الفساد أصل تخلف أي دولة، والآفة التي تحبط كل محاولات السعي لتحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي وعلمي، وقد يكون له صور مباشرة وغير مباشرة وكلها بنفس الدرجة من الخطورة، ويجب على كل فرد منا التصدي لكل أشكال الفساد والحيلولة بين تفشيه في المجتمع الذي يعيش به، وسنتعرف في المقال التالي على ما هو مفهوم الفساد.
ما هو مفهوم الفساد
الوصول إلى تعريف محدد للفساد هو تحدي كبير بحد ذاته، فهو يتطلب أشكال متعددة، فالمتمرسين في الفساد ماهرين في تطوير طرق جديدة دائماً له لتغطية أنشطتهم المربية.
يمكن تعريف الفساد بأنه إساءة استخدام السلطة الموكلة لشخص ما أو جهة ما لتحقيق مكاسب خاصة، وتستخدم منظمة الشفافية الدولية هذا التعريف عادة، وهو يضم ثلاثة عناصر للفساد كالتالي:
- القطاعين العام والخاص: ويشمل وسائل الإعلام والجهات الفاعلة في المجتمع المدني. يمكن أن يكون المتورطون أفراد أو شركات أو منظمات مثل الأحزاب السياسية .
- إساءة استخدام السلطة: ينطوي الفساد على استغلال السلطة والنفوذ الموجود في مؤسسة حكومية أو خاصة.
- فائدة كبيرة: يستفيد كلاً من الطرفين المتورطين في الفعل الفاسد، إما من حيث المال أو الحصول على خدمة ما أو ميزة ما، وفي بعض الأحيان قد تكون تلك الميزة غير ضرورية وغامضة نوعاً ما، ولكنها بالنسبة لمن يريدها ضرورية، فمثلاً هناك من يدفعون رشاوي لبعض العاملين في قطاع الصحة العامة أو التعليم مقابل الحصول على خدمات من المفترض أن يؤديها هؤلاء العاملين بدون أي رشاوي أصلاً، ولكن مقدم الرشوة يحتاجها فيجد نفسه يرشي الموظفين.
تصنيفات الفساد (كبير- صغير/ إداري)
الفساد الكبير
يحدث الفساد الكبير عادة في طبقة العاملين بالمستويات العليا في المناصب العامة، وفي الأعمال التجارية الخاصة، وتتورط به الجهات الفاعلة التي تضع القواعد والسياسات والقرارات التنفيذية، وغالباً ما ينطوي على مبالغ كبيرة من المال.
عادة ما يطلق على الفساد الكبير اسم الفساد السياسي، فهو يسلط الضوء على التأثير السلبي للمال في العمليات والحملات والأحزاب السياسية وخاصة أثناء خوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
الفساد الصغير والإداري
الفساد الصغير أو الإداري هو الفساد اليومي بين المؤسسات العامة والمواطنين، فنجد فساد صغير في صورة رشوة مرتبطة بتنفيذ القوانين والقواعد واللوائح الحالية.
أحياناً تجد الفساد البسيط يشير إلى إساءة استخدام السلطة في المواقف اليومية، فعلى سبيل المثال، تفرض شرطة المرور غرامات على سائقي السيارات الأجرة مقابل انتهاكهم لقواعد المرور، ولكن في حالات الفساد تجد بعض ممثلي شرطة المرور يتلقون الرشاوي وما شابه لقاء توقفهم عن ملاحقة هذه السيارات وغيرها.
قد تبدو آثار وأمثلة الفساد الصغير تافهة ولا تذكر، وقد يظن البعض أنها لا تؤذي الأفراد بشكل مباشر، ولكن في الحقيقة هي تؤثر بشدة على الآخرين، فرشوة شرطة المرور قد تودي بحياة أشخاص عند وقوع حوادث ناتجة عن خرق قوانين المرور.
التكاليف المالية التي نتكبدها بسبب الفساد
- يجبر المسئولون في المؤسسات العامة المواطنين على دفع تكاليف الخدمات التي يجب أن تكون مجانية.
- يسلب السياسيون الفاسدون ميزانيات الدولة.
- يشوه صناع القرار الإنفاق العام، حيث يركزون على الأنشطة التي تؤدي إلى رشاوي كبيرة، مثل الأشغال العامة الكبرى.
- تتجنب الشركات الدولية البيئات الفاسدة، فهم يرون أن التنمية الإقتصادية في مثل هذه البيئات ستكون أبطأ مما ستكون عليه مع المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
الثمن الذي يجنيه الفرد والمجتمع كنتيجة للفساد
- حياة الإنسان: عندما يتعذر على الناس الحصول على الرعاية الصحية والأماكن الآمنة للعيش فيها، وكذلك مياه نظيفة، تكون حياتهم في خطر، وعندما تنهار المباني لأن المسئولين عن التراخيص تم رشوتهم ليغضوا الطرف عن تطبيق كافة معايير الصحة والسلامة، فيصبح ساكنيها معرضون للخطر.
- الثقة: الفساد له أكثر من مجرد تكاليف مالية، فهو يقلل الثقة لدى الشعب، مما يجعلهم غير مستعدين للمشاركة في المجتمع، فمثلاً لن يكلفوا أنفسهم عناء الاقتراع في أي انتخابات وهم يعلمون أنه يتم تزوير النتائج بالرشاوي.
- حقوق الإنسان: يتم انتهاكها نتيجة للفساد، فمثلاً المحاكم تنتهك الحق المشروع للمواطن ليحصل على العدالة، وذلك عندما تنظر فقط في القضايا التي يتمتع أصحابها بنفوذ كبير أو يرشوا الموظفين والقضاة.
- عدم المساواة: تشير البيانات إلى أن الفقراء يعانون بشكل غير متناسب من الفساد، كمان أن هناك تمييز بين النساء والرجال، فتجد أن النساء يقع عليهم نتائج أسوأ للفساد.
- الجرائم والحروب: غالباً ما يرتبط الفساد بالجرائم المنظمة، فهو يزدهر أكثر في ظروف الصراعات والحروب، ويمكن أن تتسبب ممارسات الفساد المختلفة في نشوب حرب داخلية أو خارجية، كما يقوض الإدارة المسئولة عن الموارد الطبيعية.
