لطالما كانت العلاقات الثنائية بين فلسطين والأردن قوية منذ قديم الأزل، فلقد ارتبطتا بحضارة مشتركة وتاريخ عريق جمعهما في الكثير من التفاصيل بحكم وقوعهما في نفس الإقليم، إلا أن علاقتهم مرت بفترة غير مستقرة وخاصة عندما ضمت الأردن الضفة الغربية بسكانها وأرضها إلى نطاقها السياسي والجغرافي، وأصبحت تحت حكمها رسمياً، وفي المقال التالي نتحدث باستفاضة أكثر عن الضفة الغربية تحت الحكم الاردني.
الضفة الغربية تحت الحكم الاردني
حقائق وثائقية عن الضم الأردني للضفة
- قامت الأردن بضم الضفة الغربية في أعقاب الحرب العربية على إسرائيل عام 1948، حيث غزا الفيلق الأردني البلدة القديمة في القدس بما في ذلك القدس الشرقية، وسيطر على الأراضي على الجانب الغربي من نهر الأردن، بما في ذلك أريحا وبيت لحم والخليل ونابلس، وفي النهاية سيطرت الأردن على الضفة الغربية سيطرة كاملة
- تم الاعتراف الرسمي بالحكم الأردني للضفة الغربية خلال مؤتمر أريحا في ديسمبر عام 1948، حيث تجمع مئات من الشخصيات الفلسطينية البارزة في الضفة الغربية، وقبلوا حكم الأردن واعترفوا بعبد الله حاكم لهم، وأعقب ذلك تغيير اسمها في عام 1949، إلى أن أصبح الضم معلنا للعالم رسمياً في 24 أبريل عام 1950م. رغم أن العالم اعتبره غير قانوني وباطل.
- لم يعترف بهذا الضم إلا المملكة المتخدة والعراق وباكستان، وتم ضم العديد من المواطنين الفلسطينيين لسكان الأردن، مما أدى إلى مضاعفة عدد السكان التي كانت الحكومة الأردنية مسئولة عنهم، فلقد كانوا يشكلون أكثر من ثلث سكان المملكة الأردنية الهاشمية البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة.
- على عكس أي دولة عربية أخرى، تمتع الفلسطينيون بالضفة الغربية وقتها بفرص متكافئة في جميع قطاعات الدولة دون تمييز، وتم منحهم نصف مقاعد البرلمان الأردني وعددها 30 مقعد لكل من الضفة الغربية والشرقية، مما يجعلهم متساوين تماماً مع الشعب الأردني، وسمح لهم بالتصويت في الانتخابات الأولى التي أجريت بعد الضم في 11 أبريل عام 1950م.
- رغم حصول فلسطينيي الضفة على الكثير من الحقوق والامتيازات، إلا أنهم استمروا في العيش في المخيمات، واعتمدوا على المساعدات الإنسانية الآتية من الأونروا UNRWA للعيش.
- أثار هذا الضم حفيظة الكثير من المواطنين على الجانبين، لذا وبعد اتفاقية الهدنة وفي عام 1951 تم اغتيال الملك عبد الله الأول على يد مواطن فلسطيني من عشيرة الحسيني، فلقد كان واحد من الناقمين على الحكم الأردني وضم الضفة لحكم ملك الأردن.
- ظلت الزراعة هي النشاط الرئيسية للإقليم، رغم مساحتها الصغيرة نسبياً، حيث أصبحت 80% من الأراضي المخصصة لزراعة الفاكهة و40% من أراضي الخضراوات واقعة في نطاق الضفة الغربية، ولكن مع بدأ الإحتلال الإسرائيلي لم تستطع المنطقة الحفاظ على مستواها من الإنتاج.
- ارتفع معدل نمو اقتصاد الضفة في فترة الحكم الأردني لها قبل الاحتلال الإسرائيلي بمعدل سنوى قدره من 6 إلى 8%، فلقد كانت الضفة على وشك تحقيق الاكتفاء الإقتصادي الذاتي.
كيف خرجت الضفة الغربية من تحت سيطرة الحكم الأردني؟
بحلول نهاية ما يعرف تاريخياً بحرب الأيام الستة، أصبحت الضفة الغربية التي كان يسيطر عليها الأردن سابقاً، والتي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة تقريباً وقتها تحت سطوة الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
تم طرد حوالي 300 ألف لاجيء فلسطيني، حيث فروا إلى الأردن على إثر اندلاع صراع بين القوات المسلحة الأردنية بقيادة الملك حسين وبين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكان يعرف وقتها هذه الصراع باسم سبتمبر الأسود، وبعد هذه الحرب قامت القوات الأردنية بطرد منظمة التحرير الفلسطينية من أرضها تماماً وكل من ينتمون لها.
بعد عام 1967م مُنحت كل الجماعات الدينية الإدارة على مواقعها المقدسة، بينما بقيت إدارة بعض الرموز الدينية التي يعتبرها اليهود تعود إليهم تحت إشرافهم.
رغم إنفصال الضفة عن حكم الأردن، فإن الفلسطينيين لم يفقدوا جنسيتهم الأردنية ولا مقاعدهم في البرلمان الأردني، وظلوا على هذا الحال حتى تخلى الأردن عن حكمه للضفة بشكل رسمي في 31 يوليو عام 1988، وبذلك تكون الدولة قد تخلت عن رعاية المواطنين الفلسطينيين الذين كانوا على أرضها ونزع أي امتيازات كانوا يتمتعون بها، ولكن بعد ذلك بفترة اعترف الأردن لاحقاً بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.