كانت الرقة سادس أكبر مدينة في سوريا، ويبلغ عدد سكانها 220,488 نسمة وتقع شمال شرق نهر الفرات وكان يطلق عليها من قبل الاسم اللاتيني كالينيكوس، وكانت عاصمة الخلافة العباسية بين عامي 796م و809م تحت حكم هارون الرشيد، وسنتعرف في هذا المقال على تاريخ تأسيس الرقة
تاريخ تأسيس الرقة
يرجع تاريخ تأسيس مدينة الرقة إلى الفترة الهلنستية مع تأسيس مدينة نيكيفوريون اليونانية القديمة التي أسسها الملك السلوقي سلوقس الأول نيكاتور والذي حكم في الفترة ما بين 301 و281 قبل الميلاد، ثم قام خليفته سيليكوس الثاني كالينيكوس والذي حكم من الفترة 246-225 ق.م بتوسيع المدينة وإعادة تسميته باسم نفسه كالينيكوس.
في العصر الروماني كان الرقة جزءًا من مقاطعة أوزروين الرومانية وقد أطلق عليها اسم ليونوبوليس، ولعبت المدينة دورًا مهمًا في علاقة الإمبراطورية البيزنطية مع بلاد فارس والحروب التي نشبت بين الإمبراطوريتين، وتمت معاهدة وفيها تم الاعتراف بالمدينة باعتبارها واحدة من المراكز التجارية الرسمية القليلة عبر الحدود بين الإمبراطوريتين.
كانت المدينة بالقرب من موقع معركة شديدة بين الرومان والفرس، وفاز الفرس في المعركة ولكن الخسائر كانت في كلا الجانبين وفي عام 542 م تم تدمير المدينة من قبل الإمبراطور الفارسي ورحل سكانها إلى بلاد فارس، ولكن أعاد بناؤها لاحقًا الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول وذلك في عام 580م.
فترة الحكم الإسلامي
في سنة 639 م، سقطت المدينة في يد الفاتح المسلم إياد بن غانم، ومنذ ذلك الحين عُرفت باسم الرقة، وعندما أعلنت المدينة الاستسلام أجرى السكان المسيحيون معاهدة مع إياد بن غانم سمحت لهم المعاهدة بحرية العبادة في كنائسهم الحالية ولكنهم منعوا بناء كنائس جديدة.
خلف ابن غانم حاكم الرقة والجزيرة سعيد بن أمير بن هيدهم، قام ببناء أول مسجد في المدينة وكانت مساحته حوالي 73 عرضًا وحوالي 108 متر طولًا، مع إضافة مئذنة من الطوب لها، وشهدت المدينة بعض المعارك التاريخية الهامة ففي عام 656م وقعت معركة سفين حيث وقع صدام حاسم بين علي والأموية معاوية على بعد حوالي 45 كم إلى الغرب من الرقة، تقع بالمدينة العديد من مقابر أتباع علي مثل عمار بن ياسر وعويس القراني.
نمت الأهمية الاستراتيجية للرقة خلال الحروب في نهاية الخلافة الأموية وبداية الخلافة العباسية، وذلك لأنها تقع على مفترق الطرق بين سوريا والعراق ودمشق، ولمدة 13 عامًا كانت المدينة عاصمة الخلافة العباسية التي امتدت من شمال إفريقيا إلى آسيا الوسطى، لكن تراجعت ثروات المدينة في أواخر القرن التاسع بسبب الحرب المستمرة بين العباسيين والتولوينيين ثم مع الحركة الشيعية للقرماتيين.
شهدت الرقة ازدهارًا ثانيًا قائمًا على الإنتاج الزراعي والصناعي في عهد سلالة زانجيد والأيوبي خلال القرن الثاني عشر والنصف السابق من القرن الثالث عشر.
الحرب الأهلية في الرقة
خلال الحرب الأهلية السورية تم الاستيلاء على المدينة في عام 2013 م من قبل المعارضة السورية ثم من قبل دولة العراق الإسلامية والشام، وأتخذوها عاصمتهم الفعلية في عام 2014م ، ونتيجة لذلك تعرضت المدينة للغارات الجوية من الحكومة السورية وروسيا والولايات المتحدة وعدة دول أخرى.
تسبب ذلك في تدمير معظم الهياكل الدينية غير السنية في المدينة وأبرزها مسجد عويس القرني الشيعي، وفي 17 أكتوبر 2017 م وبعد معركة طويلة شهدت تدميرًا كبيرًا للمدينة، أعلنت القوات الديمقراطية السورية أنه تم تحرير مدينة الرقة بالكامل.
في نهاية شهر أكتوبر 2017م ، أصدرت الحكومة السورية بيانًا تكذب فيه مزاعم الولايات المتحدة وتحالفها المزعوم حول تحرير مدينة الرقة من داعش وذكرت أن تلك الأكاذيب تهدف إلى تحويل الرأي العام الدولي عن الجرائم التي ارتكبها هذا التحالف في محافظة الرقة، ذلك التحالف الذي دمر جميع الخدمات والبنية التحتية و أجبر عشرات الآلاف من السكان المحليين على مغادرة المدينة، ولا تزال سوريا تعتبر الرقة مدينة محتلة ويمكن اعتبارها محررة فقط عندما يدخلها الجيش العربي السوري.
بحلول ديسمبر 2018م، عاد 165000 من السكان إلى المدينة وأعيد فتح العديد من المتاجر في المدينة وذلك بفضل الجهود التي بذلها التحالف العالمي والمجلس المدني في الرقة، كما أعيد فتح العديد من المستشفيات والمدارس العامة وتم ترميم المباني العامة مثل الاستاد ومتحف الرقة والمساجد والحدائق العامة، وتم إنشاء مراكز تعليمية لمكافحة التطرف وتمت إعادة بناء وترميم الطرق والجسور والدوران، وتركيب إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية، واستعادة المياه وإزالة الألغام وإعادة إنشاء وسائل النقل العام وإزالة الأنقاض.
المراجع
المصدر 1