من هم الفقراء والمساكين
يتشابه معنى الفقراء والمساكين بشكل عام، لكن ميز علماء اللغة بينهما، فقال ابن السكيت الفقير هو الذي له بلغة من العيش أما المسكين فليس له شيء، وقال ابن الأعرابي الفقير الذي لا شيء له والمسكين مثله، وقال الأصمعي المسكين أفضل حالا من الفقير، وقال يونس الفقير أحسن حالا من المسكين، وهذا الاختلاف في توضيح المعنى يبقي مفهومي الفقراء والمساكين متلازمين، وقد أمر الله تعالى عباده أن يهتموا بهم وينفقوا عليهم من أموالهم وجعل أجر من يعمل ذلك عظيما، نقدم لكم خلال هذه المقال الاجابة على سؤال من هم الفقراء والمساكين ؟
من هم الفقراء والمساكين
المسكين والفقير من مستحقي الزكاة المذكورين في قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها. والمسكين هو الفقير الذي لا يوجد عنده مال كاف، أما الفقير يكون أشد حاجة من المسكين، أما من يكون عنده دخل من وظيفة، أو كسب، أو وقف يكفيه لإطعام نفسه أو من يعيلهم، وكسوتهم لا يطلق عليه فقير ولا مسكين، ولا تجوز عليه الزكاة.
فان كل مسكين هو فقير، ولكن ليس كل فقير مسكين، ولا يوجد فرق بين الفقير والمسكين من حيث الحاجة، واستحقاق الزكاة، وإنما يتمثل الفرق في أيهما أشد حاجة بسبب شدة فقره، وأيضا يكون الفرق في أن الفقير يكون في الظاهر متعفف ولا يسأل الناس شيئا، خاصة إذا كان هذا الشيء له.
أما المسكين فهو يسأل الناس، ويطوف، ويتبعهم على الرغم من وجود ما يكفيه، ولهذا السبب قدم الله تعالى كما ذكر في الآية الكريمة المذكورة أعلاه الفقراء على المساكين، لأنهم أسوأ حالا، وأحوج الناس.
تعريف الفقير
الفقير هي كلمة مشتقة من الفقر التي وردت في القرآن الكريم 14 مرة، وتباينت في المعنى بين الفقر المادي عكس الغني، والفقر المعنوي وهو الحاجة إلى الله تعالى، وأيضا ذكرت كلمة الفقراء في القرآن الكريم في آيات عديدة ونذكر منها قوله تعالى: “لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً” البقرة: 273، ففي هذه الآية الكريمة يصف الله تعالى الفقير بالأغنياء الذين لا يعرضون أنفسهم لمذلة الناس أي يستغنون عن السؤال لعفة وعزة أنفسهم، فبذلك الفقير هو الشخص المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا لأن الله هو الرزاق.
تعريف المسكين
تطلق كلمة المسكين على الشخص القادر على كسب المال لكن لا يكفيه ولا يسد حاجته، لذلك فهو صاحب حاجة، ويقول الطبري في كتابه إن المصدر من كلمة مسكين هي مسكنة، والمسكنة هي ذل الفاقة والحاجة.
كما يعتبر المسكين أحسن حالا من الفقير حيث أشار إليه قول الله تعالى: “أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ” الكهف: 79، أي أن السفينة لهم يعملون عليها، وكذلك عندما جاءت كلمة المساكين ثانيا بعد الفقراء عند توزيع الصدقات، كما أن المسكين هو الذي يسأل الناس أن يعطوه ليسد حاجته أي يعرض نفسه لذل السؤال.
زكاة الفقراء والمساكين
حين يكون أهل المنزل الواحد فقراء أو مساكين فإنه ليس هنالك حرج في أن تدفع إليهم الزكاة كلهم، وليس هناك عبرة بوجود الأب إذا كان فقيرا، لأن وجوده وهو فقير يكون كعدمه، وبالتالي تدفع الزكاة إليه، أو إلى زوجته، أو إلى أولاده، أو إليهم جميعا سواء.
كما يوجد من يدفع لهم الزكاة ما يرفع عنهم اسم الفاقة والفقر، أما في حال دفع للأب ما يصير به غنيا، فإنه من غير الجائز أن تدفع الزكاة إلى أولاده، ولا حتى إلى زوجته في هذه الحالة، وذلك لوجوب نفقتهم على الأب، وهذا بخلاف الزوجة إن كانت غنية، أو دفع لها من الزكاة ما يمكن أن تستغني به، فإنه لا يمنع ذلك من أن يتم دفع الزكاة لزوجها حيث كان فقيرا.
عندما يكون الشخص الذي يريد دفع الزكاة إلى أهل في منزل واحد هو واحد من أفراد الأسرة نفسها، فإنه لا يجوز له أن يدفع الزكاة إليهم جميعا، ولا إلى أحد منهم، لأنه في هذه الحالة إما أن يكون أبا أو أحد أولاده، وبالتالي فإنه تجب عليه نفقة باقي الأسرة المحتاجين، وكل من وجبت عليه نفقة شخص لا يكون جائزا أن يدفع زكاة ماله إليه.
يوجد استثناء واحد في حال إذا كان الذي يريد إخراج زكاة ماله هو الأم في الأسرة، فإنه يجوز لها أن تدفع زكاة مالها لزوجها المحتاج، وذلك لما جاء في صحيح البخاري، من أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم، وإن جواز دفع زكاة المرأة إلى زوجها هو مذهب الإمام الشافعي، وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد.
المراجع