ فتفرقوا . فلمَّا كانَتْ وقعةُ بدرٍ كتبَتِ كفارُ قريشٍ بعدها إلى اليهودِ : إنَّكم أهلُ الحقةِ والحصونِ ، يتهددونَهم ، فأجمعَ بنو النضيرِ على الغدرِ.
فأرسلوا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : اخرجْ إلينا في ثلاثةٍ من أصحابِكَ ويلقاكَ ثلاثةٌ من علمائِنا ، فإن آمنوا بكَ اتبعناك . ففعلَ. فاشتملَ اليهودُ الثلاثةَ على الخناجرِ فأرسلَتِ امرأةٌ من بني النضيرِ إلى أخٍ لها منَ الأنصارِ مسلم تخبرُهُ بأمرِ بني النضيرِ ، فأخبرَ أخوها النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قبل أن يصلَ إليهم ، فرجعَ ، وصبحَهم بالكتائبِ فحصرَهم يومَهُ ، ثم غدا على بني قريظةَ فحاصرَهم فعاهدوهُ ، فانصرفَ عنهم إلى بني النضيرِ ، فقاتلَهم حتى نزلوا على الجلاءِ وعلى أن لهم ما أقلَّتِ الإبلُ إلا السلاحَ ، فاحتملوا حتى أبوابِ بيوتِهم ، فكانوا يخربونَ بيوتَهم بأيديهم فيهدمونَها ، ويحملْنَ ما يوافقُهم من خشبِها ، وكان جلاؤهم ذلك أولُ حشرِ الناسِ إلى الشامِ. (( الراوي : كعب بن مالك | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر، الصفحة أو الرقم: 7/385 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
“مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا“
عن عبد الله بن عمر أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وقَطَعَ وهي البُوَيْرَةُ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: “ما قَطَعْتُمْ مِن لِينَةٍ أوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً علَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ”. (( الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4884 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
وفي رواية أخرى أن يهوديًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسأَله عنِ المَشيئةِ، فقال: المَشيئةُ للهِ تعالى، قال: فإنِّي أشاءُ أن أقومَ، قال: قد شاء اللهُ أن تقومَ، قال: فإنِّي أشاءُ أن أقعُدَ، قال: فقد شاء اللهُ أن تقعُدَ، قال: فإنِّي أشاءُ أن أقطَعَ هذه النَّخلةَ، قال: فقد شاء اللهُ أن تقطَعَها، قال: فإنِّي أشاءُ أن أترُكَها، قال: فقد شاء اللهُ أن تترُكَها، قال: فأتاه جِبْريلُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فقال: لُقِّنْتَ حُجَّتَكَ كما لُقِّنَها إبراهيمُ عليه السَّلامُ، فنزلت الآية. (( الراوي : عبدالرحمن بن عمرو | المحدث : البيهقي | المصدر : الأسماء والصفات، الصفحة أو الرقم: 1/239 | خلاصة حكم المحدث : مرسل ))
“وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ“
قالتِ الأنْصارُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْسِمْ بيْنَنا وبيْنَ إخْوانِنا النَّخِيلَ، قالَ: لا فقالوا: تَكْفُونا المَئُونَةَ، ونَشْرَكْكُمْ في الثَّمَرَةِ، قالوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا. فنزلت هذه الآية. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 2325| خلاصة حكم المحدث: صحيح ))
“وَيُؤْثِرُونَ علَى أنْفُسِهِمْ ولو كانَ بهِمْ خَصَاصَةٌ“
أَتَى رَجُلٌ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أصَابَنِي الجَهْدُ، فأرْسَلَ إلى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شيئًا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألَا رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ هذِه اللَّيْلَةَ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ فَقالَ: أنَا يا رَسولَ اللَّهِ، فَذَهَبَ إلى أهْلِهِ، فَقالَ لِامْرَأَتِهِ: ضَيْفُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا تَدَّخِرِيهِ شيئًا، قالَتْ: واللَّهِ ما عِندِي إلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ، قالَ: فَإِذَا أرَادَ الصِّبْيَةُ العَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وتَعَالَيْ فأطْفِئِي السِّرَاجَ ونَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: لقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ – أوْ ضَحِكَ – مِن فُلَانٍ وفُلَانَةَ فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: “وَيُؤْثِرُونَ علَى أنْفُسِهِمْ ولو كانَ بهِمْ خَصَاصَةٌ”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4889 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
هل سورة الحشر مكية أم مدنية؟
سورة الحشر أو سورة بني النضير واحدةٌ من السور المدنيّة، ونزلت بعد سورة البيّنة، وتقع في الجزء الثامن والعشرين وفي الرّبعيْن الثاني والثالث من الحزب الخامس والخمسين، ويبلغ عدد آياتها أربعًا وعشرين آيةً، وترتيبها التاسع والخمسون في المصحف الشريف.
سبب تسمية سورة الحشر
سُمّيت هذه السورة باسمٍ آخر وهو سورة بني النضير؛ لأنها نزلت بعد أحداث غزوة بني النضير وكيف أمكن الله منهم ونصر المسلمون عليهم وأجلاهم عن المدينة بعد أن أظهروا الغدر والخداع لرسول الله والمسلمين، كما سُمّيت بسورة الحشر كما جاء اسمُها في المصحف الشريف؛ لأنّ الله -سبحانه وتعالى- هو من حشر بني النضير في حصونهم المنيعة ثم دبّ في قلوبهم الرعب والخوف من المسلمين، وأن الله قادرٌ على حشر الناس يوم القيامة للحساب.
فضل سورة الحشر
سور وآيات القرآن الكريم جميعها تحمل في ثناياها الفضل والخير العميم لقارئ القرآن؛ لكن هناك بعض الآيات والسُّور الكريمة خُصّصت بفضلٍ دون سواها كآية الكرسي وسور الإخلاص والكهف والفلق والناس وغيرها عدا ذلك لا أصل له في الدِّين وهو من الأمور المبتدعة التي راجت بين الناس من أجل طلب الرزق أو الزواج أو الذرية أو غفران الذنوب إلى آخره.
ومن تلك السُّور سورة الحشر فلم ترد أي أحاديث صحيحة حول فضلٍ مخصصٍّ لهذه السورة أو لآياتٍ منها كالحديث الآتي: “من قال حين يصبح ثلاثَ مراتٍ: أعوذُ بالله السميعِ العليمِ من الشيطانِ الرجيمِ، وقرأ ثلاثَ آياتٍ من آخرِ سورةِ الحشرِ، وكَّل اللهُ به سبعين ألفَ ملَكٍ يصلُّون عليه حتى يُمسي، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدًا، ومن قالها: حين يُمسي كان بتلك المنزلةِ”. (( الراوي: معقل بن يسار | المحدث: الألباني | المصدر: ضعيف الجامع، الصفحة أو الرقم: 5732 | خلاصة حكم المحدث : ضعيف ))
ومن الأحاديث الضعيفة أيضًا في فضل سورة الحشر: “مَنْ قرأَ خواتيمَ سورةِ الحشرِ في ليلٍ أوْ نهارٍ فماتَ من يومِهِ أوْ ليلتِه فقد أوْجَبَ اللهُ لهُ الجنةَ”. (( الراوي: أبو أمامة الباهلي | المحدث: العراقي | المصدر: تخريج الإحياء، الصفحة أو الرقم: 1/442 | خلاصة حكم المحدث: إسناده ضعيف ))
اقرأ أيضًا:
المصادر: