كان العصر الخديوي من أهم العصور التي مرت على مصر في تاريخها، حيث تميز بوضع أسس الحضارة المعمارية الحديثة، والكثير من عناصر الازدهار، والتقدم فيها، واليوم نتعرف سوياً على تاريخ القاهرة الخديوية.
تاريخ القاهرة الخديوية
تم تأسيسها في عهد الخديوي إسماعيل باشا، الذي حكم مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، وكان ذلك توازياً مع افتتاح مشروع قناة السويس في عام 1869.
أراد وقتها إسماعيل باشا بناء جزء جديد من العاصمة يطلق عليه اسمه، وقد شيدها بطريقة الهندسة المعمارية الفرنسية، التي كان مولعاً بها، فقد حرص على أن تشبهه مبانيها مباني أوروبا، ومن أكثر الشوارع تأثراً بالطراز الفرنسي فيها هو شارع فؤاد باشا، والذي يقع في قلب القاهرة، والذي يمكن لك أن تقارنه بشارع (جان دارك) في باريس، ولن تجد فرق بينهما، وكان من أهم أسباب بنائها هو تسهيل الوصول إلى الضفة اليسرى من النيل عبر جزيرة تسمى الآن منطقة الزمالك.
تاريخ نشأتها
سيجد أي شخص على دراية بوسط القاهرة صعوبة في تصديق أنه منذ وقت ليس ببعيد، أي قبل 140عامًا كانت كل هذه المنطقة عبارة عن أراضي زراعية، تم استصلاحها على مقالب القمامة التي كانت تفصل المدينة العثمانية القديمة عن النيل، في الآونة الأخيرة تحولت أجزاء مهمة منها إلى مناطق جذب سياحية، وتتمثل في ميدان التحرير، الذي كان معقل لثورتي 25 يناير، و 30 يونيو، حيث تحول هو والشوارع المحيطة به إلى مراكز للفن والثقافة، والذوق الاجتماعي، والسياسي الحديث.
التغيرات التي حدثت للقاهرة الخديوية
وقد كان يسمى في البداية (ميدان الإسماعيلية)، نسبة إلى الخديوي إسماعيل الذي قام ببناءه توسيعه، وظل بهذا الاسم حتى قيام ثورة 1952، حيث تم تغييره إلى ميدان التحرير، ونجد أنه بعد عقدين فقط من الزمن اختفت أغلب معالم القاهرة الخديوية، وحلت محلها في ثلاثينيات القرن الماضي العديد من الأبنية الحديثة، والمباني السكنية الفاخرة مثل عمارة يعقوبيان، ودور السينما مثل مترو، و ديانا، والإذاعة، والمحلات التجارية الكبيرة مثل شكوريل، وشماله، وعمر أفندي.
أشهر الأماكن في القاهرة الخديوية
من أشهر الأماكن التي كانت موجودة بها وللأسف لم تدم طويلا هو السيرك، ومضمار السباق، والتي كانت تعتبر من أهم الأماكن الترفيهية التي حرص الخديوي إسماعيل على تواجدها في المدينة التي بناها، كان السيرك يقع خلف مبنى الأوبرا الحالي، و بجوار حديقة الأزبكية، وقد تم بنائه على مدار بضعة أشهر في عام 1869، على يد المهندس المعماري الألماني (يوليوس فرانز) والمهندس (الفرنسي ريجيس دي كوريل)، ولكنه تهدم في عام 1872، وبني مكانه عمارة (ماتاتياس) الضخمة.
ميدان سباق الخيل
أما ميدان سباق الخيل ، فهو عبارة عن مبنى ضخم محاط بجدران ونصف مغطى من الأعلى، كان يقع في قلب القاهرة الجديدة، (المدخل المؤدي إليه ميدان مصطفى كامل)، وقد نجا لفترة أطول من السيرك ، ولكن في عام 1881 تم تقسيم أراضيه وبيعها كمباني بناء، واحدة من آخر المباني الباقية من هذه المدينة هو منزل تم بناءه في عام 1884 من قبل المهندس الفرنسي وجامع الأعمال الفنية (ألفونس ديلور دي غليون)، ويقع في 27 شارع شريف، وبالرغم من حالته المتهالكة إلا أنه مسجل كمعلم تاريخي منذ عام 1995م.
مبنى Cercle Artistique
المنزل كان يضم مبنى (Cercle Artistique)، وهو النادي الذي كان ينظم سنوياً في شهر رمضان معرضًا فنيًا يعرض فيه كثيراً من الفنانين الدوليين والمحليين أعمالهم، والذي أصبح يقام بعد ذلك في نادي السيارات، وفي عام 1914 اشتراه تاجر الفن والتحف الشهير(موريس نهمان) الذي حوله إلى مقر إقامة له، وفتح فيه متحفاً للقطع الأثرية المصرية، والإسلامية، والقبطية، والتي أتى إليها السياح من جميع أنحاء العالم من أجل المشاهدة والشراء.
بداية بناء القاهرة الخديوية
بدأ الخديوي ببناء القاهرة الخديوية من خلال إقامة مشروع تطوير الضواحي، والذي كان قائماً على منح الأرض مجانًا لأي شخص بشرط أن يلتزم ببناء منزل عليها وأن يكون محاط بحديقة، وخلال عامين كحد أقصى، وإن لم ينتهي يغرم مبلغ كبير من المال.
وبالفعل تم تخصيص عدد كبير من تلك الأراضي، والتي سرعان ما انتقلت ملكيتها لأشخاص آخرون، حيث أن الملاك الأوائل لم يستطيعوا إتمام البناء في عامين، وبالتالي تراكمت عليهم الغرامات، فبدأ البناء الفعلي للمنطقة الجديدة في عام 1874، وكانت المنازل هناك مكونة من طابق واحد أو طابقين ومبنية بطراز معماري بسيط ومتواضع، وبُنيت أيضاً قصور فخمة مزينة بطريقة رائعة.
مباني تنتمي للقاهرة الخديوية ومازالت موجودة
جزء كبير من هذه المباني موجود حتى الآن مثل، قصر (محمد شريف باشا) والذي صمم على الطراز المغربي، وقصر(علي شريف باشا)، المعروف بإسطبلاته التي تضم خيول السباق، ويقع على الجانب الآخر من الشارع الخلفي، ومن هنا جاءت تسمية شارع الشريفين.
كما تم بناء فندق (سافوي) في عام 1898م، مكان قصر ثابت باشا، وعلى نفس مساحة القصر.