شهد التاريخ الأسباني العديد من الملاحم التاريخية والمعارك الفاصلة في تاريخه، واحتفظ لنا المؤرخون بتفاصيل كل معركة حدثت بها، ومن أهم هذه المعارك معركة الزلاقة أو ساجراجاس، وهي من أشهر المعارك التي دارت في القرن الحادي عشر الميلادي، ولتتعرفوا أكثر عليها وعلى سبب تسميتها بالزلاقة وكل المعلومات عنها تابعوا المقال التالي حيث نستعرض احداث نتائج معركة الزلاقة.
احداث نتائج معركة الزلاقة
وقعت معركة الزلاقة أو ساجراجاس في 23 أكتوبر عام 1086م الموافق 13 رمضان عام 480هـ بين طرفين أساسيين هما المرابط يوسف بن تاشفين وبين الملك القشتالي وقتها ألفونسو السادس، ووقعت أحداثها في شمال منطقة بطليوس.
سبب التسمية
يرجع أصل تسمية هذه المعركة بالإسم المشهور عنها باللغة العربية “الزلاقة” إلى أن المحاربين كانوا ينزلقون في جميع أنحاء ساحة المعركة؛ بسبب الكم الهائل من الدماء التي أسفكت في هذا اليوم من الطرفين وخاصة من طرف القشتاليين بعد هزيمتهم، كما أن تسمية المنطقة الدارجة كان الزلاقة.
أهم الاستعدادات والدوافع وراء وقوع المعركة
- جاءت المعركة كاستجابة من يوسف بن تاشفيين لدعوة مجموعة من الزعماء الأندلسيين وهم عباد الثالث والمعتمد وغيرهم للتخطيط لهذه المعركة بعد أن استولى ألفونسو على مدينة توليدو وبدأت توسعات حكمه وقلعته في الانتشار أكثر، وطلبوا مساعدة يوسف للقضاء على طموحات ألفونسو وإيقافه عند حده، فتعاونوا معاً وعبروا إلى الأندلس بقوة جيش تجاوزت السبعة آلاف مقاتل من المرابطين تحت قيادة يوسف.
- سار يوسف بالجيش إلى شمال الأندلس حتى وصل إلى الزلاقة، وقام بجمع أكبر عدد ممكن من الجنود الإضافيين من كل مكان بالأندلس حتى وصل عدد الجيش إلى 30 ألف مقاتل، حيث أنه كان أكثر بثلاثة أضعاف من جيش القشتاليين.
- وصل جيش القشتاليين بقيادة ألفونسو السادس من قشتالة إلى ساحة المعركة بقوة كبيرة، ولكنه وجد نفسه أمام جيش يفوق عدد جيشه بأضعاف، فتبادل الرسائل وبدأت المفاوضات بينه وبين يوسف قبل الشروع في المعركة، فقدم له يوسف ثلاثة خيارات يختار منها ما يشاء وهم أن يعتنق الإسلام هو وشعبه، أو تقديم الجزية المفروضة على غير المسلمين أو البدء بالمعركة.
أحداث المعركة
- بدأت المعركة في فجر يوم الجمعة بمبادرة من القشتاليين، وفي نفس الوقت قسم يوسف بن تاشفين جيشه إلى ثلاثة فرق كالتالي: الفرقة الأولى تحت قيادة عباد الثالث ويتكون من 15 ألف مقاتل، والفرقة الثانية تحت قيادة يوسف بن تاشفين وعددها 11 ألف مقاتل، أما الفرقة الثالثة فتكونت من المحاربين من الأفارقة السود بسيوفهم الهندية.
- بدأ عباد وحده بالهجوم بفرقته على ألفونسو وظل يقاتل حتى بعد الظهر، ثم انضم له يوسف وفرقته وأحاطوا بألفونسو وقواته، مما أدي إلى شعور جيشه بالذعر والرعب بعد أن أحيط بهم، فبدأوا يضطربوا ويخسروا قوتهم وثقتهم وأرضهم كذلك، ثم في النهاية بدأت الفرقة الثالثة من الجيش بالهجوم ووضع الحد الفاصل للمعركة وإنهائها.
ما بعد المعركة ونتائجها
- تمكن ما يقارب الألفين فارس من أمهر فرسان الجيش القشتالي من النجاة من المعركة، ولكن نصف الجيش على الأقل كان قد قتل، ورغم ذلك فلقد نجا معظم النبلاء، ولكن أيضاً قتل العديد منهم بما في ذلك رودريجو مونيوز، وفيلا أوفيجيز، ونجا ألفونسو السادس من ساحة المعركة ولكنه أصيب بجرح شديد في ساق واحدة، ولكنها تسببت في إصابته بالعرج لبقية حياته.
- على الجانب الآخر كان هناك العديد من الإصابات الشديدة في جيش يوسف بن تاشفيين، خاصة للمقاتلين تحت قيادة داود بن عيسي الذي تم إقصاء فرقته في الساعات الأولى من المعركة، بالإضافة لإصابة بطليوس، والمتوكل، وأصيب حاكم إشبيلية في الاشتباك الأول بين الجيشين، ولكنه كان مثال للشجاعة والإقدام؛ لأنه حشد القوات الأندلسية في اللحظات الصعبة ليهاجموا فرقة ألفار فانيز، ومن بين القتلى إمام مشهور من قرطبة هو أبو العباس أحمد بن رميلة.
- اعتبرت المعركة نصر حاسم لجيش الأندلس، ولكن أصيب يوسف بن تاشفيين بالإحباط بعد العدد الكبير لقتلى جيشه في المعركة، وبعدها اضطر للعودة قبل الوقت المحدد إلى أفريقيا لأن وريثه الوحيد كان قد توفى.
- لم تتعرض قشتالة لأي خسارة تقريباً من أراضيها، وتمكنت من الاحتفاظ بمدينة توليدو التي كان لها مكانة كبيرة لديهم وقتها والتي كنت تقريباً الشرارة لحدوث هذه المعركة، إلا أنها تسببت في وقف التقدم المسيحي لعدة أجيال حتى أعاد الجانبين تجميع صفوفهما ليلتقوا فيما بعد في العديد من المعارك الأخرى على مدار التاريخ.