بدأت التّنقيبات الأثريّة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة باكتشاف مقابر أمِّ النّار الأثريّة في العاصمة أبوظبي، وكان لهذا الاكتشاف أثر كبير في إزالة الغطاء عن تاريخ الدّولة الضّارب في القِدَم، وأظهرت هذه الاكتشافات أنَّ تاريخ الامارات قبل الميلاد بدأ مع بداية العصر الحجريِّ المتأخّر أو الحديث، أي منذُ 6000 إلى 3500 قبل الميلاد، وامتدَّ الوجود الإنسانيُّ فيها حتّى نهاية العصور القديمة، أي إلى نهاية العصر الحديديِّ، منذ 1300 إلى 300 قبل الميلاد، الذي كان بداية ظهور تقنيّة الرّيِّ بالأفلاج، التي ساعدت على استخراج المياه الجوفيّة، وساعدت على استمرار الزّراعة في ظروف مناخيّة جافّة، واستُخدمت في هذه الفترة المعادن، مثل السّيراميك والبرونز والذّهب، وكانت المقابر في هذه الفترة تحت الأرض وكبيرة وحجريّة، مزوّدة بمداخل بأشكال متنوّعة مثل المربّع وحدوة الحصان.
تاريخ الامارات في العصر الحجريِّ
بحسب معلومات عن تاريخ الامارات قبل الميلاد في العصر الحجريِّ القديم، الذي امتدَّ من 6000 إلى 3500 قبل الميلاد، فإنَّ الوجود الإنسانيَّ كان عبارة عن مجموعت بدويّة، اعتمدت في عيشها على جمع النّباتات والصّيد، وبحسب الحفريّات الأثريّة في أربع إمارات (أبوظبي، والشّارقة، وأمِّ القيوين، ورأس الخيمة) فقد تميّزت هذه الحقبة بصناعة الأواني الفخّاريّة، المزخرفة هندسيًّا بالأخضر والأصفر والأسود، وتنتشر هذه القطع في جزيرة الحمراء في إمارة رأس الخيمة، والحمريّة في إمارة الشّارقة، وفي موقع المدار في إمارة أمِّ القيوين، كما أنَّ هذه القِطع متشابه مع القِطع الفخّاريّة التي وُجِدَت في بلاد ما بين النّهرين من نفس الفترة.
تاريخ الامارات في العصر الحجريِّ الحديث
في هذه الفترة التّاريخيّة عُثر على أوّل دليل على وجود مستوطنة بشريّة في الإمارات، وكانت مجموعات بدويّة، اعتمدت على صيد الأسماك، ورعي الماشية، والزّراعة، وتميّزت هذه الفترة من تاريخ الامارات قبل الميلاد بأجواء مناخيّة رطبة ولكنّها مناسبة للسّكّان بالعيش في أجزاء مختلفة من المنطقة، وهي السّاحل وفي الدّاخل. وجد علماء الآثار أوانيَ فخّاريّة تعود إلى هذه الفترة من تاريخ الامارات قبل الميلاد في أبوظبي، والشّارقة، وأمُّ القيوين، ورأس الخيمة، ويعتقدُ علماء الآثار أنَّ هذه القطع الأثريّة تعود إلى فترة العُبيد، التي تُعدُّ جزءًا من العصر الحجريِّ الحديث، تحديدًا في بداية الألفيّة السّادسة قبل الميلاد، كما عُثِرَ على رؤوس حِراب وأدواتها في جزيرتيِّ (دلما ومروح) في أبوظبي، كما عُثِر على مقابر جماعيّة عدّة في جبل البحيص في الشّارقة، تعود إلى هذه الفترة. بدأت فترة العصر الحجريِّ المتأخِّر بالانحسار بعد 4000 قبل الميلاد؛ بسبب تدهور الأحوال الجوّيّة التي أصبحت أكثر جفافًا.
تاريخ الامارات في العصر البرونزيِّ (3200 إلى 1300) قبل الميلاد
ينقسم تاريخ الامارات قبل الميلاد في العصر البرونزيِّ إلى ثلاث فترات، وهي: فترة جبل حَفيت، وفترة أمِّ النّار، وفترة وادي سوق، وفيما يلي شرح لهذه الفترات:
فترة جبل حفيت
امتدّت فترة جبل حفيت في تاريخ الامارات قبل الميلاد من 3200 إلى 2500 قبل الميلاد، واكتُشِف العديد من المقابر التّاريخيّة التي تعود إلى فترة 3200 إلى 2700 قبل الميلاد في جبل حفيت، وامتازت هذه المقابر بأنّها جماعيّة وصغيرة، وتُشبِهُ خلايا النّحل، ويتزامن تاريخها مع فترة ازدهار صناعة النّحاس في المنطقة، أمّا في مجال الزّراعة فقد وجَدَت الاكتشافات الأثريّة أنَّ منطقة العين في هذه الفترة كانت تضمُّ مستوطنة زراعيّة ضخمة كانت تُنتِجُ القمح والذّرة.
فترة أمِّ النّار
تمتدُّ هذه الفترة من 2500 إلى 2000 قبل الميلاد، واستُخدِم مصطلح (فترة أمِّ النّار) للدّلالة على الاستكشافات الأثريّة التي وُجِدَت في جزيرة أمِّ النّار الصّخريّة، التي تقع على بُعدِ 20 كم عن أبوظبي، وتضمُّ الاكتشافات أوعية سوداء بخلفيّة حمراء، ومدافن ركاميّة، وأبراجًا، وأبنية خالية من الطّين، وحوالي أربعين تلًّا للدّفن، والكثير من القبور الدّائريّة الشّكل، ومساكن حجريّة، وقطعًا تُستخدَمُ في الطّبخ، كما وجدت الاكتشافات أفلاجًا (قنوات مائيّة) وآبارًا بالقُرب من المنطقة السّكنيّة؛ وهذا يدلُ على سهولة حصول السّكّان على الماء، كما عثر في جنوبيِّ مستوطنة أمِّ النّار على بيت يضمُّ سبع غرفٍ مستطيلة، وعلى بقايا فخّاريّة من نوع الأوعية الحمراء ذات النّقوش، والكثير من الأدوات المصنوعة من العظام، وعددٌ من المغازل، كما أنَّ الفخّار المكتشفَ مصنوعٌ على دولاب فخّاريّة رماديّة اللّون نتيجة الحرق.
تاريخ الامارات في فترة وادي سوق
تمتدُّ هذه الفترة من تاريخ الامارات قبل الميلاد بين 2000 وحتّى 1300 قبل الميلاد، وسُمّيت نسبة إلى الاكتشافات الأثريّة في منطقة وادي سوق، الذي يقع بين منطقة العين والسّاحل العمانيّ، واكتُشف في هذه الفترة مقابر أثريّة، ورؤوس رماح، وأوانٍ، ومجوهرات مشغولة بالذّهب والفضّة، وهذه القطع الأثريّة منتشرة في المناطق التّالية (شمل في رأس الخيمة، وخورفكّان وجبل البحيص في الشّارقة، والقصيص في دبي)، وتُشير هذه الاكتشافات أنَّ هذه الفترة شهدت تراجعًا حضاريًّا؛ قد يعود سببه للتّغيُّرات المناخيّة القاسية، أو لتوقُّف تجارة النّحاس الخارجيّة إلى بلاد ما بين النّهرين.
المراجع
