الدراسة أو البحث في العلوم الشرعية يتطلب الرجوع إلى العديد من الكتب والمصادر خاصة تلك الكتب التي ألفها علماء وأئمة الماضي، فهى تحتوي على علم غزير وقيم يصعب الوصول إليهh من المصادر الحديثة، لذلك نقدم نبذة عن كتاب تغليق التعليق باعتباره واحدا من الكتب الهامة في مجال تخريج الحديث.
نبذة عن كتاب تغليق التعليق
نبذة عن مؤلفه
ألفه أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني، وكان يُلقب بشهاب الدين ويُكنى أبا الفضل، واشتهر بابن حجر، وهو ولد ونشأ في مصر وتوفى فيها، وولد في عام 773 هجرية/ 1371 ميلادية
كان يتمتع بالعديد من الصفات التي تؤهله للمكانة التي وصل إليها في العلوم، حتي أقبل عليه الكثير من الطلاب للدراسة وأثنى عليه الكثير من العلماء، وقد كان شافعي المذهب، وبرع في العديد من العلوم كالأدب والتاريخ والتفسير والحديث والفقه وغيرهم.
قام بأعمال جليلة وشغل مناصب متعددة، ومن الأعمال التي قام بها التدريس، وتولى افتاء دار العدل وظل في هذه الوظيفة حتي مات ولكنه شغل مناصب أخرى أيضا.
انتقل إلى عدة مدن وبلدان لطلب العلم، فسافر إلى الديار الحجازية والديار اليمنية والشامية، وتتلمذ على يد شيوخ في مختلف العلوم الشرعية وغير الشرعية، منهم البلقيني، ابن الملقن وغيرهما الكثير.
توفي ابن حجر في 852 هجرية/ 1448 م، وترك العديد من المؤلفات منها: الإحكام لبيان ما في القرآن من إبهام، تقويم السناد بمدرج الاسناد، بلوغ المرام من أدلة الحكام، وغيرهم الكثير.
لمحة عن الكتاب
اسمه بالكامل تغليق التعليق على صحيح البخاري، وهو يحتوي على وصل التعاليق المرفوعة والآثار الموقوفة والمقطوعة، وما يشبه ذلك من قوله: (تابعه فلان) و(رواه فلان) الواقعة في صحيح البخاري
وصل المؤلف المعلقات في كتابه وتكلم عليها وبين درجتها من الصحة والحسن والضعيف، وبالتالي أغلق الطريق أمام من يحاول التطاول على صحيح البخاري من جهة الأحاديث المعلقة والآثار الموقوفة.
نظرة على محتوياته
يحتوي على الكثير من المعلومات ويستفيض في الشرح، لكن يمكن عرض نظرة حول أبرز محتوياته فيما يلي:
- بعد المقدمة، بدأ المؤلف بالشرح المفصل لكل ما جاء في صحيح البخاري، في كتاب: (بدء الوحي، العلم، الطهارة، الغسل، الحيض، الصلاة، مواقيت الصلاة، الآذان، الجمعة، صلاة الخوف، العيدين، الوتر،… إلى آخره)
- في الأجزاء الأخيرة من الكتاب، أفرد الكاتب بعض الصفات للحديث عن مولد البخاري ونسبه، والتعريف بقدره ومكانته وطلبه الحديث، كما تحدث عن زهده وفضله وغير ذلك.
- انتهى الكتاب بالفصل الثاني الذي خصصه الكاتب لذكر سياق أسانيده في الكتب الكبار التي خرج منها الأحاديث التي لم يسق أسانيدها في كتاب تغليق التعليق اكتفاء بما فيه، مثل مسند الإمام الشافعي رضي الله على عنه، مسند الإمام أحمد رضي الله عنه، وغيرهما.
أهميته
أثنى عليه الكثير من العلماء وأكدوا أنه لم يسبق تأليف كتاب مثله، لذلك شاع ذكره وانتشر واهتموا بالحصول عليه، ويمكن عرض آراء بعض العلماء حوله فيما يلي:
- قال عنه المؤرخ ابن تغري بردي: (هو كتاب نفيس، قرض عليه شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وغيره، وهو من تصانيفه الجليلة القديمة)
- ذكر العلامة علاء الدين خطيب الناصرية: (وأقبل على التصنيف والاشتغال والاشغال، فصنف كتبا كثيرة منها ما كمل ومنها ما لم يكمل، فمما كمل قديما كتابه تغليق التعليق، وصل فيه تعليقات البخاري، وهو كتاب جليل نفيس،…)
- حتي أن مؤلفه نفسه (الحافظ بن حجر) قال: (إن أحسن مؤلفاتي الشرح، وتغليق التعليق، واللسان)
تظهر أهمية الكتاب أيضا في سياق الأسانيد، وجمعه لطرق كثيرة للحديث الواحد، حتي أن مؤلفه اعتمد على أكثر من 350 مصنفا، وبالتالي ساهم في حفظ الكثير من طرق الأحاديث والروايات التي فقد أصلها.
الهدف منه ومنهجه
أوضح مؤلفه الدافع الذي جعله يؤلف كتاب تغليق التعليق، فذكر: (وتأملت ما يحتاج إلى طالب العلم من شرح هذا الجامع، فوجدته ينحصر في ثلاثة أقسام: الأول في شرح غريب ألفاظه وضبطها واعرابها، الثاني في معرفة أحاديثه وتناسب أبوابه، الثالث في وصل الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة والمعلقة فيه…)
فيما يتعلق بترتيب الكتاب، التزم ابن حجر بترتيب البخاري لجامعه والتزم بهذا المنهج ولم يخرج إلا في موضع أو موضعين، ذكر مؤلفه: (فاستخرجت الله في جمع هذا القسم إلى أن حصرته، وتتبعت ما انقطع منه، فكل ما وصلت إليه وصلته، وسردته على ترتيب الأصل بابا بابا)