ما هو مفهوم العنف
العنف ظاهرة عالمية تؤدي إلى وفاة أكثر من 1.6 مليون شخص كل عام، ما يجعلها أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم، لكن ما هو مفهوم العنف، وأنواعه، وما هي الأضرار التي يسببها للمجتمع والإقتصاد العالمي.
ما هو مفهوم العنف
نتيجة لأن العنف ظاهرة معقدة، فإنه لا يوجد هناك تعريف واضح له، وغالبا ما يتم فهمه بشكل مختلف من قبل أشخاص مختلفين في سياقات مختلفة، مثل تلك الموجودة في بلدان أو ثقافات أو أنظمة معتقدات مختلفة، وبالرغم من عدم وجود تعريف واضح، إلا أن الأهم من ذلك يكمن في وضع إستراتيجيات فعالة للوقاية منه.
تقترح منظمة الصحة العالمية تعريفا خاصا بها عن العنف، وهو تعريف صدر عن المنظمة في سنة 2002 حول العنف والصحة، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا التعريف يستخدم من قبل العديد من المنظمات الدولية في جميع أنحاء العالم، وقد يكون أكثر تعريف متفق عليه حول العنف.
بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن العنف يعني الإستخدام المتعمد للقوة بجميع أشكاله ضد النفس أو ضد شخص أخر أو جماعة أو مجتمع، ما يؤدي إلى وجود إحتمال كبير بإحداث إصابات أو وفيات أو أضرار نفسية أو سوء نمو أو حرمان أو أضرار أكبر من الذي سبق ذكره.
انواع العنف
بالأخذ بتعريف منظمة الصحة العالمية للعنف، فإنه من الممكن تقسيم العنف إلى أربعة أنواع، وهي العنف الجنسي، العنف النفسي، العنف الجسدي، الإهمال، ويمكن تعريف كل واحدة منها بالشكل التالي :
الاهمال. نوع من الإيذاء يحدث عندما يتحمل شخص ما مسؤولية توفير الرعاية لفرد غير قادر على العناية بنفسه، لكنه يفشل في القيام بذلك، بالتالي حرمانه من الرعاية الكافية، وقد يشمل عدم توفير الرعاية الصحية أو الغذائية، ويمكن لهذا الإهمال أن يؤدي إلى أثار جانبية طويلة الأجل، مثل تدني إحترام الذات، السلوك العنيف، ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة.
العنف النفسي. يشمل هذا العنف التواصل اللفظي بقصد إيذاء شخص أخر عاطفيا، ويمكن أن يكون تأثيره بنفس أهمية تأثير أشكال العنف الجسدي الأخرى، لأن الجاني يعرض الضحية لسلوك قد ينتج عنه شكل من أشكال الصدمة النفسية، مثل القلق أو الإكتئاب أو إضطراب ما بعد الصدمة، وقد يؤدي إلى تعرض الضحية إلى أضرار جسدية حادة أخرى.
العنف الجنسي. ينطوي هذا العنف على فعل جنسي يتم إرتكابه أو محاولة إرتكابه ضد شخص ما لم يمنح موافقته الكاملة او أنه غير قادر على الرفض، ويشمل ذلك اللمس الجنسي، الإجبار على ممارسة الجنس لأعمال تجارية، الإجبار على إستخدام المخدرات، وجميعها يمكن أن تؤدي بالضحية إلى العنف الجسدي والنفسي.
العنف الجسدي. هو الإستخدام المتعمد للقوة البدنية، الذي من شأنه التسبب في إصابة أو عجز أو حتى وفاة، ويشمل ذلك الخدش، الدفع، اللكم، الإمساك، العض، الخنق، الصفع، الضرب، إستخدام السلاح، أو إستخدام أغراض أخرى بهدف إلحاق الضرر بشخص ما.
اضرار العنف
الغالبية العظمى من الوفيات الناجمة عن العنف تحدث في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، التي يعاني الكثير منها من النزاعات الداخلية، ومع ذلك، يجب لا يتم ربط وفيات العنف بالحرب، فأكثر من 80 في المائة من هذه الوفيات تحدث خارج النزاعات المسلحة بين الجماعات.
العنف يسبب سنويا اضرار مكلفة للغاية، ليس للمجتمع فقط، وإنما لإقتصادات الدول، وفي سنة 2015 فقط، قدر أن التأثير الذي تسبب فيه العنف على الإقتصاد العالمي بلغ أكثر من 13 تريليون دولار، وهو رقم يعادل 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
أصبح العنف بين الأشخاص مرتبطا بشكل متزايد بالنشاط الإجرامي، خاصة في المناطق الحضرية، ووفقا لدراسة من الأمم المتحدة حول جرائم القتل، فقد كان القتل العمد سبب وفاة ما يقرب من نصف مليون شخص في جميع أنحاء العالم في سنة 2012.
أضرار العنف على الإقتصادات والمجتمعات ليست دائما هي التي تؤدي إلى القتل، وإنما أيضا العنف الذي يؤدي إلى الإيذاء غير القاتل والجنسي والنفسي، بالإضافة إلى ذلك، يضع العنف عبئا ثقيلا على أنظمة الصحة والعدالة، وخدمات الرعاية الإجتماعية.
اسباب العنف
غالبا ما تكون مستويات العنف المرتفعة في البلدان التي تعاني من التحديات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، مثل عدم المساواة الإجتماعية والفقر والبطالة، وتعد جنوب أفريقيا من أهم الأمثلة على ذلك، فبالرغم من أنها صاحبة أحد أقوى الإقتصادات في أفريقيا، إلا أن عدم المساواة والعنصرية يجعلها من أكثر الدول خطورة في العالم.
الآثار الضارة للعنف على بلد لا تقتصر على الذين يشاركون في العنف فقط، بل برفاهية المجتمع والدولة ككل، فقد أدى العنف في الكثير من الدول إلى الحد بشكل مباشر في النمو الإقتصادي، ويشكل عقبة في الحد من الفقر، كما أن العنف يسبب صدمة نفسية وجسدية عميقة، مما يقلل من جودة الحياة لجميع أفراد المجتمع.
على الرغم من أن العنف غالبا ما ينظر إليه ويستجيب له بإعتباره جزءا لا مفر منه من الحالة الإنسانية، إلا أن هذه الإفتراضات أخذة في التحول إلى الجانب الأخر المشرق، وهو التركيز بشكل متزايد على منع السلوك العنيف إلى أقصى حد ممكن، من خلال القضاء على مسببات العنف، الإقتصادية والإجتماعية.
المراجع
المصدر 1