سورة الحجرات من السور التي تشتمل على كثير من أمور العقيدة والأخلاق، والتشريع، فكانت آياتها عبارة عن منهج متكامل لمجتمع إسلامي، مجتمع له أدبه مع خالقه سبحانه وتعالى، وله أدبه مع رسوله صلى الله عليه وسلم، وأدبه مع نفسه، وأدبه مع غيره، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة الحجرات.
أسباب نزول سورة الحجرات
تتعدّدت أسباب النزول في سورة الحجرات حسب مناسبة الآيات، وهي على النحو الآتي:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ”
سبب نزول هذه الآية اختلاف الصحابيّان الجليلان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- فارتفعت أصواتهما أمام النبي -عليه الصّلاة والسّلام-، جاء في الحديث الذي يرويه عبد الله بن الزبير: “أنه قَدِمَ ركب من بني تَميمٍ على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال أبو بكرٍ: أمِّرِ القَعْقاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرارَةَ، قال عُمرُ: بل أمِّرِ الأقْرَعَ بْنَ حابِسٍ، قال أبو بكرٍ: ما أردتَ إلا خلافي، قال عُمرُ: ما أردتُ خلافكَ، فتَمارَيا حتى ارتفعت أصواتُهما، فنزل في ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا) حتى انْقَضَتْ”. (( الراوي : عبدالله بن الزبير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4367 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
“إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ”
سبب نزول هذه الآية أنّه جاء جماعة من العرب فقالوا هيا بنا نذهب ونسمع من ذلك الرجل يقصدون رسول الله -عليه الصّلاة والسلام-)، فإن كان نبيّاً فرحنا به، وإن كان مَلَكا أخَذَنا تحت جناحه. وقد ورد هذا الحديث عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قَالَ: “اجْتَمَعَ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ يَكُ نَبِيًّا فَنَحْنُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ يَكُ مَلِكًا نَعِشْ بِجَنَاحِهِ.
قَالَ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بما قالوا فجاؤوا إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فَجَعَلُوا يُنَادُونَهُ وَهُوَ فِي حُجْرَتِهِ: يَا مُحَمَّدُ يا محمد، فأنزل الله تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِي، فَمَدَّهَا فَجَعَلَ يَقُولُ “لقد صدق الله تعالى قَوْلَكَ يَا زَيْدُ، لِقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَكَ يَا زَيْدُ”. (( الراوي : زيد بن أرقم | المحدث : السيوطي | المصدر : الدر المنثور، الصفحة أو الرقم: 13/536 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”
سبب نزول هذه الآية أنّ الحارث بن ضرار من بني المصطلق (وهو والد زوجة الرسول -عليه الصّلاة والسّلام-) قَدِمَ على رسول الله فدعاه إلى الإسلام فأسلم، ودعاه إلى الزكاة فأقرّ بها، وقال: يا رسول الله، أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام ودفع الزكاة، فمن استجاب وأسلم جمعت زكاته. واتفق مع الرسول -عليه الصّلاة والسلام- على ذلك.
فلما جمع الحارث الزكاة ممّن أسلم واستجاب له وحان موعد إرسال مبلغ الزكاة كما اتّفق مع رسول -عليه الصّلاة والسّلام- تأخر الرّجل على الرسول ولم يأته، فظنّ الحارث أن أمراً قد حدث، فدعا كبار قومه فقال لهم: إنّ رسول الله عليه الصّلاة والسّلام اتفق معي على أن يرسل إليّ رسولاً ليقبض ما جمعناه من الزكاة، ولم يُرَف عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام إخلاف الموعد، واقترح أن انطلقوا بنا نأتي الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام-، وكان الرسول قد أرسل الوليد بن عقبة رسولاً إلى الحارث ليجلب ما كان عنده من مال الزكاة.
لما سار الوليد بن عقبة حتى وصل قريباً من بني المصطلق خاف، فرجع إلى رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- وأخبره أن الحارث رفض دفع الزكاة وأراد قتله، فغضب الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- فأمر الرسول بإرسال بعث إلى بني المصطلق لتأديبهم.
وكان الحارث قد توجّه إلى المدينة لما تأخّر الرجل المُكلَّف بأخذ المال، فالتقى الحارث مع البعث المُتوّجه إليه خارج المدينة فسألهم عن وجهتهم فأخبروه أنهم ذاهبون إليه لأنّه منع الزكاة وأراد قتل الرجل الذي كلّفه الرسول بأخذ أموال الزّكاة، فأنكر ذلك وذهب إلى رسول الله، فلما دخل الحارث على الرسول عاتبه وراجعه أنك فعلت كذا وكذا، فأنكر الحارث، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة. (( الراوي : الحارث بن ضرار الخزاعي | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 7/111 | خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات ))
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ“
نزلت في ثابت بن قيس حيث أنّه كان في أذنيه وقر، فكان إذا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم أوسعوا له حتى يجلس بجنبه، وفي يوم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يقول تفسحوا تفسحوا، فقال له رجل قد أصبت مجلسا فاجلس، فجلس وهو غضبان، فسأل ثابت عن الرجل فقيل له فلان، فقال ابن فلانه، وذكر اسماً لأمه كان يعيّر بها في الجاهلية، فاستحيا الرجل وقال لا أفخر بعدها على أحد في النسب، فنزلت الآية. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الزيلعي | المصدر : تخريج الكشاف، الصفحة أو الرقم: 3/342 | خلاصة حكم المحدث : غريب ))
هل سورة الحجرات مكية أم مدنية؟
سورة الحجرات سورة مدنية، نزلت في العام التاسع من الهجرة النبوية، عدد آياتها ثمانية عشر آية، وسورة الحجرات مع قصرها، وقلة عدد آياتها إلاّ أنّها قد جاءت شاملة لأوامر ونواهي، وأحكام، وآداب كثيرة.
سبب تسمية سورة الحجرات
سمّيت سورةُ الحجرات بهذا الاسم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى ذكر فيها حرمة بيوت النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، وهي الحجرات التي كانت تسكنها أمّهات المؤمنين رضوان الله عليهنّ.
اقرأ أيضًا:
المصادر: