يحاول الفلاسفة تناول العديد من القضايا من وجهة نظرهم، ويحللونها من من منظور فلسفي بحت، سواء كانت أمور سياسية أو دينية أو غيره، إلا أن هناك بعض الآراء التي ترى أن هناك بعض الأمور والقضايا لا يصلح تناولها والحديث عنها من ناحية فلسفية، ونقدم نبذة عن كتاب تهافت الفلاسفة باعتباره واحدا من الكتب التي تتبنى وجهة النظر هذه.
نبذة عن كتاب تهافت الفلاسفة
نبذة عن المؤلف
ألفه أبو حامد الغزالي، وهو واحد من أكثر الفلاسفة والفقهاء وعلماء الإسلام السني البارزين والمؤثرين، وهو من أصل فارسي، ولد في طوس 450 هجرية/ 1058 ميلادية، وعاش فيها ثم انتقل إلى نيسابور.
يعتبره البعض مجددا، ونالت أعماله استحسانا كبيرا من قبل معاصريه لدرجة أنه مُنح لقب مشرف وهو (حُجة الإسلام)، وله ألقاب أخرى منها: زين الدين، شرف الأئمة وغيره.
درس الفلسفة بشكل مكثف أثناء وجوده في بغداد، وقام بتأليف كتاب مقاصد الفلاسفة، ثم انتقدها في كتابه تهافت الفلاسفة، وله العديد من المؤلفات مثل إحياء علوم الدين، وغيره.
لم يكن له بصمة في علم الفلسفة فقط بل في علوم مختلفة، منها: علم الكلام، المنطق، التصوف وغيره، حتي أنه ألف فيها كُتبا أيضا، وعندما سافر إلى بغداد حقق شهرة ومكانة كبيرة حتي أقبل عليه الكثير من الطلاب لطلب العلم الشرعي.
رغم المكانة التي حققها إلا أنه قرر بعد 4 سنوات من التدريس اعتزال الناس، حتي يتفرغ للعبادة، وتوفي في عام 505 هجرية/ 1111 ميلادية)
لمحة عامة حول الكتاب
يعد علامة بارزة في تاريخ الفلسفة، حيث أنه يقدم نقد للعلوم الأرسطية التي طورت في وقت لاحق في أوروبا في القرن الرابع عشر، ويعتبر نقطة تحول في التاريخ الإسلامي.
يُعتقد عموما أن الفلسفة في العالم الإسلامي بداية من هذا الكتاب فصاعدا استمرت في الانخفاض بعد تلقي هذه الضربة الساحقة من الدين في شكل كتاب الغزالي.
يتضمن نقدا لمحاولات الفلاسفة للوصول إلى إجابات حول طبيعة الخالق، حتي أن الفلاسفة المسلمين مثل ابن سينا والفارابي مدانين فيه، لأنهم يتبعون الفلسفة اليونانية حتي عندما تتعارض من الإسلام.
يدور حول فكرة الاعتقاد بأن جميع الأحداث والتفاعلات السببية ليست نتاج ارتباطات مادية بل هي إرادة الله الفورية والحاضرة، ويُفضل الإيمان على الفلسفة في الأمور الروحية والمتعلقة بالميتافيزيقا أو معرفة الإله (الخالق)
يعتبر كتاب مقاصد الفلاسفة، كان مقدمة لكتاب تهافت الفلاسفة، كما أوضح الغزالي، الذي ذكر أيضا أنه يجب على المرء أن يكون على دراية بأفكار الفلاسفة قبل الشروع في دحض أفكارهم.
نظرة عامة حول محتوياته
يضم 20 فصلا، حيث يحاول الغزالي دحض مذاهب بن سينا، ويذكر أن ابن سينا وأتباعه قد أخطأوا في 17 نقطة (أفرد فصل كامل لكل واحدة منها أي تناولهم في 17 فصل) من خلال الوقوع في البدعة، ولكن في ثلاثة فصول أخرى يتهمهم بأنهم غير متدينين تماما.
من بين التهم التي وجهها ضد الفلاسفة هي عدم قدرتهم على إثبات وجود الله وعدم قدرتهم على إثبات استحالة وجود إلهين، ونعرض بعض النقاط الأساسية التي دارت حولها فصول الكتاب فيما يلي:
- دحض عقيدة ما قبل الأبدية في العالم.
- دحض عقيدة ما بعد الخلود في العالم.
- إظهار الالتباس في تصريحين: الله هو خالق العالم، العالم هو خلق الله
- عدم قدرة الفلاسفة على إثبات وجود الخالق
- عجزهم عن إثبات استحالة وجود إلهين
- عقيدة الفيلسوف المتمثلة في إنكار وجود سمات لله
- مناقشة مذهبهم المادي يستلزم إنكار الخالق
- دحض مذهبهم الذي ينص على: (أن السماء هي حيوان يتحرك بمحض إرادته)
- دحض ما يقولون عن سبب تحرك السماء
- تكذيب عقيدتهم التي تقول أن السماء هي أرواح تعرف التفاصيل
- تكذيب مذهبهم بأن تعطيل السببية أمر مستحيل
- دحض وتكذيب تأكيدهم لاستحالة إبادة الروح الإنسانية
- تكذيب ودحض إنكارهم لإحياء جسد الموتى، والملذات المرافقة للجنة أو آلام الجحيم.
آراء حوله
لاقى ردود فعل مؤيدة وأخرى معارضة انتقدته بشدة، نوضح بعضها فيما يلي:
- ابن رشد، انتقد الكتاب وألف كتابا بعنوان تهافت التهافت للرد عليه، ودافع فيه عن مذاهب الفلاسفة وينتقد حجج الغزالي الخاصة، حيث يقتبس مقاطع من (تهافت الفلاسفة) ثم يرد عليها.
- دافع الباحث والفقيه العثماني (مصطفى بن يوسف البرسوي)، الذي اشتهر باسم خواجه زاده، عن آراء الغزالي، ورد على ابن رشد.
- انتقد ابن طفيل، كتاب الغزالي، لكنه كان أقل انتقادا من ابن رشد، ورد على حججه في جزء من روايته الفلسفية العربية (حي بن يقظان)، ورغم أنه استشهد بالغزالي باعتباره مؤثرا على روايته خاصة وجهات نظره حول الصوفية، إلا أنه انتقد آراءه حول الفاشية (مدرسة الفلسفة الإسلامية التي أسسها ابن سينا)
- دافع ابن النفيس عن ما كتبه الغزالي، ورد على ابن طفيل برواية (الرسالة الكاملية)
المراجع