يطلق علي الأكثرية في الفقهاء مصطلح الجمهور، فحين نقول في مسألة ما قال الشافعية قولاً ما، ثم نقول علي أثر هذا القول وقال الجمهور، فالمراد في هذا إن الأئمة الأربعة، عدا الشافعية، وحين نقول قال الأحناف، وبعدها نقول وقال الجمهور فالمراد هنا الأئمة الثلاثة، عدا الحنفية، وللتعرف على من هم الجمهور تابع المقال التالي.
من هم الجمهور
يقصد بجمهور هو معظم الناس، وجمعها جماهير، وفي المصطلح الفقهي يقصد بالجمهور الثلاث أئمة، من الأربعة مقابل واحد، وفي بعض الأحيان قد يطلق اسم جمهور وبراد به الأئمة الأربعة.
وقد سئل الشيخ الشنقيطي، عن ما هو الفرق بين قول : جهور العلماء، وجماهير العلماء؟
فكانت إجابته: إن قيل مصطلح الجمهور، فهنا يقصد به الثلاثة من الأئمة في مقابل الواحد من الأربعة، مثلاً الشافعية والحنفية والمالكية، فيقولون وهل يجوز والحنابلة، قالوا لا، لا يجوز، وتقول قال الجمهور فهنا تجوز، ويقصد الثلاثة في مقابل الواحد، ويمكن أيضاً أن تقول الجمهور، إذ كان هناك خلاف بين المالكية والحنفية من وجه، والحنابلة والشافعية من وجه، إلإ أن أصحاب الشافعي مع المالكية والحنفية، ففي هذا الموقف نقول الجمهور، فإذا انسحبوا واختاروا قول غير إمامهم، وبالنسبة لقول الجماهير فهذا المصطلح يقارب الإجماع، إذا قيل جماهير العلماء، ويقصد به هنا عامة العلماء، وهنا يكاد يقارب الإجماع.
الجمهور في الكتب التي تعتني بفقه السلف
في الكتب التي تعتني بفقه السلف، والتابعين والصحابة، فحين يذكر الجمهور يراد بهم، عدا المذكورين، فحين يقول: قال جماهير السلف قولاً ما، ثم يقول قال الشعبي والحسن وقتادة قولاً ما، أي عدا هؤلاء، فإنه لا يحفظ عنه خلاف، أو يقول قال جماهير الصحابة قولاً ما، وقال عمر وأبو بكر والمغيرة قولاً ما، فعدا هؤلاء الثلاثة من الصحابة، لا يعرف عنه خلاف، والبقية من هؤلاء الصحابة، عدا هؤلاء يدخلون في الجمهور.
معني كلمة جمهور من رأياً آخر
يختلف جمهور الفقهاء في مسألة عن مسألة أخري، فإذا قومنا بذكر الجمهور في مسألة فعلينا أن نقوم بذكر من يقابل الجمهور، فإذا قومنا بمعرفة بمعرفة من يقابل الجمهور، فنقوم بمعرفة من هم الجمهور. لماذا؟
لأن الفقهاء عندنا، هم أهل السنة الأربعة مذاهب التي هي أوسع انتشاراً، وأكثر إتباعاً، وأكثر كتباً مؤلفة، فهناك مذاهب أخري مثل المذهب الظاهري، وهو مذهب من مذاهب أهل السنة،ولكنه أقل إتباعاً، وجاء أيضاً متأخراً عن مذاهب الأئمة الأربعة، وعلي رأس المذهب الظاهري، أبو داوود الظاهري ثم من بعده إبن حزم الأندلسي، الذي عاش في الأندلس، كما إنه متأخر جداً عن المذاهب الأربعة، التي كتب الله سبحانه وتعال لها أن تنتشر في الآفاق، وهم مذهب الإمام أبو حنيفة، وثم مذهب مالك، وثم مذهب الشافعي، وثم مذهب أحمد بن حنبل.
هل يمكن أن يكون القول الراجح هو قول الجمهور ؟
يمكن أن يكون القول الراجح، هو قول الجمهور، ولكن ليس من الضروري أن يكون هذا الأمر كذالك دائماً، وذلك نظراً للمسائل الفقهية.
قال ابن حزم، إذا خالف واحد من العلماء جماعة ما، فلا حجة في الكثرة. لأن الله سبحانه وتعالي يقول وقد ذكر أهل الفضل وَقَلِيلٌ مَّاهُمْ ، وقال تعالي فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيىْ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَاْلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاْلْيَوْمِ الْأَخِرِ. فمنازعة الواحد منازعة، توجب الرد إلي القرآن والسنة، ولم يأمر الله تعالي قط بالرد إلي الأكثر، والمقصود فالأخير بالجمهور هم أكثر أهل العلم، سواء علي العموم أو في المذهب الواحد.